فى ضاحية أقرب إلى الأراضى الزراعية غرب قرية نواج التابع لدائرة مركز طنطا، تقطن أسرة "فاطمة السيد عبد العزيز لاشين" صاحبة المركز الأول على مستوى الجمهورية فى الثانوية الأزهرية شعبة العلمى.
أسرة البسيطة المكونة من أب وأم وفاطمة الكبرى التى تفوقت فى الثانوية الأزهرية وصارت فخرا لأهلها ومصر كلها، وشيماء فى الصف السادس الابتدائى، وأخ صغير.
تعيش الأسرة شأن أى بيت مصرى لأب مكافح موظف بسيط يعمل فى مجلس المدينة نهارا ويعمل فى مخبز ليلا، لتحسين الدخل حتى يستطيع الإنفاق على أولاده وتعلميهم من حلال، وأم قطعت على نفسها عهد تربية جيل يتقى الله علميا وعمليا، بداية من التربية فى كتاب القرية وحفظ القرآن الكريم.
البداية فى حفظ القرآن الكريم
وسط هذه الفرحة العارمة كانت الفتاة التى رفعت رأس والدها القروى البسيط، وشرفت أهالى قريتها بالكامل بل محافظة الغربية ومصر كلها، تجلس رغم الإرهاق الواضح عليها جراء المجهود الكبير الذى بذلته فى الامتحانات، فى عام كامل من المذاكرة والتركيز، والعكوف على عبادة الله وطاعة والديها حتى ظهور النتيجة، وجهها يضحك ابتسامة مستبشرة، وقالت إن البداية فى القرآن الكريم والتفوق فى الكتاب وحرص أبى وأمى وجدى عليه رحمة الله على أن أكون من حفظة كتاب الله، ومن طالبات الأزهر الشريف، ورغم عشقى للطب وأمنياتى للالتحاق بكلية طب الأزهر، إلا أن العلوم الشرعية لها مكان خاصة فى عقلى وفكرى، وكم كنت أتمنى أن ألتحق بالطب لأكون نموذجا للطبيبة المسلمة التى تتقن العلوم العلمية والعلوم الشرعية معا، ومن يومى وأنا أبدأ مذاكرتى اليومية بقراءة جزء من القرآن الكريم ومراجعة الحفظ.
الكتاب المدرسى واليوم الدراسى سر التفوق ومدرس الفصل
وبعكس السائد بين طلاب وطالبات جيلها ومعظم من يحققون تفوقًا فى الثانوية الأزهرية، قالت فاطمة الكتاب المدرسى والحضور فى المدرسة والمتابعة مع مدرس الفصل سر من أسرار التفوق العلمى والأدبى، مشيرة إلى أنها لم تأخذ دروس سوى هذا العام بسبب عزوف زميلاتها عن الحضور فى المعهد، فاضطرت لمواكبتهم والحضور فى دروس مجموعات ليست خاصة، وكانت تذهب للمعهد للاستماع لمدرسات الأزهر، ومراجعة الكتاب المدرسى.
مكالمة الإمام الأكبر رفعت رأسى ومقدرتش أتمالك دموعى
"مصدقتش نفسى أول ما سمعت الخبر عيطت وسجدت لربنا شكر، وفوجئت بفاطمة تسجد هى أيضا فى الشارع، والجيران حوالينا، وراسى مرفوعة للسما" بهذه الكلمات بدأت والدة فاطمة الحديث بعد أن اختلطت دموعها بابتسامتها وشكرها لله عز وجل مبينة أنها كانت تتوقع أن تحصل ابنتها على مجموع 98% وكانت كل ما تتمناه أن تسمع اسم ابنتها من أوائل الغربية من خلال راديو إذاعة القرآن الكريم.
وقالت والدة فاطمة كنت بصلى طوال شهر رمضان وأدعوا لابنتى بالتفوق حتى يعوضها الله تعبها طوال السنين اللى فاتت، فقد كانت مجتهدة ولا تضيع وقتا، وتواصل الليل بالنهار من أجل المذاكرة، وحينما كنت أطلب منها الراحة، ترفض وتؤكد حرصها على التفوق، والحمد لله ربنا رضانى ورضا بنتى بما نستحقه وزيادة ألف حمد وألف شكر ليك يا رب.
اتصال من رقم غريب مفاجأة دوت فى أرجاء القرية
وقالت فاطمة وهى مبتسمة إن أول معرفتها بالنتيجة كانت مفاجأة تشبه الصدمة، حيث رن هاتفها مساء أول أمس، وفتحت لتسمع هذا الحوار.
ألو مين حضرتك؟
أنا شيخ الأزهر يا فاطمة.
مين يا افندم؟؟
إيه يا بنتى أنت لسة متغدتيش ولا إيه؟ عموما هقولك خبر يفرحك أنت حصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية.
حضرتك تقصد الغربية؟
لا يا فاطمة أنت الأولى على مستوى الجمهورية ورفعت رأسنا.
سكوت من صدمة البشرى والفرحة.. ألو يا فاطمة طيب إدينى بابا وماما أبارك لهم.
بكاء هستيرى وسجود على الأرض حمدا لله وهتافات تملأ الشارع وتجمهر الأهالى والجيران لتقديم التهانى.
وانتقلت المكالمة لوالدة فاطمة التى صرخت من فرحتها وعبرت عن شكرها وامتنانها لاتصال شيخ الأزهر، مشيرة أن التكريم الحقيقى هذه المكالمة التى أثلجت صدروهم وعوضتهم ليالى السهر والتعب.
الثانوية الأزهرية ليست "بعبع" كما يطلقون عليها
وقالت فاطمة إن الثانوية الأزهرية ليست "بعبع" كما يطلقون عليها، وتهرب منها الفتيات والطلاب، بالعكس أثبتت أنها أفضل من الثانوية العامة، خاصة هذا العام بعد وجود الامتحانات فى مستوى الطالب المتوسط وكذلك مراعاة الضمير فى التصحيح فكل طالب أخذ حقه وأكثر مما يستحق، وسط كمية التسريبات التى طالت امتحانات الثانوية العامة، وتأجيل الامتحانات ما جعل هناك هيبة وخوف من الطلاب ومواجهة دخول اللجنة.
وناشدت فاطمة جميع الطلاب الهاربين من الأزهر بالتركيز والحفاظ على ما تعلموه من العلوم الشرعية والعربية، مشيرة أن الامتحانات فى مستوى الطالب المتوسط، وهناك ضمير فى التصحيح والمراجعات وكل يأخذ حقه، ومن يذاكر فى التربية والتعليم يذاكر فى الأزهر.
والد فاطمة بنتى عوضتنى خير وكل الشكر لشيخ الأزهر
ومن جانب آخر عبر "السيد عبد العزيز لاشين" والد فاطمة عن سعادته البالغة بابنته الكبرى التى توجت تعبه بإدخال هذه الفرحة الكبيرة على قلبه، وقلب والدتها مبيننا أنها ابنة بارة به وبوالدتها وأنها تحفظ القرآن الكريم كاملا وأنه حرص على تربيتها هى وأخواتها على القرآن الكريم وحفظه منذ الصغر والتحاقهم بالأزهر الشريف فتوج الله تعبه بتفوق ابنته دينيا ودنيويا.
وقال لاشين إن مكالمة شيخ الأزهر أذهبت كل تعب السنين الماضية وعوضته خيرا، وتنهد قائلا ربنا كريم وعنده العوض، وقدم الشكر لشيخ الأزهر على مكالمته التى كانت مكافأة قيمة، كما قدم الشكر لمدرسين المعهد جميعا وكل من ساعد فاطمة بدءا من جدها عليه رحمة الله وحرصه على تعليمها القرآن الكريم، وتمنى من الله أن يكون ابنه وابنته الأخريين فى مستوى فاطمة علميا وأدبيا.
مدرس فاطمة: الأزهر منارة علمية وقامة أدبية
ومن جانبه قال السعيد القدح مدرس بمعهد سعيد القدح للفتيات وأحد مدرسى فاطمة إن الأزهر الشريف منارة علمية وقامة أدبية، ومن يتعلم فيه فقد نال كل الشرف، وأشاد القدح بدور مشيخة الأزهر الشريف فى تنظيم الامتحانات والتصحيح والمراجعات، وقال على التربية والتعليم أن تحذوا حذو الأزهر فى وضع الامتحانات والمراجعات وأعمال التصحيح والمراقبة.
وأكد أن الأزهر خلال السنوات الأخيرة حافظ على مستواه العلمى، وأعطى كل طالب حقه، بعد منع الغش الجماعى ومحاربة هذه الظاهرة بكل أشكالها حتى يصل الحق لمستحقيه من الطلاب المميزين، ولرفع مستوى الطالب الجامعى.