"اسألوه هو.."، بهذه الكلمات فاجأنا الشيخ ياسر برهامى، الرجل الذى لا تغيب عنه شاردة ولا واردة من شؤون حزب النور والدعوة السلفية، فى إشارة إلى نادر بكار ، مساعد رئيس حزب النور لشؤون الإعلام، بشأن ما تردد عن لقائه سرًا بـ"تسيبى ليفنى"، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وعضو الكنيست، في جامعة هارفارد الأمريكية بناء على طلب السلفى الشاب بعد أن ألقت الوزيرة الإسرائيلية محاضرة عن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، حضرها "بكار "بصفته أحد طلبة الماجستير.
قيادات السلفية يتهربون
وردا على تأكيد صحيفة "انفراد" المصرية لـ"برهامى" بأن "نادر" لا يمثل نفسه وإنما الدعوة والحزب ولا بد من توضيح رسمى، قال نائب رئيس الدعوة السلفية: "ليس لى علاقة بهذا الأمر، وأنا ممتنع عن الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام منذ فترة".
بعيدا عن تهرب "برهامى" وصمت "بكار"، فإن اللقاء الذى استغرق ما يقرب من 40 دقيقة، عكس تحولا خطيرا فى أدبيات الدعوة السلفية وذراعها السياسية "حزب النور"، يبدو أنه تمثل فى رغبة "جامحة" وطموح سياسى لا حدود له فى تسويق حزب النور وشعبيته فى مصر، وأنه كان أحد أهم أسباب صعود جماعة الإخوان بعد ثورة 25 يناير، وسيطرتها على أغلبية مجلس الشعب ووصولها لسدة الحكم فى 2012، كما أن الحزب يسعى للسلطة عبر المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية خاصة أن له 12 نائبا فى مجلس النواب الحالى.
طموح "النور" السياسى ليس وليد لقاء "بكار – ليفنى"، بل يعود لـ 5 سنوات مضت، حيث التقى الدكتور يسرى حماد، المتحدث السابق باسم حزب النور مع إذاعة الجيش الإسرائيلى، عقب تأسيس حزب النور بأشهر قليلة وبالتحديد فى شهر ديسمبر من عام 2011، عقب ثورة 25 يناير، وأكد وقتها يسرى "حماد"، الذى أنشق عن الحزب وشارك فيما بعد بتأسيس حزب الوطن، أنه سيحترم اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1979.
خبراء سياسيون، يرون أن حزب النور يطمع فى الوصول للحكم ويكون ضمن تشكيل الحكومة، وقد يدفع بعدد من كوادره لتولى حقائب وزارية، حيث إنه شارك فى الحياة السياسية فى إطار السلطة التشريعية وله نحو 12 عضوًا بالبرلمان وشارك في إعداد الدستور والإنتخابات على عكس موقف جماعة الإخوان، لكن أن تكون البوابة "تسيبى ليفنى" وإسرائيل فهو بداية السقوط والفشل للحزب الطامح فى السلطة.
حزب النور مع حاخامات اليهود
ومن اللقاءات التى لا تنسى، ومحفورة فى الأذهان، لقاء القيادى بحزب النور، والبرلمانى السابق عن الحزب النور وجيه الشيمى، مع أحد حاخامات اليهود، منذ ما يقرب من شهرين، والذى أثار جدلا واسعا، لكن الحزب سرعان ما خرج وقال إنه لا علم له باللقاء على الإطلاق، وأن ما قام به الشيمى لا يعبر عن الحزب .
وأصدر الحزب عقب انتشار الواقعة ونشرها عبر صحف إسرائيلية، بيانا أعلن فيه تشكيل لجنة تحقيق من قيادات الحزب للتحقيق فى اللقاء الذى تم بين الشيمى والحاخام اليهودى، إلا أن الحزب ورغم مرور ما يقرب من شهرين لم يعلن عن نتائج هذا اللقاء.
أزمة تلوح فى الأفق وتهدد بإنشقاقات فى الحزب
بعد تشكك لم يدم طويلا، أكدت الإذاعة الإسرائيلية العامة (الرسمية) صحة التقارير الصحفية التي تحدثت عن اللقاء ونشرت بعضا من تفاصيله، وقالت:"امتنعت النائبة فى الكنيست تسيبي ليفنى عن التعقيب على ما نشر حول لقائها المتحدث باسم حزب النور السلفي نادر بكار فى جامعة هارفارد الأمريكية قبل 3 أشهر".
لا يمكن بأى منطق، تصور أن تكون خطوة "الشاب السلفى"، الحاصل على درجة الماجستير فى الإدارة الحكومية من جامعة هارفارد الأمريكية، ولقائه عميلة المخابرات السابقة دون "مباركة برهامية" أو الرجوع إلى قيادات حزب النور، التى تجاهلت هذه الأنباء ورفضت التعليق، وقد تنتهى الأمور بأزمة انشقاقات داخل الحزب السلفى، خاصة أن بيان توضيح الأمور قد طال انتظاره.
"لقاء ليفنى"، هو امتداد وسير لحزب النور السلفى على نهج جماعة الإخوان فى مغازلة الغرب والسعى دائما للحصول على "الضوء الأخضر"، حيث التقى قادة الجماعة الأمريكان فى 2011 و2012 حين زار مكتب الإرشاد على مدار العامين حوالى 12 من كبار الساسة الأمريكان وفى مقدمتهم آن باترسون سفيرة أمريكا فى مصر ووليم بيرنز مساعد وزير الخارجية (فى زيارته لمقر حزب الحرية والعدالة 10/1/2012).
بيان باهت
حزب النور، الذى يرفض تهنئة الأقباط المصريين فى أعيادهم، يلتقى أحد رموزه تسيبى ليفنى "عميلة الموساد"، انتظر أكثر من 72 ساعة ليصدر بيانا يوضح فيه الحقيقة، لكن "تمخض الجمل فولد فأرا"، حيث اكتفى الحزب السلفى ببيان باهت مدح فيه "بكار" ووصفه بـ"الواجهة المشرفة لمصر"، وأشار إلى أن كل نشاطات "طالب هارفارد" كانت في إطار الجامعة والكلية التي يدرس فيها، ولم يتعد ذلك، وبصفته طالبا كباقي الطلاب، وليس بصفة حزبية أو أي صفة أخرى.
"ذاكرة المصريين" من ستحدد مصير حزب النور خلال الفترة المقبلة، وسيعلق لقاء "بكار – ليفنى" بالأذهان ولن ينمحى بسهولة كما يتصور "البرهاميون" ، وستكون قوائم التطبيع "السوداء" مع العدو الإسرائيلى، بانتظار قيادات السلفيين الطامحين فى السلطة، بل قد يطالهم مصير عضو مجلس النواب المفصول، الذى عوقب ضربا بالحذاء تحت القبة بعد تحديه لإرادة الشعب عقب لقائه السفير الإسرائيلى فى منزله.
نادر بكار.. سياسى ذاع صيته عقب ثورة يناير 2011 كأحد الوجوه الشبابية المعبرة عن التيار الإسلامى؛ عمل متحدثا رسميا لحزب النور السلفى؛ وانتخب عضوا بلجنة كتابة الدستور فى العام 2012 ليصبح أصغر أعضائها سنا 28 سنة. قبل أن يحصل على منحة دراسية بجامعة هارفارد للحصول على الماجستير فى الإدارة الحكومية.