- ارتفاع مستويات سطح البحر يهدد الدببة القطبية فى القطب الشمالى والسلاحف البحرية قبالة سواحل إفريقيا
يقول علماء المناخ، إن الأرض الآن أكثر دفئًا بنحو 1.1 درجة مئوية (2 درجة فهرنهايت)، مما كانت عليه فى القرن التاسع عشر، وبناءً على التوقعات الحالية فإن درجات الحرارة العالمية سترتفع بمقدار 2.7 درجة مئوية (4.8 درجة فهرنهايت) بحلول نهاية القرن، ومن المستحيل التنبؤ بالضبط بمدى تأثير التغيرات طويلة المدى فى درجات الحرارة وأنماط الطقس على النظم البيئية الهشة والمتشابكة بشدة فى كوكبنا، خاصة أن التغييرات تمتد فى مناطق أخرى وستشعر الحيوانات بالتأثير.
وأوضح الدكتور عاطف محمد كامل أحمد وكيل كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس، خبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية باليونسكو، وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة، أن البشر ليسوا النوع الوحيد الذى تأثر بأزمة المناخ على كوكبنا، حيث تواجه الحياة البرية والموائل فى العالم أيضًا تغيرات عميقة، وأحيانًا كارثية يمكن أن تؤدى الزيادات فى درجات الحرارة إلى انهيار النظم البيئية الهشة وموجات هائلة من الانقراض، لافتا إلى أن بعض أكبر التهديدات التى يسببها المناخ للحياة البرية، هى:
1- فقدان الموائل: يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الغطاء النباتى ومصادر الغذاء والوصول إلى المياه وغير ذلك الكثير، قد تصبح النظم البيئية غير صالحة للسكن لحيوانات معينة، مما يجبر الحياة البرية على الهجرة خارج أنماطها المعتادة بحثًا عن الغذاء والظروف الصالحة للعيش، بينما يتسبب فى موت حيوانات أخرى، فإذا استمرت معدلات فقدان الموائل وتجزئتها بسبب التنمية البشرية والاحترار العالمى - جنبا إلى جنب مع الوفيات الناجمة عن الصيد الجائر - فقد نفقد أفيال إفريقيا فى الأربعين عامًا القادمة.
2- الكوارث الطبيعية: نواجه اليوم بالفعل زيادة حدوثها بمقدار خمسة أضعاف، مقارنة بما كان عليه الحال قبل 50 عامًا، فى الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ والطقس مثل الجفاف وحرائق الغابات والأعاصير، كل ذلك تسبب فى خسائر فادحة فى الأرواح والموائل والحيوانات الأليفة والحياة البرية، حيث أسفرت حرائق الغابات فى أستراليا (2019-2020)، على سبيل المثال، أحرقت 186000 كيلومتر مربع (72000 ميل مربع) ويُقدر أنها قتلت أو شردت ثلاثة مليارات من الكوالا والكنغر والحيوانات الأخرى.
3- الصراع بين الإنسان والحياة البرية: يؤدى تغير المناخ إلى تكثيف الصراع بين الإنسان والحياة البرية من خلال فقدان الموائل والظواهر المناخية الشديدة، مما يجبر الناس والحياة البرية على مشاركة المساحات المزدحمة بشكل متزايد، ومع تغير النظم البيئية، يتجول الناس والحياة البرية أكثر بحثا عن الغذاء والماء والموارد، ويؤدى الصراع بين الإنسان والحياة البرية إلى تأثير مدمر على الحيوانات المتضررة، على سبيل المثال، تفترس النمور فى بعض الأحيان الحيوانات الأليفة وتعطل سبل عيش الإنسان، مما يؤدى إلى عمليات قتل انتقامية تؤدى إلى مزيد من الانخفاض فى أعداد جاكوار المتضائلة بالفعل.
4- الانقراض: يمكن أن تتسبب مجموعة التحديات فى انقراض العديد من الحيوانات، من المرجح أن تواجه الحيوانات الأكثر عرضة للخطر فى العالم، بما فى ذلك تلك التى كانت على وشك الانقراض بالفعل، مثل: حوت شمال الأطلسى الصائب right whale، على سبيل المثال، يتأرجح على حافة الانقراض، مع بقاء ما يقدر بنحو 336 حيوانًا فرديًا، وهو أقل عدد منذ 20 عامًا. يمكن أن يؤدى ارتفاع درجة حرارة المحيط، إلى جانب الفشل فى تقليل الصراعات مع البشر (ضربات السفن والتشابك فى معدات الصيد) إلى الانقراض.
5- ارتفاع مستويات سطح البحر: درجات الحرارة آخذة فى الارتفاع والمحيطات تزداد دفئًا، وتهدد فترات الجفاف الأطول والأكثر حدة المحاصيل والحياة البرية وإمدادات المياه العذبة، ويتعرض تنوع الحياة على كوكبنا لخطر تغير المناخ فمن الدببة القطبية فى القطب الشمالى إلى السلاحف البحرية قبالة سواحل إفريقيا، يشكل تغير المناخ تهديدًا أساسيًا لهما، ولمعالجة هذه الأزمة بشكل مناسب، يجب أن نخفض تلوث الكربون بشكل عاجل والاستعداد لعواقب الاحتباس الحرارى، التى نشهدها بالفعل، ويعمل الصندوق العالمى للطبيعة من أجل: دفع السياسات لمكافحة تغير المناخ، والحد من انبعاثات الكربون ومساعدة الناس والطبيعة على التكيف مع المناخ المتغير.
وأكد خبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية باليونسكو، أن حماية التنوع البيولوجى أمر حيوى فى محاولات الحد من التغيرات المناخية، لافتا إلى أن النظم البيئية الصحية يمكن أن تمثل 37٪ من التخفيضات الكربونية اللازمة للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية، حيث تمتص النباتات والأشجار الكربون من الغلاف الجوى وتخزنه، وتعمل النظم الإيكولوجية الصحية أيضًا على تصفية المياه، وتقى من الفيضانات، وتقلل من تأثير الكوارث وتحسن صحة التربة، وتدعم التنوع البيولوجى الغنى، وتلعب الأنواع الأساسية وجميع الحيوانات تقريبًا أدوارًا حيوية، وأحيانًا غير مرئية، فى تأمين التنوع البيولوجى والحفاظ على الموائل.
وأوضح أن الحيوانات ليها أدورار أساسية فى حماية البيئة، فمثلا: الحيتان تلعب دورًا مهمًا فى دعم النظم البيئية البحرية الصحية، حيث يوفر أنبوب الحوت العناصر الغذائية للعوالق النباتية مثل: النباتات، وتلتقط العوالق النباتية كميات كبيرة من ثانى أكسيد الكربون وتحولها إلى طاقة، وتزيل الكربون من الغلاف الجوي، وعندما تأكل الحيوانات البحرية الأخرى العوالق النباتية، مثل الحيتان، يستمر الكربون فى المرور عبر الشبكة الغذائية، ويبقى خارج الغلاف الجوى ولا يساهم فى ظاهرة الاحتباس الحرارى.
كما تلعب الأفيال أدوارًا مهمة فى هندسة النظم البيئية الصحية التى بدورها تمتص ثانى أكسيد الكربون وتبقيه بعيدًا عن الغلاف الجوي، وتقوم الأفيال بتوزيع البذور وتخصيب التربة وحفر الآبار وإنشاء مسارات للحيوانات الأخرى وإخلاء المساحات التى تشجع نمو النباتات الجديدة، ويأكل حيوان "البنجولين" النمل والنمل الأبيض، ويحافظ على تنظيم تلك التجمعات، ويحفر الأوكار التى تستخدمها الحيوانات الأخرى، وكلاهما ضرورى فى النظم البيئية حيث يعيش البنجولين وتلعب العديد من الحيوانات الأخرى أدوارًا مهمة بنفس القدر فى النظم البيئية التى تعيش فيها، كل هذا يؤكد ضرورة الحفاظ على التوازن البيئى والتنوع البيولوجى للحد من آثار التغيرات المناخية.