حكايات الحب والوفاء داخل مستشفى الخانكة.. جامعية جميلة تقبل الزواج من مريض نفسى لمساعدته على الشفاء.. أم مسنة من الصعيد تعثر على ابنها من ذوى القدرات الخاصة داخل المستشفى بعد رحلة بحث استمرت 20 عاما

** يفقد وظيفته ويصفى شركته ويعود من رحلة عمل ناجحة بالخارج من أجل رعاية شقيقه المصاب بمرض نفسى ** شباب حضروا لزيارة عمهم ولم يعلموا بوفاته بعد سنوات من عزلته ويعودون بجثته لدفنها فى مقابر الأسرة على أطراف محافظة القاهرة وفى منطقة صحراوية وقتها تم افتتاح مستشفى الخانكة، وكان يضم عشرات الأفدنة والمتمعن فى اختيار الموقع يجد أن هناك توافقا عجيبا بين اختيار الموقع والهدف الذى أنشئ من أجله ، فلم يكن الأمر محض مصادفة بل جاء ليتناسب مع مهمته الأساسية فكأنما أراد أن يتفرد عن غيره من الأماكن بأن يبتعد بنزلائه عن حياة الصخب والأرق لينعموا بالهدوء الذى افتقدوه والسكينة التى يحلمون بها. فى مستشفى الخانكة الأسوار أقرب إلى اليد التى تحتضن سكانها لتمنحهم الأمان والدفء وبعد عبور البوابة الضخمة التى يتميز بها المستشفى بلافتتها الشهيرة التى دونت عليها «مستشفى الخانكة»، فصارت رمزا ومعلما شهيرا للمنطقة أو للمحافظة بأكلمها لقدمها وشهرتها، تشعر وكأنما تسير فى متحف فكل بقعة تحمل ذكرى معينة فبين جدرانها كانت توجد العديد من الأسماء الشهيرة التى ذاعت شهرتها فى وقت ما أو تنتمى لإحدى العائلات العريقة وانتهى بها الحال هنا. فى مستشفى الخانكة لا تنتهى القصصص باعتبارها أقدم مشفى حيث تم بناؤه فى أوائل القرن الـ19 وأكبره مساحة وتبلغ مساحته 176 فدانا، للصحة النفسية فى مصر هناك دائما مزيد من الأسرار التى لم تفصح عنها أو الحكايات التى تستحق أن تروى فقط عليك بعدم التعجل والتروى لتفصح لك عما تحتويه من أسرار وفك شفراتها وخلال تلك الزيارة لمستشفى الخانكة، وعبر السطور التالية سيتم التعرف على أغرب القصص التى مرت عليها من خلال سجلات المرضى أو عبر أقدم العاملين بها، والتى بالطبع لا يمكن إحصاؤها ولكن يكفى التعرف على أشهرها من قصص الحب والوفاء لا تقال شفهيا إنما مورست عمليا وتحولت لواقع داخل أسوار ذلك المستشفى وأصبحت أمثلة يتناقلها العاملون بها لتصبح قدوة وبوصلة للاهتداء بها. الأم هى السند «أمك هى جيشك الوحيد».. عبارة شهيرة يتم تداولها بكثرة، ولكنها تحمل أكثر من معنى ودلالة ففى الوقت الذى قد يدير ظهره لك أقرب الأقربين ويتخلى عنك من حولك دائما ما ستجد الأم حامية وراعية ومساندة وهى ليست معانى تسطر أو كلمات تكتب فقط، بل مواقف حاضرة ومنها ما كان شاهدا عليه بحكم عمله خالد حمدان مدير إدارة شؤون المرضى الذى كان حريصا على الرجوع للملفات للتأكد ومراجعة القصة أو التأكد من التواريخ أو استحضار تفصيلة معينة. وقال: كنت شاهدا على تلك الحكاية الغريبة التى قد لا أصدقها إن روت أمامى، فخلال العام الماضى وخلال عملى المعتاد فوجئت بسيدة سبعينية العمر تدخل مهرولة دون استئذان وتتساءل بلهفة «ابنى عندكم؟» لم تنتظر أى إجابة ودون أن تلتقط أنفاسها أخرجت إحدى الصور لشاب فى أوائل العشرينات وتطلب منا البحث عنه وبعد أن قمنا بتهدئتها عرفنا أنها من الصعيد وحضرت إلى المستشفى بعد رحلة من البحث المضنية، شملت العديد من المصحات النفسية الأخرى بعدد من المحافظات الأخرى بناء على اقتراح من أحد الأشخاص بعد معرفته بحالة ابنها الصحية وكانت المفارقة هى العثور على ابنها بعد أن تمكنا من التعرف عليه من خلال الاستعانة بوصف الأم والصور والمستندات التى كانت تحملها وهو الأمر الذى أصابها بالصدمة غير مصدقة بأنها عثرت على ابنها المفقود منذ ما يقرب من 20 عاما كانت رافضة طيلة هذه السنوات التسليم بوفاته أو استحالة عودته كما كان يؤكد لها أفراد أسرتها والمقربون لها وقتها، وخلال فترة استدعائه من أحد العنابر التى لم تستغرق دقائق لم تتوقف عن الدعاء والابتهال إلى الله أن يكون ذلك الشخص هو ابنها الذى تم إيداعه بالمستشفى منذ عدة سنوات، بعد أن ظل هائما على وجه شهورا وتنقل من مكان لآخر ولم يتم التعرف على بياناته بسبب حالته الصحية حتى تم تسليمه إلى مستشفى الخانكة التابعة لمحافظة القليوبية وظل بها طوال هذه السنوات. مشهد سينمائى «مشهد سينمائى».. هكذا يصف مدير إدارة شئون المرضى لحظة لقاء النزيل بأمه التى افتقدها منذ أكثر من 20 عاما والذى تبدلت حالته من السكون والعزلة وعدم رغبته فى مخالطة من حوله وهى السمات التى كانت مميزة طوال مده علاجه بالمستشفى إلى الفرحة الشديدة وسرعان ما شاهدناه يقفز إلى حضن والدته كالأطفال فور رؤيتها والتى أسرعت نحوه تاركة العكاز الذى كنت تتكأ عليه نظرا لكبر سنها، ولكن بطبيعة الحال لم يتم تسليمه لها إلا فى الزيارة التالية لاستكمال المستندات وفوجنا بها فى الزيارة التالية حاضرة ومعها وليمة بالمعنى الحرفى تشتمل على طيور ولحوم وملابس جديدة لابنها حتى تعود به فى أبهى صورة. الرعاية وكسر القاعدة كان ذلك المشهد أكبر الأثر فى قلوب العاملين بالمستشفى خاصة من الذين كانوا شهودا على القصة من بدايتها لذلك كانت هناك رغبة شديدة فى معرفة تفاصيل هذه القصة وكيفية فقده وغيابه عن الأم وأسرته التى تنتمى إلى أشهر العائلات بالصعيد ليتحول إلى نزيل بمستشفى لخانكة بمحافظة القليوبية. ويقول مدير شؤون المرضى: نشأ النزيل «ص» فى أسرة ميسورة الحال تنتمى إلى أشهر عائلات الصعيد وهو الشقيق الأصغير لأخ يعمل فى رعاية مصالح الأسرة وتجارتها الواسعة بعد وفاة والدهم وبحكم أنه ينتمى لذوى القدرات الخاصة «الصم والبكم»، مع معاناته من بعض الاضطرابات العقلية، فقد تم شموله برعاية خاصة من جانب الأم التى كانت حريصة على مراقبته طوال اليوم إلا أنها وخلافا للعادات المتبعة خاصة فى بعض محافظات الصعيد وهى إخفاء هؤلاء الأطفال فقد تم الخروج عن هذه القاعدة من جانب الأم وعملت على إحضار بعض المعلمين والمتخصصين لهذه الحالات لتعليمه بعض الأساسيات ومنها كيفية التعبير عن نفسه، وحاجته للطعام، وغيرها، ولم تقتصر الرعاية على ذلك فقط بل امتدت لتشمل متابعة إرثه من والده وحساباته المالية وأرضه، وبناء منزل خاص له على أمل تزويجه بحسب ما قالته الأم لنا. وتابع: ولكن الأم فوجئت باختفائه وعلى الرغم من كل الجهود التى بذلتها الأم إلا أنها فشلت فى العثور وطوال هذه السنوات لم تيأس من العثور عليه وكانت حريصة على تجنيب أمواله بعيدا عن حسابات الأسرة وكذلك تم فرش منزله الذى كان من المفروض أن يشهد زواجه بالكامل وبعد رحلة بحث مضنية لم تيأس خلالها من العثور على ابنها وكانت تؤكد باستمرار أن ابنها حى وسوف يعود وهو ما تحقق بالفعل. عفريت الليل وفى القصة التالية كنا على موعد لقاء مع عم «عونى»، أقدم العاملين بالمستشفى وشاهدا على العديد من الحكايات والمواقف التى حفرت وهو خزينة أسرار بالمعنى الحرفى الكلمة تضم العديد من الحكايات المختلفة. ويقول عم عونى أو كما يطلق «عفريت الليل» بسبب تجوله ليلا فى المستشفى وأقسامها المختلفة للتأكد من سلامة النزلاء: مررت بالعديد من المواقف ولكن كان أشهرها هو وجود نزيل فى أحد الأقسام النفسية كان يعالج بالمستشفى لمدة خمس سنوات بسبب معاناته من بعض المتاعب النفسية، وكانت أمه ترغب بتزويجه على أمل إدخال الفرحة إلى قلبه ومشاهدته يزف إلى عروسته قبل وفاتها بعد أن تقدم بها العمر، وهى الرغبة التى عبرت عنها كثير خلال زيارتها التى لم تنقطع خلال مدة وجود ابنها بالمستشفى وكانت تصطحبها خلالها شابة جميلة فى نهاية العشرينات. رد الجميل وتابع: وفى إحدى المرات فوجئنا بهذه الشابة تبدى رغبتها فى الزواج من هذا الشاب وهو ما أثار فضولنا جميعا فهى ما زالت فى مرحلة الشباب، وتتمتع بقدر من الجمال، وحاصلة على مؤهل عال وهو ما أثار فضول البعض وبسؤالها.. قالت رد لا يمكن نسيانه: أردت أن أتقرب إلى الله بهذه الزيجة بجبر قلب هذه السيدة المسنة التى فى مقام والدتى فهى التى ربتنى وأولتنى رعايتها بجانب شعورى أن ابنها سوف تتحسن حالته بالزواج لأن وجود شريك يؤنسه ووجوده وسط أسرة سوف يحسن من حالته ويسهم فى تعافيه. وتابع عم عونى: والغريب أن الأم حاولت إثناء هذه الفتاة عن تلك الزيجة حتى لا تكون رغبتها من باب رد الجميل ولكن إصرار الفتاة كان قويا والغريب أن حالة الابن قد تحسنت بشكل كبير وهو ما ثبت خلال فترة المتابعة ممن جانب الأطباء وتعافى بشكل كبير وهو الآن رب لأسرة يعيشون بسعادة وهو ما نشاهده خلال حضوره بين الحين والآخر للاطمئنان على حالته المستقرة. جثة العم تتحدى الوصم المجتمعى يملك عم «عونى» ذاكرة حديدية تساعده على استدعاء وسرد العديد من القصص والحكايات المختلفة بسهولة شديدة والتى تشير إلى العصبية والترابط بين الأسر والعائلات والحرص سواء كانوا أحياء أو بعد وفاتهم وهو ما تؤكد عليه هذه القصة والتى كانت تتعلق بأحد النزلاء من صعيد مصر والذى ظل بالمستشفى عدة سنوات كان يوده خلالها ويزوره عدد من أسرته من المقربين ولكن فجأة انقطعت الزيارات وظل سنوات طويلة بدون أى زيارات وانقطعت كل أخبار عائلته حتى حانت ساعة وفاته ولم ننجح فى الوصول إلى أى منهم لذلك كان القرار من إدارة هو دفنه فى المقابر التابعة للمستشفى وبعد اتمام الإجراءات وقبل الدفن مباشرة فوجئنا بمجموعة من الشباب يدلفون مسرعين من البوابة بسيارتهم الفخمة ويتساءلون بلهفة عن عمهم الذى اتضح من البيانات التى يحملونها أنها تخص الشخص المتوفى الذى كان مقررا دفنه فى مقابر الصدقات التابعة للمستشفى وكانت صدمتهم كبيرة عند علمهم بوفاته وأصابهم حزن كبير وقالوا وقتهم: إنهم لم يعلموا بوجوده حيا سوى منذ أيام قليلة فقط وأن عمهم أحد نزلاء مستشفى الخانكة للأمراض النفسية وهو السر الذى ظل خفيا عنهم طيلة سنوات طفولتهم وشبابهم حيث كان الاعتقاد السائد وقتها بأنه توفى خلال سفره منذ سنوات طويلة وبعد أن أخبرهم أحد أفراد الأسرة بوجود عمهم حيا وأنه نزيل بمستشفى الخانكة وهى المعلومة التى تأكدوا منها من خلال والدهم الذى برر لهم خوف أسرتهم من التنمر أو الوصم المجتمعى هو الدافع وراء إخفاء ذلك السر والتعلل بوفاته حتى لا يعلموا بمكانه ولكنهم فورا علمهم بهذه الحقيقة صمموا على الحضور وعودته ليكمل حياته بينهم كما أكدوا وقتها. وتابع: «ولكن كان حزنهم كبير عندما علموا بوفاته وصمموا على العودة بجثته وإقامة سرادق عزاء كبير له فى بلدتهم ودفنه فى مقابر الأسرة». انتهى حديث عم عونى ولكن لم تنته القصص والتى استأنفناها من قبل عامل آخر بالمستشفى فكنت أشبه بمن يجمع قطع البازل لتكوين الصورة الجمالية أو بمن يجمع حبات اللالئ لاستكمال عقد من القصص الجميلة الملهمة سواء عبر الموظفين أو العمال أو من خلال الدفاتر القديمة داخل حجرة الأرشيف الشبيهة بألة الزمن التى تأخذك إلى سنوات ماضية تحتوى على قصص وحكايات لا تنتهى مدونة فى دفاتر عتيقة لها من الهيبة لا تملك سوى أن تعاملها بوقار وكأنها ليست مجموعة من الأوراق القديمة بل كأنها مجموعة من الأجداد يجلسون بوقار شاهدين على زمن عاصروا فيه عشرات بل مئات القصص المدونة بين دفتى المجلدات، وعلى الرغم من مرور عشرات السنوات عليها إلا أنها ظلت حافظة للعهد كاتمة للأسرار لا تفصح عنها ولا يمكن مشاهدة ما تحتويه إلا بصحبة الموظف المختص عنها وبعد اتباع الأجراءت المنصوص عليها وهى عدم المساح بنقل هذه البيانات أو تصويرها. وكانت القصة الرابعة هى مسك الختام والتى تم الاهتداء إليها من خلال عم «عصام»، وهو يعد من أقدم العاملين فى المستشفى ويعمل فى وحدة الطب المجتمعى ويقصد به توفير الرعاية الصحية للمريض النفسى فى منزله، أو محل إقامته، من متابعة وعلاج كامل من خلال فريق طبى جاهز ومتكامل ومدرب على أحدث مستوى، ومزود بأخصائيين اجتماعيين ونفسيين، وعمل ملفات تتضمن كل التفاصيل عن الحالة، مدون بها كل تطوراتها، وهو ما يساهم فى تخفيف الضغط على المستشفى. والذى كان سببا فى اللقاء الذى تم من خلاله التعرف على بطل هذه القصة والذى استحق هذا الوصف بسبب رعايته لشقيقه الأكبر طوال 22 عاما هى مدة بقائه داخل المستشفى وحرصه على توفير كامل الرعاية له وإحضاء أشهى الأطعمة له بعد استشارة الأطباء وأفخر أنواع الملابس ليرتديها شقيقه داخل المستشفى بجانب العطور باهظة الثمن على الرغم من علمه المسبق أن هذه الأشياء وهو ما سمعناه من العاملين بالمستشفى أو من خلال المعايشة التى تم إجراؤها بعد الحصول على موافقته واتباع كل الإجراءت التى تطلبها إدارة المستشفى التى تضمن خصوصية المريض أو النزيل لديها وقبلها الحصول على موافقة النزيل والتأكد من رغبته الأكيدة فى إجراء ذلك وموافقة الشقيق الذى أكد أن ما يفعله هو جزء من حق شقيقه الأكبر الذى تولى تربيته ورعايته بعد وفاة والده والذى مهما صنع لن يوفيه حقه أو نظير ما قدمه له. الشقيقان «محمد السكران» هو الشقيق الأصغر لأخ يعالج بمستشفى الخانكة منذ أكثر من 22 عاما بسبب معاناته من المرضى النفسى وخلال هذه المدة لم يتوقف محمد عن زيارة شقيقه والاعتناء به وتلبية كل مطالبه والقيام بكافة أموره بيده سواء الاستحمام والنظافة الشخصية، أو حلاقة الذقن وتهذيب الشعر بماكينة خاصة، أو إحضار ملابس وعطور لشقيقه على أعلى مستوى من الجودة، وفاكهة، وأطعمة على الرغم من معرفته بجودة الطعام المقدم بداخل المستشفى. قبل الصدمة قبل عدة سنوات كان «م» شقيقه الأكبر والنزيل الحالى بداخل مستشفى الخانكة هو العائل الوحيد لأسرة مكونة من أم وشقيق أصغر «محمد» وكان يمثل مصدر الأمان والسند للأسرة بعد وفاة والده فكان حريصا على توفير كل مستلزمات المنزل خاصة متطلبات شقيقه الأصغر من ملابس، ونفقات تعليمية، حتى مصروفه الشخصى، إلى أن أتم دراسته الجامعية بحسب «محمد السكران» الذى يصف شقيقه الأكبر بقوله: كان شخصية لا يمكن وصفها بالكلمات فكان أبا بالمعنى الحرفى يهتم بكل شؤونى وإجابة كل متطلباتى مهما كانت، يتسم بالشخصية القوية قليل الحديث فى المنزل خاصة أمامى ويختلف الحال إلى النقيض تماما فى وجود والدتى التى كان حريصا على إرضائها بكل الوسائل وبارا بها لأبعد الحدود. وتابع: كان عمل شقيقى يتطلب الغياب عن المنزل لأسابيع وأشهر والتنقل بالمحافظات ثم الحصول على إجازة 24 أو 48 ساعة على الأكثر ولكنه كان يرفض الحصول على راحة ويمتهن أى عمل من أجل الحصول على أموال إضافية لتركها لى خلال فترة غيابه كمصروف شخصى خارج متطلباتى الأساسية التى يعمل على توفيرها بالكامل وهى من المواقف الكثيرة التى لا يمكن حصرها لشقيقى الأكبر. نقطة التحول كانت الحياة تسير على ذلك النحو إلا أن دوام الحال من المحال بسبب وفاة الأم بعد رحلة قصيرة من المرض. ويقول محمد: كانت وفاة والدتى هى نقطة التحول الكبرى فى حياة شقيقى التى تسببت فى إصابته بصدمه حقيقية لم يستطع التعافى منها حتى هذه اللحظة، بدأت بعدم الرغبة فى مغادرة المنزل وإهمال عمله ومظهره وعلى الرغم من محاولتى المستمرة فى إخراجه من تلك الحالة سواء باصطحابه فى رحلات وتجميع الأصدقاء من حوله إلا أننى فى فشلت فى كسر عزلته الأمر الذى استدعى ضرورة عرضه على أطباء نفسيين الذين أصروا على ضرورة إيداعه إحدى المصحات النفسية لحاجته للرعاية المستمرة من قبل متخصيين. وتابع: كنت فى البداية رافضا لذلك المقترح وغير متقبل لفكره مغادرته للمنزل وقررت علاجه بنفسى بعد استشاره الأطباء، أمر الذى كلفنى خسارة عملى ووظيفتى وتصفية شركتى الخاصة من أجله ولكن مع تدهور حالته انتبهت إلى ضرورة الانصياع لأمر الأطباء وتم إيداعه بمستشفى الخانكة الذى بقى فيها لمدة 22 عاما لم أغب بها عن زيارته حتى عند سفرى للخارج للعمل بعد زواجى على أمل تحسين دخلى قمت بإنهاء عملى بعد علمى بتأثره وتدهور حالته بعد بسفرى بناء على المتابعة اليومية التى كنت أجريها مع الأطباء. وهو ما يعبر عنه بقوله: «م» هو كل حياتى وخط أحمر وهو التعبير الذى ذكرته لزوجتى عند بداية تعارفنا فلا أتخيل الدنيا بوجوده فأنا موجود فى هذه الدنيا لإسعاده ولولا تصميمه على العزلة لكنت أحضرته للعيش معى مجددا فى منزلى بمحافظة الشرقية وهى أمنية أتمنى من الله تحقيقها فكلما حاولت أخذه فى إجازة قصيرة للبقاء فى منزلى مع وجودى بجانبه سرعان ما يطلب العودة للمستشفى مجددا كجزء من شعوره من الملل وهى أحد أعراض المرض التى يعانى منها هو رفضه لفكرة الخروج والاندماج بين المجتمع فهور رافض للحياة بعد رحيل والدتنا خاتما حديثه بقوله: إذا كان «م» قد تناسى أثره بين الجميع حتى بين أقاربنا ومعارفنا فهو موجود وباق وسيظل لى الشقيق الأكبر والأب الذى كنت أحتمى به واستند عليه.


















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;