نقلا عن العدد اليومى...
هناك اتفاق بين الفئات والاتجاهات المختلفة على أن ملف الصحة أحد اهم الملفات التى يجب أن يتم فتحها، ونلاحظ أن البرلمان خلال الفترة الأخيرة بدأ من خلال اللجان فتح ملفات جماهيرية تهم المواطن ومنها ملف الصحة والمستشفيات والعلاج، وأيضا ملفات الأجور والمعاشات والخدمة المدنية. وكلها ملفات تتعلق بالمواطنين والأغلبية من الشعب. وإن كان اللافت للنظر أن الأحزاب لا تشارك فى هذه القضايا من خلال ندوات ومناقشات أو تقدم اقتراحات مهمة فى تطوير الصحة.
لكن يفترض ألا يظل الأمر مجرد حديث عن أهمية الصحة وحال المستشفيات، مادام هناك اتفاق بين الأحزاب والتيارات السياسية على أهمية وخطورة الصحة كمكون رئيسى للإنجاز الاجتماعى، فلماذا لا تشارك بدراسات أو تعقد جلسات لمناقشة أمر بهذه الأهمية، وتضع توصيات يمكن الاستفادة منها بشكل كبير؟ ومع هذا فإن الفكرة ترد فى برامج الأحزاب بشكل عام، ومن دون تفاصيل وتشكو من أحوال المستشفيات العامة، وأنها لا تناسب ما نريده، وأن التأمين الصحى يمكن أن يكون حلا، وكلام عن فصل الإدارة عن التمويل، ولا أحد من هذه التيارات يفكر فى تقديم اقتراحات أو دراسات.
وإذا كنا نشير إلى أهمية طرح القضية أمام البرلمان ولجنة الصحة فمن المهم أن نرى كل هذا فى سياق شامل، ويمكن للبرلمان أن يعقد لجان استماع ويستدعى الخبراء لنستفيد من خبراتهم، والبحث عن أفضل طرق إقامة نظام صحى، وإصلاح أحوال المستشفيات وتدبير موازنات لإقامة هذا النظام.
ولا مانع، كما سبق وأشرنا، من الاستفادة من تجارب ناجحة فى المنشآت الصحية الخاصة أو الأهلية، مثل مركز الكلى فى المنصورة الذى أسسه الدكتور محمد غنيم، أو مركز القلب فى أسوان بقيادة الدكتور مجدى يعقوب، ومعاهد الكبد وبعض المستشفيات التعليمية، وهى تجارب ناجحة تقوم على العلم والإدارة، وحتى يمكن أن يكون أداء السياسة مكملا للفكرة.
مادام هناك اتفاق على أن الصحة والعلاج من أهم، إن لم تكن أهم، الملفات التى تستلزم جهدا من كل الأطراف والجدل الدائر يكشف أننا لانفتقد إلى الإمكانات، وأن لدينا مبانى وتجهيزات، وأن الأمر بحاجة إلى ثورة فى الإدارة، وكشفت مناقشة اللجنة البرلمانية أن المستشفيات فيها أسرة تكفى وتزيد، لكن الأمر فى سوء الإدارة ومستشفيات مغلقة، وأخرى غير مستغلة، وهو ما يعنى أهمية وضع تصورات جديدة للصحة والعلاج من خلال إعادة النظر فى الإدارة بشكل علمى، حتى المستشفيات التكاملية اتضح أنها كانت فكرة جيدة لكن الإهمال وسوء الإدارة حولها إلى عيوب بدلا من أن تكون ميزات، وإضافة لمنظومة الصحة، ومشروع قانون التأمين الصحى وفصل الملكية عن الإدارة عن التمويل، كلها أمور يجب أن تناقش وهناك مناقشات سابقة ومشروعات قوانين يفترض الاستفادة منها واستدعاء الخبراء، وكل من له تجربة ناجحة للتعرف على أفضل السبل.
ويفترض أن يقوم مجلس النواب بدوره فى وضع التشريعات وطريقة الإدارة بعد عقد جلسات استماع للخبراء والمختصيين والنقابات الطبية والأساتذة، حتى يمكن التوصل إلى توفير رعاية صحية محترمة للمواطنين.