تواصلت كوارث سقوط الأسقف والمنازل فى محافظة دمياط، بسبب فساد الخرسانة، وذلك وسط صمت كامل من الحكومة، واستغراب الأهالى الذى دفعوا تحويشة العمر من أجل بناء منزل، وفى الآخر يجدون أنفسهم مضطرين لهدمه قبل أن يسقط عليهم.
وبدأت كارثة تساقط الأسقف والأعمدة، منذ أكثر من 10 أعوام، حيث اكتشف الأهالى الذين بنوا منازلهم فى فترات من أعوام 2003 إلى 2009 على وجه الخصوص، شروخًا فى الأسقف، وذوبان حديد التسليح، وبدء انهيارات جزئية، وهو ما تكرر فى أغلب قرى المحافظة، وخاصة فى السنانية والسيالة والعنانية والشعراء.
وتوقعت بعض المصادر، أن عدد المنازل المتضررة من الخرسانة الفاسدة يصل لـ20 ألف منزل، ومع تكرار شكاوى الأهالى، بدأت وزارة الإسكان فى التحرك، وأعدت تقريرًا فى 2009 كشفت فيه فساد الخرسانة، وارتفاع نسب الأملاح والمواد الكاوية على النسب الطبيعية، فالنسبة الكاوية لمحتوى الكلوريدات أعلى من الحدود التى نص عليها الكود المصرى لتصميم وتنفيذ المنشآت الخرسانية بزيادة متوسطها حوالى 15 ضعف المسموح به.
وأرجعت وزارة الإسكان السبب فى المأساة التى باتت تعانى منها محافظة دمياط بالكامل، إلى فساد الرمل والزلط (الركام)، وبرأت الأسمنت، وإن كانت هناك تكهنات بين أبناء المحافظة بأن الأسمنت هو السبب فى الكارثة التى يعيشون فيها.
إلى هنا انتهى دور الجهات الحكومية، المتمثلة فى وزارة الإسكان، ومنذ عام 2009 لم يتحرك أى مسئول أو جهة سواء للتحقيق أو تعويض الدمياطة، وتُرك الأهالى دون أن يعرف إلى أن المتسبب الرئيسى فى الكارثة التى يعيشون فيها، ومن أين جاءت هذه المواد الفاسدة، سواء كان الزلط أو الرمل، ومن أصحاب المحاجر، ولا أين أماكنها، ولماذا انتشرت هذه المواد فى محافظة دمياط فقط دون باقى المحافظات؟!!
لم يجد "الدمياطية" من يقف معهم، فلا التحقيقات الجارية فى المحاكم وصلت لنتائج، ولا الحكومة كلفت خاطرها، وساعدت السكان فى إعادة بناء بيوتهم، أو حتى صرفت تعويضات للموطنين الذين أنفقوا تحويشة العمر فى بناء منزل، ليجدوا أنفسهم مضطرين لهدم سقف منه، أو سقفين، أو هدم العقار كاملا.
ولم يبق أمام أهالى دمياط، الذين حرروا مئات المحاضر، كإثبات لحالة منازلهم المنهارة، إلا انتظار تدخل المسئولين، والكشف عن المتسبب فى الكارثة التى يعيشون فيها، وتعويضهم عما أصابهم من بلوى.
وكان جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء التابع لوزارة الإسكان أعد تقريرًا في عام 2009، لكشف السبب الحقيقي وراء تصدع هذه العقارات، بعدما فحص الجهاز نحو 46 عقارا بمختلف القرى والمدن بمحافظة دمياط.
وشمل الفحص أخذ عينات من الخرسانة المسلحة في الأسقف والأعمدة، وعينات من حديد التسليح، إضافة إلى عينات من الرمل والزلط، وتم إجراء التحاليل والاختبارات اللازمة على العينات، بمعامل المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، وجاءت النتائج تؤكد أن الشروخ الموجودة بالخرسانة المسلحة ناتجة عن صدأ حديد التسليح، بسبب زيادة نسبة أملاح الكلوريدات والكبريتات الضارة عن النسب المسموح بها.
وأوضح التقرير أن النسب المرتفعة للأملاح الضارة بسبب استخدام "رمل وزلط" غير صالح للاستخدام في أعمال الخرسانة المسلحة؛ لاحتوائه على نسبة أملاح تتعدى المسموح به.
وعليه فإن التقرير الفني للجهاز، خَلُصَ إلى أن السبب وراء تصدع هذه العقارات، هو استخدام رمل وزلط غير مطابق للمواصفات.