حكايات من الواحات.. أقدم مدينة حضارية متكاملة عمرها 4300 سنة بالوادى الجديد.. مدينة عين أصيل "وحات" الفرعونية الفارهة بنظامها الهندسى الفريد.. واستخدمت أحدث نظم الإدارة وسجلات المخازن واستقدام العمالة

دمرتها الحرائق وأعيد بنائها وكشفت أطلالها عاصفة رملية على مسافة غير بعيدة من طريق الخارجة بلاط بمحافظةالوادى الجديد، لا يتصور أحد أن تلك المساحة القاحلة والمغطاة بالرمال أنها كانت يومًا ما منذ حوالى 4000 سنة هى أعظم مدينة حضارية عرفتها الدولة المصرية القديمة والتى عاش أهلها حياة مرفهة مارسوا فيها كل أشكال التحضر والنظام الإدارى والمالى والعلاقات الاجتماعية، وحتى الآن ما زالت تلك المنطقة تمثل المدينة الوحيدة المتبقية من الدولة القديمة والتى ما زالت مكتملة الأركان والعناصر على مستوى مصر بالكامل، وهى المدينة التى تثبت الهوية المصرية الأصيلة لأهل الواحات منذ تلك الحقبة الزمنية العتيقة أنها مدينة عين أصيل (الاسم المصرى القديم. وحات) وهى ويقصد بها المدينة والجبانة وهى التى تقع بنطاق عين أصيل وقلاع الضبة بمدينة بلاط. وكانت مدينة عين أصيل تعمل بأفضل نظام إدارى عرفتهالدولة المصرية القديمة، وكانت المخازن تعتمد على نظم الصادر والوارد مع وضع ختم الحاكم على أبواب المخازن بما يشبه نظم الإدارة فى الوقت الحالى، وكانوا يكتبون كل أمور حياتهم على لوحات طينية صغيرة فى حجم كف اليد وهم أول من استقدموا العمالة من خارج المدينة، وكانت المدينة بها قصر الحاكم المحلى ومساكن الموظفين والعمال ومصانع الفخار وورش السباكة والمخابز وغيرها من الحرف الهامة فى عهد الأسرة المصرية السادسة، وتقع شمال شرق بلاط وتم اكتشافها فى يناير 1947 بواسطة عاصفة رملية كشفت معالم المدينة الأثرية، وفى أكتوبر 1968، تم تنفيذ أول أعمال حفر على يد عالم المصريات المصرى أحمد فخرى، وتم الكشف عن جدران من الطوب، وفخار، وكتل حجرية منقوشة، وتوقف العمل بوفاة فخرى، لكن استأنف العمل فى عام 1978 بمعرفة المعهد الفرنسى للآثار الشرقية فى القاهرة تحت إشراف عالم المصريات جان فيركوتير. ونظرًا لأهمية هذه المدينة أثريا فقد أجرى الباحث والأثرى الدكتور صبرى يوسف عبد الرحمن بحثًا علميًا لنيل درجة الماجستير عنها بعنوان "مدینة عین أصیل بالواحة الداخلة دراسة أثریة حضاریة واستعرض فيه كل مقومات المدينة مؤكدًا على أن عين الأصيل كانت عبارة عن مدينة كبيرة ومزدهرة بعيدة عن وادى النيل كحضارة موازية بنفس مستوى الرفاهية والرخاء، وما تم اكتشافه من دلائل أثرية ساعدت العلماء على دراسة أهم مدينة من الدولة القديمة ومقبرتها فى قلاع الضبة، حيث كانت المدينة قائمة بين أواخر الأسرة المصرية الخامسة أو أوائل الأسرة السادسة وعصر الانتقال الثانى. وأوضح يوسف فى تصريح خاص لـ انفراد أنه خلال هذا الوقت كانت هناك عدة مراحل للسكنى تم فيها بناء المبانى السابقة بالكامل، وانتهت المرحلة الأولى بنيران اندلعت فى القصر وأجزاء أخرى من المدينة تسببت فى تدمير المدينة بالكامل، وبعدها مباشرة تم إعمارها مرة أخرى، وفقًا لأحدث المكتشفات فى عين الأصيل. وأضاف يوسف، أنه على الرغم من أن حريقًا دمر الكثير من المبانى المبكرة وجزءًا من المقاصير، فقد أعيد بناؤه خلال عصر الانتقال الأول ليشمل الجدار المحيط والقناة ويبدو أنه تم إجراء قدر كبير من الترميم، سمح التدمير بالنار لعلماء الآثار بالحصول على الكثير من المعلومات حول بنايات الدولة القديمة. ويبدو أنه تم التخلى عن المدينة قبل العصر البطلمى وحتى الآن لم يتم العثور على بقايا رومانية فى الموقع، وكشفت الحفريات الأخرى فى المدينة عن العديد من المساكن الكبيرة بشكل مدهش (أكبر بكثير من تلك الأمثلة النادرة الموجودة فى وادى النيل) وبعضها يحتوى على بقايا سلالم تؤدى إلى شرفة على السطح، كما تم العثور على مخابز بها أفران وأحجار طحن وأوانى فخارية لخبز الخبز إلى جانب ورش الفخار والعديد من قطع الفخار. وأكد يوسف أن فى شمال المدينة يقع قصر الحاكم، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال القاعة ذات الأعمدة. يبلغ طول القصر 225 مترا من الشمال إلى الجنوب وعرض 95 مترًا، ويمثل أهـم جـزء بالمدینـة، حيث أنه مقـر الحكـم والإدارة، ومـسكن أهـم شخـصیات فــى هــذا المجتمــع فــى نهایــة الدولــة القدیمــة، وتحدیــدًا عــصر الملــك ببــى الثــانى، بالإضـافة إلى عـصر الانتقال الأول وربمـا بعـد ذلـك، والقـصر ذو تخطـیط معمـارى متمیز، وبشكل مستطیل غیر منتظم، ومداخل غیر مباشرة، وهذا القـصر یـشبه القـصور الرئاسـیة، عـاش فیـه أكثـر مـن حـاكم لمزاولـة أمـور الحكـم، وطبقـًا لنتـائج الحفـائر، وحـسب التسلـسل الزمنـى لحكـام الواحـات، فربمـا شـیده حـاكم الواحـات خنتـى – كـا، وعـاش فیـه الحـاكم مـدو- نفـر خـلال المرحلـة الأولـى للـسُكنى فى نهایة الدولة القدیمة، ثم استخدمه حاكم آخـر یـدعى مـدو – نفـر مـع بدایـة المرحلـة الثانیة للسكنى فى عصر الانتقال الأول. وأفاد يوسف أن حكـام الواحـات عاشوا فـى نهایـة عـصر الملـك ببـى الثـانى داخـل قـصر ذو تخطـیط محكم، يصعب دخوله، حیث تمیز هذا القـصر بوجـود سـور داخلـى خـاص بــه، خــلاف الــسور الرئیــسى للمدینــة، هــذا الــسور بطــول 210 أمتار شــمال جنــوب، وعـرض 64 متـرا شـرق غـرب، وسـمك الحـائط حـوالى 2 متـر تقریبـًا. وإلـى الغـرب مـن الـسور یوجـد ممـر بعـرض 2م تقریبـًا، وممتـد مـن الـشمال للجنـوب، یفـصل بـین القـصر والبیوت الجنوبیة الغربیة الملحقة بالقصر، ومـن الواضـح وجـود صـعوبة فـى الوصـول لمـدخل القـصر، وهـذا دلیـل علـى أن هـذا التخطیط محكم للغایة، ویعد من وسائل التأمین. وأكد يوسف أن مدینة وحات أو عين أصيل تنفرد بتخطـیط متمیـز، یؤهلهـا لتكـون مقرا للحكـم والإدارة فـى الواحات طبقًا لآخر ما أسفرت عنه الحفائر من نتائج منذ عـصر الأسـرة الـسادسة (2780- 2293) ق.م حتى عصر الانتقال الثانى (1785 – 1580) ق.م، وهى مـشیدة مـن الطـوب اللـبن، واسـتخدم فیهـا الحجـر فـى نطـاق ضـیق، ومحاطـة بسورین كبیرین السور الخارجى ویحیط بالمدینة ككل، والسور الداخلى ویحیط بقصر الحكام، وشُـیّدت علـى الأسـوار أبراج مراقبة لتـأمین المدینـة، ومـن الـداخل قُـسّمت إلى أجزاء معماریة مختلفة لخدمة المعیشة، وفى الجزء الغربى وبجوار السور الكبیر مباشرة، توجـد أماكن العبـادة بامتـداد شـمال جنـوب، وهـى عبـارة عـن أربعـة مبانى كمقصورات، ثلاثـة منهـا متجاورة، والرابعة إلى الشمال الغربى قلیلًا، وجنـوب المقصورات توجـد الملحقـات الخدمیـة لهذه المقاصیر، وفى الجنوب توجـد مجموعـة البیـوت الخاصـة بـالموظفین والعاملین بالقصر، وهى مجموعة من البیوت متفاوتة المساحة، ومنها بیوت بطابقین. وألم يوسف أنه إلـى الـشرق مـن هـذه المجموعـة یوجـد ممـر طـولىّ، ممتـد مـن الـشمال للجنـوب، یفـصل بین مجموعة المقاصیر وقصر الحكام فى عصر ببى الثـانى، وشـرق الممـر نجـد قـصرا فسیحًا مكون من صالات استقبال، بأرضیتها قواعد من الحجر الجیـرى، بالإضـافة إلى حجرات تمیـزت بأرضـیتها الملـساء الناعمـة، فربمـا كانـت للجلـوس. وهنـاك أیـضًا الجنـاح الخـاص بـالنوم والراحة، والوصـول إلیـه بمـدخل خـاص متـصل بـبعض الممـرات، ممـا یُـشكل صـعوبة فـى الـدخول لهـذه الأمـاكن، والسقف كـان مقامـًا علـى أعمـدة خـشبیة مـن خـشب الـسنط غالبـًا، ومـستقرة فـوق القواعـد الحجریـة، ومغطـى بـسعف النخیـل والبـوص وغیـره، وكـان مكـسوًا مـن أسـفل بطبقـة مـن المـلاط ملونـة بـاللون الأحمـر والأبـیض والأصفر، كما توجد بالمدينة ورش لتصنیع النحاس والصوان، وتـصنیع الفخـار" الفـاخورة "، تتمثـل أربـع ورش بكـل عناصـرها المعماریـة، المتمثلـة فـى أحـواض إعداد الطین، وأماكن تصنیع وتشكیل الفخار، وافران الحرق.






































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;