التعليم فى مصر هو أكبر التحديات التى تواجه الدولة، وأصبح تطويره ضرورة ملحة لتحقق التقديم بعد ما أصابه من فساد فى تلك المنظومة، والتعليم الفنى هو "رأس السهم" وأهم ركائز الدولة فى تحقيق "التنمية المستدامة"، من أجل حياة أفضل، ويعد اللواء هانى أباظة وكيل لجنة التعليم بمجلس النواب، هو أحد أبرز النواب لكونه المكلف بتولى مهمة وضع برنامج تطوير التعليم الفنى، والذى حاوره "انفراد" للتعرف على أهم ملامح برنامج تطوير التعليم الفنى، وأيضا أهم المشكلات التى تواجه التعليم.
- ما رأيك فى منظومة التعليم فى مصر؟
إن منظومة التعليم فى مصر "عفا عليها الزمن"، وأصبحت منظومة مترهلة، والمنتج "الخريج" سيئ بلا شك، فمثلا نتيجة الدبلومات الفنية لعام 2016 كارثية، لدينا 260 ألف طالب راسب و265 آخرين لهم دور ثانى، "خريج الدبلوم فى مصر مش بيعرف يقرأ ولا يكتب"، لذلك لابد من إعادة صياغتها من كافة أدواته، "المعلم والطالب والمدرسة والمعامل، والمناهج"، لتحقيق النهضة المجتمعية والتنمية المستدامة، بالأخص التعليم الفنى، وهو رأس السهم، وأيضا تطهير الوزارة من القيادات الفاسدة، لافتا أن ألمانيا تقدمت بالتعليم الفنى ومهاتير محمد استطاع بناء ماليزيا من خلال تطوير التعليم.
- ما رأيك فى تسريبات الامتحانات وبالأخص الثانوية العام 2016 ؟
بلا شك الغش هو مرض مجتمعى مستشرى منذ عقود، إلا أنه فى الآونة الأخيرة استغل التطور التكنولوجى، وتم توظيفه فى تسهيل أساليب الغش منها "سماعات البلوتوث، وقلم بكاميرا أو نظارة وغيرها"، وأصبح الامتحان بعد أقل من 5 دقائق من بدء لجنة الامتحان متداول على المواقع.
وماذا عن اضطرار وزارة التربية التعليم إلغاء بعض الامتحانات؟
بالرغم أن قرار إلغاء بعض الامتحانات كان موجعا، "ولكنى كنت مبسوط وراضى لأن الامتحان متداول على المواقع وبين الطلبة واستمرار اللجنة على هذا الوضع هو عدم عدالة وعدم تحقيق تكافؤ الفرص، وغير مقبول أن طالبا يكون حصل على الامتحان ويأخذ الدرجة النهائية.
- لماذا فشلت الحكومة فى التصدى لتسريب الامتحانات ؟
ظاهرة الغش وتسريبات الامتحانات أربكت المشهد المصرى، وكان هناك حالة عدم رضا فى المناخ العام للمجتمع، وفى رأيى أن فشل 8 وزارات منها "التعليم، الاتصالات، الداخلية، والخارجية فى التصدى لتلك الظاهرة، كفيل بإسقاط الحكومة بكل تأكيد، لأن ما حدث هو فى الأصل عجز حكومى.
و"شاومينج" هى أداة فساد مستشرى فى الوزارة، فأعتقد أن الوزارة والمطابع الأميرية مخترقة بالكوادر الإخوانية، الذين تم زرعهم خلال عهد مرسى، وخير دليل تم رصده من بطاقات مسودة لـ"مرسى" واردة من المطابع الأميرية، مشيرا إلى أنه يجب أن لا نغفل أيضا أن أحد أضلع الأزمة، هو التحديات الخارجية التى تواجهنا، والتى ساهمت فى تصعيد مشهد الإرباك للرأى العام، لمحاولة زعزعة الاستقرار وفقد الثقة فى الدولة، وبث الشعور بعدم الرضا، خاصة أننا بدأنا فى استعادة الاستقرار ولدينا قائد للدولة.
- فى رأيك كيف يتم التصدى لظاهرة الغش ؟
لابد من إصدار تشريعات فى الفترة المقبلة من شأنها تغليظ العقوبات على الغش، واعتبارها جريمة "مخلة بالشرف لا تسقط بالتقادم"، وتطهير الوزارة من كافة القيادات الفاسدة، وبالأخص ديوان عام الوزارة، ولابد أن يكون الإصلاح من القاعدة، وأيضا إعادة صياغة المنظومة التعليمية من بداية الروضة كى جى وان إلى الثانوى، والذى سيستغرق 12 سنة على الأقل، وألا يكون الامتحان هو المقياس الوحيد لتقييم الطالب، وتكون هناك تقييمات للقدرات.
- التعليم العالى تقترح نظام القدرات بدلا من التنسيق العادى ما رأيك ؟
أؤيد المشروع، فنظام القدرات للالتحاق بالجامعات له فوائد متعددة، من أهمها لن يكون الامتحان هو السبيل الوحيد لتحصيل الدرجات، وبالتالى سوف يتم تحجيم الظواهر السلبية "الغش والتسريبات"، كما أن نظام القدرات مطبق فى مصر منذ عقود بالكليات العسكرية.
ومن أهم ملامح المشروع، كل مجموعة من كليات الطب والهندسة والتكنولوجيا محدد لها درجات للقدرات، بالإضافة إلى درجة الامتحان ويجرى الطالب اختبارات القدرات، مشيرا إلى أن هناك ضوابط سيتم وضعها ستكون من شأنها ضمانة العدالة والشفافية فى تلك الاختبارات.
- الجامعات الخاصة انتشرت بشكل كبير وأصبحت تؤثر على مثيلتها الحكومية والتى تعانى من ضعف الإمكانيات ؟
بالتأكيد، أننا أصبحنا فى حاجة ضرورية لزيادة عدد الجامعات، والتعليم الخاص يعانى من بعض المشكلات، لذلك أعكف الآن على دراسة مقترح مشروع إنشاء أفرع لجامعات خاصة داخل الحكومية، حيث إن الأخيرة تمتلك المبانى والمعامل وكوادر من أعضاء هيئة التدريس، موضحا أن إضافة جزء خاص إلى الحكومى سيكون له العديد من الفوائد، أولها: توفير داخل مادى كبير لتلك الجامعات من المصروفات الدراسية للطلاب، والذى سيستغل أولا لرفع كفاءة المعامل والعملية التعليمية، وكذلك رواتب أعضاء هيئة التدريس، قائلا، "إن المشروع سيضاعف ميزانيات الجامعات دون الحاجة لميزانية الدولة"، بالإضافة إلى خلق روح المنافسة بين الجامعات الخاصة والحكومية وضبط الزيادات السنوية فى المصروفات للخاص.
- "المدرسون فى التعليم الفنى لابد أن نتعامل كخيل الحكومة" تصريح منسوب إليك اثار ضجة كبيرة ؟
لم أصرح لوسائل الإعلام أن "المدرسين لابد أن نتعامل معهم كخيل الحكومة"، معلنا عن عزمه تحرير محضر فى مباحث الإنترنت، ضد الموقع الذى نشر هذا التصريح وتداولته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، حيث سيقوم بمقاضاته، مضيفا إلى أنه لا ينكر أحد أن المنتج التعليمى سيئ و فى حاجة لإعادة صياغته.
- ما هى أهم ملامح تطوير التعليم ؟
من أهم ملامح برنامج تطوير التعليم هو تطوير المدارس لكى تصبح مدارس تضم معامل تكنولوجية، وتكثيف الأنشطة الرياضية والموسيقية والفنية، وأن يكون للقدرات نصيب فى الدرجات وليس الامتحان هو السبيل الوحيد لتحصيل أعلى الدرجات، وأيضا إعادة تأهيل المعلمين للتعامل مع تلك البرامج التعليمية الحديثة و تطوير المناهج بالشكل الذى يتناسب التطوير العلمى.
ومن أهم ملامح تطوير التعليم، هو تفعيل المنحة اليابانية، مع أكاديمية المعلم، لمنح المدرسين دورات مكثفة فى كيفية ترسيخ السلوكيات الإيجابية لدى التلاميذ فى المدارس وبالأخص مراحل الروضة، منها كيفية المحافظة على الطاقة وترشيدها، وترسيخ الحرص على غلق النور فى حالة عدم استخدامه وحنفية المياه والاهتمام بالمقعد المدرسى والنظافة العامة، وتعزيز الانتماء والوطنية والابتعاد عن السلوكيات السلبية.
كما أننا نسعى حاليا للتوسع فى خطة إنشاء مدارس فى القرى المحرومة، وتخفيض الكثافة الطلابية فى المدارس ذات الكثافة العالية، لافتا أن الدولة لديها خطة لإنشاء 180 ألف فصل خلال 5 سنوات مقبلة، منها ألف و53 فصلا لتخفيض نسبة الكثافة و53 آخرين فى المدارس التى تعمل بنظام الفترتين، بالإضافة إلى 33 ألف آخرين بالقرى والنجوع المحرومة و26 ألفا طبقا للزيادة السكانية المحتملة خلال 5 سنوات.
- ما هى أهم ملامح تطوير التعليم الفنى؟
بالنسبة للتعليم الفنى فلدينا النموذج الألمانى، بدأنا بالفعل فى تطبيقه فى مدرستين، واحدة بالمنوفية والأخرى بالعامرية، وأن هذا النموذج أثبت نجاحه فى ألمانيا وماليزيا وساهم فى تطوير التعليم لديهما وتحقيق التقدم.
ويعتمد على شقين أولهما تطوير المعامل التكنولوجية بالمدارس، وضم أحدث برامج التعليم فى التخصصات الفنية، وعمل وحدات إنتاجية داخل تلك المدارس، وأيضا إعادة تأهيل المعلم لنقل تلك العلوم الحديثة للطالب والخروج منتج صالح لسوق العمل .
- المجتمع ينظر للتعليم الفنى نظرة متدنية كيف ستواجه هذا التحدى فى البرنامج ؟
نحن فى حاجة إلى تضافر كافة الجهود المجتمعية، للقضاء على هذه النظرة، فالتعليم الفنى سيصبح أهم أنواع التعليم وعنصر جذب للطلاب.
وأكد أباظة أن "بعبع" الثانوية العامة سيتلاشى خلال السنوات المقبلة، لأنها لم تصبح الطريق الوحيد للالتحاق بالجامعات، فسيتم زيادة نصيب طلاب الدبلومات فى الالتحاق بكليات الهندسة والتكنولوجيا، وربما يتم استحداث أقسام فى الكليات تقبل طلاب الدبلومات فى التخصصات الفنية.