اتصل الآن على رقم (...) واترك توقعك بنتيجة المباراة.. والفائز يحصل على جائزة قدرها (…)، هذا ما تقوم به بعض القنوات قبيل مباريات كرة القدم، من الإعلان عن مسابقة بجائزة مالية لصاحب التوقع الصحيح، وهو صورة مقننة للمراهنات التى تجرى فى أوروبا والتى تعد "قمار" فى الشريعة الإسلامية، "انفراد" استطلع آراء علماء من الأزهر الشريف حول مشروعية تلك المسابقات.
فى البداية يقول الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، ما دامت الجائزة جزءا من أرباح الرسايل ويأخذها أحد المجيبين بالإجابة الصحيحة والذى يتم اختياره دون غيره بالحظ فهو قمار محرم.
فيما قال الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الأصل فى المسابقات أنها جائزة شرعًا إذا كانت هادفة وتعود على المجتمع بالنفع العام وتحقق فيه الخير والنماء وكانت بعيدة عن القمار والميسر والمراهنة والتدليس والغرر أو الجهالة؛ وذلك لما رواه أبو داود وأحمد عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت مع النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى سفرٍ، قالت: فسابَقتُه فسَبَقتُه على رِجلي، فلما حَمَلتُ ساَبقتُه فسَبَقني، هذه بتلك السَّبقَة.
وأضاف يجوز شرعًا تحديد جائزة لمن ينجح ويسبق غيره فى حل المسابقات الهادفة والمباحة شرعًا بشرط أن تكون الجائزة من أموال المنظمين لهذه المسابقة أو من أى جهة تقدمها للفائزين، ولا يجوز باتفاق الفقهاء أن يكون مال الجائزة من جميع المتسابقين؛ بأن يدفع كل منهم القليل ليحصل بعضهم على الكثير الذى يشمل ما قام بدفعه هو وما دفعه غيره من المتسابقين؛ لأن ذلك من باب المراهنة والمقامرة والميسر الذى نهى عنه الإسلام فى قوله تعالى: {يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمرُ والمَيسِرُ والأَنصابُ والأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ}.
وعليه فإننا نفيد بأن مثل هذه المسابقات الهاتفية عبر الإذاعة والتليفزيون وغيرهما-كالفضائيات-إن كانت موافقة للشروط والضوابط الشرعية المشار إليها سابقًا فلا مانع منها شرعًا، أما إذا اشتملت على الخداع أو التدليس أو القمار أو المراهنة، وكان قصد الشركات المنظمة لها التربح من ورائها، وجعل المسابقة مشروعًا استثماريًا والحصول على أموال الناس بطريقة تحايليه، وتقديم جزء قليل من هذه الأموال فى صورةِ جائزة فتكون هذه المسابقات محرمة شرعًا.
من جانبه يقول الدكتور على محمد الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر،إن المسابقات التى تُقام عن طريق رسائل (SMS) بتكلفة الرسالة العادية لأى شبكة من الشبكات فإن الأمر لا حرج فيه إن كان نافعًا للناس، أما إن زادت قيمة الرسالة عن القيمة المعتادة كان هذا ضربًا من المقامرة، أما ما يتعلق بشأن إقامة مسابقة عبر بعض القنوات الداعمة للمباريات وتتعلق بإرسال رسائل نصية على رقم مختصر من شأن هذا الزعم أن تتوقع الفريق الفائز وفى نهاية الأمر يتم اختيار شخصية لتقديم مبلغ مالى أو هدية عينية كسيارة أو ما شابه للفائز، فهذا ضرب من المقامرة أيضًا لا يجوز بأى حال من الأحوال، فإن الهدف من هذه المسابقة المزعومة جمع أكبر كمًا من المال وتقديم جزء ربما لا يُذكر لشخص أو أكثر، فهذا هو عين الميسر (القمار) قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وتابع: ولقد ذكر الإمام الماوردى فى كتابه (الحاوى الكبير) تعريف الميسر فقال: "هو الذى لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانمًا إن أَخَذ، أو غارماً إن أَعْطَى" ـ وهذا بالضبط ما يحدث فى هذه المسابقات فإن الراسل يصيبه غرم
ومن المعلوم أن جملة من الضوابط الشرعية لدخول المسابقات تندرج فيما يلى:
1 ـ أن تكون الجائزة خالية من القمار لعموم الآية السابقة .
2 ـ أن تكون الجائزة خالية من الغرر: أى الشيء غير المعلوم .
3 ـ أن تكون الجائزة خالية من الربا أى خالية من أى عوض مشروط ـ والعوض مشروط فى نحو هذه المسابقات .
4 ـ أن لا يكون الهدف من هذه الجوائز أكل أموال الناس بالباطل، ومن المعلوم أن الهدف الرئيسى من هذه المسابقات هو جمع أكبر قيمة من المال، وبهذا تحقق فيهم أكل أموال الناس بالباطل فكانت مسابقاتهم مردودة عليهم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (النساء:29) لأن الأصل فى المال هدف الحفظ والبذل فى سبيل الله تعالى، وهذه المسابقات لا طائل منها إلى ضياع أموال الناس وأكلها بدون وجه حق .
ويشترط فى الجائزة أن تكون مبذولة من صاحب المال نفسه القائم على أمر المسابقة مثلًا القناة تخرج من ذمتها المالية لا من تحصيل المبالغ من المرسلين رسائل نصية بمبالغ باهظة، وأن يكون الهدف من المسابقة إثراء الناحية الفكرية والعلمية وهذه المسابقات المزعومة لا طائل منها أصلًا.
الأزهر الشريف يعرب عن قلقه من تصاعد الأحداث فى إقليم كشمير