يعد قطاعا السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، أهم المصادر للعملة الصعبة للاقتصاد المصرى، وغيره من اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يسهمان فى دعم أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى، ولكن هذين القطاعين من أكثر القطاعات حساسية للتوترات الأمنية والاضطرابات السياسية والعسكرية.
وعندما تصاعدت وتيرة أحداث حركة الجيش فى تركيا، وانشقاق أحد فصائل الجيش التركى، ثم عودة زمام السلطة مرة أخرى إلى حكومة رجب طيب أردوغان، فإن التداعيات الاقتصادية والسياسية، التى سوف تطال الاقتصاد التركى والذى يعد الـ18 عالميًا من حيث حجم الناتج المحلى الإجمالى، بأكثر من 730 مليار دولار، سوف تمتد لفترة ليست بالقليلة من الاضطرابات والإصلاحات السياسية المتوقعة، وهو ما يمثل فرصًا جيدة للاقتصاد المصرى، الذى يعانى من أزمة شح العملة الصعبة.
وفى عام 2012 شهدت تركيا تدفقات سياحية بأكثر من 40 مليون سائح، تراجعت على مدار العامين الماضيين، إلى نحو 35 مليون سائح، وهو رقم كبير مقارنة بالعديد من الاقتصادات الكبرى التى تعتمد على السياحة عالميًا، وتجتذب تركيا استثمارات أجنبية مباشرة بما يتراوح ما بين 13 و15 مليار دولار سنويًا.
وعند النظر إلى أرقام قطاعى السياحة والاستثمارات فى تركيا فإنهما مرشحان للانخفاض خلال الفترة القادمة نتيجة للأحداث الإرهابية التى شهدتها تركيا على مدار الشهور الماضية، إلى جانب التداعيات السلبية المتوقعة التى سوف تتبع حركة الجيش الذى شهدته تركيا خلال الساعات الماضية، والممتدة حتى الآن بحملة اعتقالات وتطهير لحركة الجيش، والتى طالت ما يزيد على 1600 معتقل.
وتمثل التدفقات الاستثمارية والسياحية التى سوف تتراجع فى تركيا، فرصة هامة للاقتصاد المصرى القريب جغرافيًا من الأسواق الأوروبية والآسيوية، لجذب تلك التدفقات التى تدر عشرات المليارات من الدولارات، وهو ما يتطلب حزمة من الإجراءات والحوافر الاستثمارية من الحكومة المصرية، إلى جانب حملة دولية للترويج للمقاصد السياحية المصرية، فى السواق المستهدفة، بعد الاستقرار الأمنى الملموس فى مصر حاليًا.
وتتمثل مصادر العملة الصعبة ذات الأهمية للبلاد، فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات الصادرات، إلى جانب المساعدات والمنح والودائع من دول الخليج وتركيا التى دعمت أرصدة الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة الماضية، وبعض تلك القطاعات تأثرت بالفعل على مدار السنوات الـ5 الماضية نتيجة الاضطرابات، خاصة قطاعى الاستثمارات والسياحة.
وتعد السياحة أهم وأسرع موارد العملة الصعبة دعمًا للاحتياطى الأجنبى لمصر، ويتطلب ذلك خطة شاملة للترويج السياحى للمقاصد المصرية فى الخارج، للعمل على تغيير الصورة الذهنية التى أعقبت 3 حوادث طائرات شهدتها مصر خلال الشهور القليلة الماضية، إلى جانب الاهتمام بحوافز الاستثمار التى تعد أحد أهم الموارد للنقد الأجنبى لجذب تدفقات رؤوس الأموال خاصة فى قطاعات مثل إقليم قناة السويس، والمشروعات القومية العملاقة التى تنفذها مصر فى الوقت الحالى.
وتسجل أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر حاليًا 17.546 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضى، مقارنة بـ17.521 مليار دولار، فى نهاية شهر مايو 2016، بارتفاع قدره نحو 25 مليون دولار.
ويعد ترشيد الاستيراد من الخارج أحد أهم الأهداف للحكومة المصرية، حيث تستورد مصر من تركيا العديد من السلع أبرزها حديد التسليح، والسيارات والمنسوجات، وهى فرصة للاهتمام بتطوير المنتج المحلى المصرى، وترشيد الواردات المصرية من تركيا، إلى جانب تعزيز الصادرات المصرية للخارج، خاصة فى الأسواق التى تعد هدفًا سوف يتأثر من الأحداث التركية.
ويحين موعد رد الوديعة التركية لدى مصر بقيمة مليار دولار، خلال أكتوبر 2017، وهو موعد الاستحقاق الرسمى للوديعة والبالغ 5 سنوات، حيث تلقتها من تركيا على شريحتين بقيمة 500 مليون دولار فى أكتوبر 2012، و500 مليون دولار أخرى فى يناير 2013، خاصة أن رد الودائع تحكمه اتفاقيات دولية، ليتم ردها عند استحقاق أجلها حسب الاتفاقية الموقعة بين البلدين.