قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، إن حركة الجيش التركى للاستيلاء على الحكم كشفت ضعف الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وحكمه المثير للانقسام، وربما تمثل اختبارا لاستقرار تركيا، فى وقت تشهد فيه تهديدات غير مسبوقة فى الداخل وفى المنطقة.
معركة على روح تركيا
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن المعركة على روح تركيا، وليس رئيسها رجب طيب أردوغان، تكشفت خلال محاولة الانقلاب، فآثار الأقدام الدامية لا تزال تلطخ ميدان تقسيم بإسطنبول، عندما استجاب آلاف الأتراك لدعوة أردوغان للاحتفال بانتصار الديمقراطية على محاولة انقلاب عسكرى فشلت قبل، فجر السبت، بعد ساعات قليلة من بدئها، ولفترة قصيرة، بدا الأمر وكأنه نهاية لفترة أردوغان التحولية وحكمه المثير للجدل بعدما سيطر الجنود على جسر فوق مضيق البسفور وسيطروا على مطار إسطنبول الرئيسى وهاجموا البرلمان فى أنقرة وزعموا السيطرة الكاملة على تليفزيون الدولة.
ولكنها كانت محاولة قديمة بالدبابات والأسلحة هزمتها رسالة فيديو عبر الهواتف المحمولة، دعا فيها أردوغان الموالين له للنزول إلى الشوارع لحماية ديمقراطيتهم.
وكان بعض أعضاء الجيش التركى، ثانى أكبر قوة فى الناتو، والعقل القوى للعلمانية التى أطاحت بأربع حكومات مدنية منذ 1960، قد أبدوا عدم رضاهم من المسار الإسلامى والاستبدادى لتركيا، واعتقدوا أنهم فى مكان يدفعهم لوقفه.
ولكن بنفس السرعة، فإن الرجل الذى حارب لسنوات من أجل تقليص دور الجيش فى السياسة باسم الديمقراطية، استخدم "فايستايم" لإحباط حركة الجيش ضده، وفى نفس الوقت كشف عن ضعف رؤيته المثيرة للانقسام لحكم الأغلبية، وتأتى المحاولة فى ظل مواجهة تركيا مجموعة من التهديدات غير المسبوقة، مع تأكيد أن استقرارها مهم للمنطقة التى تعانى من الحرب الأهلية السورية وأزمة اللاجئين ووجود داعش.
وبالرغم من أن الكثيرين يقولون إن تحركات الجيش الأخيرة ستساعد أردوغان فى تعزيز سلطته كذريعة لقمع معارضه، فإن آخرين يقولون إن محاولة الانقلاب تكشف عن تشقق فى صرح القيادة التى كانت تبدو أنها لا تقهر، فضلاً عن ذلك، فإن حملة الاعتقالات التى شملت أكثر من ستة آلاف جندى وضابط تركى تظهر الانقسامات الصارخة داخل ثانى أكبر جيش فى حلف الناتو.
انقسام هائل داخل الجيش والمجتمع فى تركيا
ويقول برايان كالاس، الخبير فى الانقلابات بكلية الاقتصاد بلندن، إن هناك انقساماً هائلاً فى الجيش والمجتمع التركى، وهو ما يجعل الشخص المسئول أكثر احتمالا للرد بشكل لا يمكن التنبؤ به على التهديدات. وأضاف أنه من الصعب ألا يبالغ أردوغان فى هذه التهديدات الآن، وحتى لو بدأ أن الأمر محتما بالفشل، فإن هناك إمكانية للإطاحة به، وهو لن يتعامل مع هذا الأمر باستهانة.
محاولة الانقلاب تؤثر على نفسية أردوغان
من ناحية أخرى، قال هنرى باركى، الخبير فى شئون تركيا ومدير برنامج الشرق الأوسط بمركز ودرو ويلسون، إن عدم اليقين الناتج عما حدث سيؤثر على أردوغان نفسيا، ويشير إلى أن حزب العدالة والتنمية أعتقد أنه فاز فى مشاداته مع الجيش عام 2007، وقلل من نفوذ المؤسسة التى قالت إنها الحامى الوحيد للجمهورية العلمانية التى أسسها أتاتورك عام 1932، لذلك، فإن أردوغان عليه أن يفكر الآن فى أن التنين لم يقتل، ولو كان هناك محاولة انقلاب قد حدثت الآن، فإنها يمكن أن تحدث مجددا، فكيف يمكن منعها.
وأكد الخبير الأمريكى أن إعلان 15 يوليو عيد الديمقراطية يعكس درجة من الضغف، لأنه يشير إلى أن النجاة من محاولة الانقلاب حدث بالغ الأهمية.