تعيش تركيا أزمة داخلية، فى أعقاب قمع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لتحركات الجيش التى طالبت بالحرية والديمقراطية، ويسعى لفرض سيطرته على البلاد بشتى الطرق، والتنكيل بالجيش وإذلال المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى سعيه للهروب أمام العالم من أزمته الداخلية واتهام العناصر الموقوفة التى وصل عددها إلى الآلاف بالخيانة.
وفى محاولة باسئة لتصدير أزمته الداخلية شن الرئيس أردوغان هجوما شرسا على مصر وسعى لكيل الاتهامات الباطلة ضد الصحف المصرية والإعلام المصرى، بسبب موقفهم ضد قراراته المتسلطة وخطواته الانتقامية ضد فئات الشعب التركى، وتغاضى الرئيس التركى عن المجازر التى يرتكبها والانتهاكات التى تمارس بأوامر شخصية منه ضد جيشه والمعارضين له.
وهاجم أردوغان مصر حكومة وشعبا، فى انحياز دائم وكامل وأعمى للإخوان، بحيث لم يحترم ثورة 30 يونيو، رغم أن العالم كله احترم إرادة الشعب المصرى ورغبته فى التغيير، واعترف بالثورة الشعبية فى 30 يونيو.
من جانبه قال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الرئيس التركى أردوغان، يستمر فى خلط الأوراق وفقدان بوصلة التقدير السليم، الأمر الذى يعكس الظروف الصعبة التى يمر بها، جاء ذلك تعقيبا من الخارجية المصرية، على التصريحات التى أدلى بها الرئيس التركى فى حوار مع قناة الجزيرة، والتى تطاول فيها مجددا على مصر.
وفى إطار قراراته التعسفية لاستعادة فرض السيطرة على البلاد أعلن أردوغان، فرض حالة الطوارئ فى تركيا لمدة 3 أشهر، مشيرا إلى أن هذا القرار يجرى وفقا لأحكام دستور البلاد.
وستسمح حالة الطوارىء لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء بتجاوز البرلمان فى إصدار قوانين جديدة وتقييد أو تعليق الحقوق والحريات عند الضرورة.
وقال أردوغان، فى كلمة ألقاها مساء الأربعاء، عقب اجتماع أجراه مع أعضاء الحكومة التركية ومجلس الأمن القومى بأنقرة: "على خلفية تحركات الجيش على السلطة فى تركيا يتم، وفقا للبند 120 من الدستور، فرض حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر من أجل اتخاذ خطوات لضمان حقوق وحريات المواطنين بصورة أسرع وأكثر فعالية".
واعتبر الرئيس التركى أن الدول الأوروبية لا يحق لها انتقاد هذا القرار لأن تركيا ليست عضوا فى الاتحاد الأوروبى.
وأضاف أردوغان أن إعلان حالة الطوارئ جاء لتلقين الجيش درسا لن ينساه وليس موجها ضد أى أحد آخر. مؤكدا أن إعلان حالة الطوارئ هدفه حماية المواطنين والمؤسسات من أى هجوم.
كما شدد على أنه سيواصل العمل، كرئيس تركى وقائد للقوات المسلحة التركية، من أجل تطهير الجيش.
ووصف رجب طيب أردوغان، قوات الجيش التركى، بـ"الدواعش"، بعدما قاموا بتحركاتهم، متوعدا عناصر الجيش بالعقاب الشديد، قائلاً: "أنا رئيس الجمهورية والرئيس الأعلى للقوات المسلحة".
وأشار الرئيس التركى إلى أن هناك من كانوا يرتدون الزى العسكرى شاركوا فى محاولة تحركات الجيش على أنهم جنود فى الجيش.
وبعد ساعات من سريان حالة الطوارئ، كثفت السلطات من حملات الاعتقالات، وأفادت وسائل إعلام رسمية فى تركيا باعتقال السلطات لـ 32 قاضيا واثنين من ضباط الجيش، وذلك فى إطار مواصلة الحكومة فى أنقرة حملتها لما وصفته بـ"تطهير" مؤسسات الدولة عقب تحركات الجيش الفاشلة التى شهدتها البلاد يوم "الجمعة" الماضى.
وذكرت شبكة "إيه بى سى نيوز" الأمريكية أن هذه الاعتقالات تأتى بعد ساعات من إعلان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فرض حالة الطوارئ فى البلاد لثلاثة أشهر.
وتتهم السلطات التركية رجل الدين المعارض فتح الله جولن المقيم فى المنفى بالولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف وراء تحركات الجيش وهى التهمة التى ينفيها جولن.
وكانت وزارة التعليم فى تركيا قد أعلنت مؤخرا وقف 15 ألف موظف عن العمل بتهمة صلتهم بفتح الله جولن كما طالبت الوزارة أكثر من 1500 عميد كلية وجامعة بتقديم استقالتهم.
يشار إلى أن الحكومة التركية قد استهدفت موظفين وعاملين فى وزارات الداخلية والعدل والدفاع والمالية عقب تحركات الجيش الفاشلة حيث اعتقلت نحو 6000 عسكرى وطردت 9000 شرطى من عملهم كما أوقفت ثلاثة آلاف قاض عن العمل.
وقامت الحكومة أيضا بطرد 1500 موظف بوزارة المالية من عملهم بالإضافة إلى طرد 492 موظفا بمديرية الشئون الدينية، كما استبعدت وطردت أكثر من 250 مسئولا وموظفا فى مكتب رئيس الوزراء التركى. وسحبت الحكومة تراخيص أكثر من 24 محطة إذاعية وتلفزيونية بتهمة صلتها بفتح الله جولن.
من جانبه قال نائب رئيس الوزراء التركى أمس الخميس إن حالة الطوارئ لن يكون لها تأثير على الشعب أو الاقتصاد بل ستعزز الديمقراطية واقتصاد السوق ومناخ الاستثمار.
وقال محمد شيمشك فى تغريدة بعد إعلان حالة الطوارئ "لن تتأثر حياة الناس العاديين أو الشركات وسيستمر النشاط الاقتصادى المعتاد. نحن ملتزمون باقتصاد السوق." وأضاف أنه لن يحدث تراجع فى مجال حقوق الإنسان.
وتشير المعطيات الرسمية التى نشرتها السلطات التركية إلى أن الحصيلة العامة للقتلى جراء التطورات، التى مرت بها تركيا أثناء تحركات الجيش وقمعها من قبل القوات الحكومية، تجاوزت 308 أشخاص.
وتتهم أنقرة المعارض والداعية التركى المقيم حاليا فى الولايات المتحدة فتح الله جولن، بأنه أب روحى للمسئولين عن تحركات الجيش، فيما يعد القائد السابق للقوات الجوية التركية الجنرال أكين أوزتورك، حسب سلطات البلاد، منظما وقائدا لمحاولة الاستيلاء على السلطة فى تركيا.