"اللبة" وفى مسمى آخر "القرص" رغيف العيش السيناوى، الذى يتم طهيه بالدفن فى الرمال الساخنة حتى نضجه بمهارة تمنع التصاق حبيبات الرمل به حتى أصبح أشهر رغيف عيش شعبى مصرى يطهى بطريقة طبيعية وبلا أى تدخل صناعى وغازات ووقود.
عادة بدوية متوارثة
حرفة طهى اللبة عادة بدوية متوارثة بين بدو سيناء حتى يومنا هذا، حتى أنها أصبحت فى الأيام الأخيرة تقليدًا يمارسه الشباب فى رحلاتهم الخلوية، وامتد الشغف بها من سكان المناطق القروية والنائية، لسكان المدن حتى إنه لم يعد مشهد تجمع الشباب حول نيران مشتعلة فى مساحات الفضاء بين الشوارع الجانبية أمرًا مستغربًا فهم يلتفون حول صانع "اللبة" فى انتظار نضجها .
طهى "اللبة "
طهى "اللبة" أو "القرص" يسبقه تحضيرات مهمة لعجين الدقيق، وتجهيز موضع الطهى، كما قال "أحمد عبدالله" أحد الشباب بالعريش، والذى رصد "انفراد" عمله أثناء إعداده اللبة فى منطقة رملية بحى المساعيد غرب العريش، وأنه يختار مكانا مناسبا يشعل فيه النار فى الحطب الذى يخلف جمرًا مشتعلًا يسخن الأرض حتى درجة حرارة تزيد عن 100 درجة مئوية بالتقدير وليس القياس الفعلى.
وأضاف أنه بالتزامن مع إشعال النيران وتجهيز مكان طهى اللبة، يقوم بعجن الدقيق ويفضل الدقيق الخشن بالردة وإعداد القرص بأحجام مناسبة لتناوله، وبالتقريب لا يقل عن قطر 15 سم وسمك من 2 إلى 3 سم .
الجمر المشتعل
وتابع قائلا "إن صانع "اللبة" بعد الانتهاء من تجهيز القرص ينتقل للنار المشتعلة ويزيح الجمر المشتعل جانبًا مستخدمًا قطعة خشبية ويعد موضعا لإلقاء القرص فى هذا المكان الذى يصبح بدون جمر ولكن النيران تكاد تشتعل من شدة الحرارة، وبمهارة يمسك بالقرص ويلقيه فى هذا المكان ثم يدفنه برمل آخر ساخن من جانبه وفوق الرمل يعيد إزاحة الجمر ثم يجدد إشعال النيران فوق القرص الجاثم بين الرمال" .
المرحلة الثانية
وبعد فترة وجيزة تتراوح من 10 إلى 20 دقيقة يبدأ المرحلة الثانية من الطهى بإزاحة الجمر والرمل من على وجه القرص ويطرق عليه بالعصا ليتأكد أنه نضج ثم يكمل إزاحة كل الرمل الساخن ويبدأ تحويله للوجه الثانى الذى كان فى الأسفل ويدفنه مجددا فى الرمل ويعيد إشعال النار عليه وبعد التيقن من اكتمال النضج من الجانبين ينتشله من الرمل ويضعه على قطعة قماش جاهزة لاستقباله ثم ينتقل لمرحلة "طبه" وهو تنظيفه مما علق به من أتربة ورماد وبعض الجمرات، ثم تقطيعه .
وجبة سريعة
وقال "مسلم عايد" من كبار السن فى سيناء، إن صناعة اللبة لم تكن بالنسبة لهم رفاهية فى الماضى فهى وسيلة إعداد الخبز السريعة، ومن الملفت للنظر فى مشهد صناعة اللبة كما يقول إنها تتم وفق إمكانيات بسيطة، وتعتمد على مهارة من يصنعها ولا يتطلب الأمر إلا توافر عناصرها وهو الدقيق والماء والملح والحطب، كما أن ما يلفت النظر فيها هو أنها تتم بالدفن فى الرمال دون أن تلتصق بها حبة رمال واحدة لأنها تنضج وتتماسك .
تناول "اللبة" فى الفت
وتابع "ياسر حامد" من أبناء مدينة العريش، أن صناعة القرص السيناوى، لا ينتهى عن نضجه فهو حتى يكتمل الاحتفال به يستحسن أن يتم تناوله مغموسا بطريقة الفت فى طبيخ العدس فى فصل الشتاء، واللبن فى فصل الربيع، وفى الصيف يفضل تناوله مع "العجر" أو "الشوى" وهو "البيطيخ" الذى لم ينضج ويتم شويه وخلطه بالطماطم والثوم وزيت الزيتون والفلفل، أو الباذنجان المشوى.