ككرة ثلج ، تفاقمت أزمة الدين الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية علي مدار 20 عاماً وأكثر ، وسط حالة قلق متزايد من الوصول إلى الذروة بحلول 1 يونيو المقبل ، حيث حذرت وزيرة الخزانة جانيت يلين من أن أرصدة الحكومة قد تنفذ ما يهدد بعجزها عن التزاماتها ما لم يرفع الكونجرس سقف الاقتراض ، مؤكدة أن عدم الاستجابة ستؤدي إلى ما وصفته بـ"كارثة مالية" علي الصعيد الداخلي والعالمي.
ورصدت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها رحلة تطور الأزمة داخل الولايات المتحدة ، والأسباب التي قادت الدولار ، تلك العملة المهيمنة علي الاقتصاد العالمي، لأن يكون خصماً يكوي بالنيران الصديقة الإدارة والشعب الأمريكيين.
أصدرت وزيرة الخزانة الامريكية جانيت يلين تحذيرا صارخا من أن حكومة الولايات المتحدة قد تنفد من الأموال لدفع التزاماتها في أقرب وقت 1 يونيو ما لم يرفع الكونجرس سلطة الاقتراض مشيرة الى ان عدم القيام بذلك سيؤدي لكارثة مالية محلية ودولية.
وفقا لواشنطن بوست، بلغ حجم الدين الأمريكي نحو 31.4 تريليون دولار، وتنفق الحكومة الأمريكية تريليون دولار أكثر من العوائد السنوية، وهو ما يجبر وزارة الخزانة على الاقتراض لتعويض الفرق، ما يعني نمو حجم الدين.
وحاليا، تسعى إدارة بايدن لدفع الكونجرس لرفع سقف الدين، مع عدم تخفيض الإنفاق وهو ما يرفضه مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون بقيادة كيفين مكارثي، والذي قدم مشروعاً يرفع سقف الدين العام ويسمح للحكومة باقتراض المزيد من الأموال، ولكنه رهن ذلك بخفض كبير في الإنفاق، وهو ما يرفض بايدن التفاوض بشأنه مع اقتراب انتخابات 2024.
حذرت صحيفة واشنطن بوست من أنه إذا لم تتخذ خطوات لإجراء تغييرات جذرية سيؤدي إلى زيادة حصة الدين العام في الاقتصاد الأمريكي، إلى ما كانت عليه في نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما وصل حجم الدين العام للولايات المتحدة إلى ذروته.
ديون 20 عاماً
وتراكم الجزء الأكبر من الدين الأمريكي على مدى السنوات العشرين الماضية، وكانت اخر مرة استطاعت الحكومة الامريكية تحقيق فائض كانت عام 2001 عندما جمعت وزارة الخزانة أموالاً من الضرائب أكثر مما أنفقته على الخدمات الحكومية.
ومنذ ذلك الوقت، ساهم أربعة رؤساء، و10 دورات للكونجرس، وحربين في زيادة الدين العام، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، وأجبرت القرارات الصادرة مؤخراً -مثل التخفيضات الضريبية المدمرة للميزانية واتفاقيات الإنفاق المدعومة من الحزبين، والمبالغ الطائلة التي أُنفقت لمواجهة جائحة فيروس كورونا - الولايات المتحدة على الغرق أكثر في الديون.
تخفيضات بوش الضريبية عام 2001: اجمالي الديون وصل 5.7 تريليون دولار
وقع الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش على أول قانون لتخفيض الضرائب في 7 يونيو 2001، ليقلل المعدلات الضريبة المفروضة على دخول الأفراد، وكذلك على الأرباح الرأسمالية وأرباح الأسهم.
وفي عام 2012، أظهرت تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس أن التخفيضات الضريبية لبوش أدت إلى زيادة الدين العام بما يقرب من 1.5 تريليون دولار. وفي وقت لاحق، أصبح معظم هذه التخفيضات الضريبية بنداً دائماً في صفقة بين الجمهوريين في الكونجرس والرئيس السابق باراك أوباما (2009 - 2017) ما أدى إلى زيادة تكاليفه
حرب العراق وحرب أفغانستان
بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر 2001، غزت الولايات المتحدة العراق، وخاضت حروب في الشرق الأوسط على مدى ما يقرب من 20 عاماً، ما أدى إلى زيادة الإنفاق على وزارة الدفاع (البنتاجون) والمحاربين القدامى.
وخلص تحليل لجامعة هارفارد إلى أن الصراعات في العراق وأفغانستان كلفت الولايات المتحدة بين 4 إلى 6 تريليونات دولار.
العقاقير التي تستلزم وصفة طبية
دخل جزء من برنامج الرعاية الطبية "ميديكير"، والذي يغطي تكاليف العقاقير التي تستلزم وصفة طبية لكبار السن حيز التنفيذ بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من تحويله إلى قانون من قبل جورج دابليو بوش، ولم يدعم الجمهوريون، الذين كانوا يسيطرون على الكونجرس في هذا الوقت، المبادرة المكلفة التي كانت تحظى بدعم الجماهير.
الركود الاقتصادي في عام 2008
تسببت الأزمة التي ضربت الأسواق المالية في 2008 في حدوث ركود كبير، وهو أسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير.
وأدى ذلك إلى زيادة الدين الوطني للولايات المتحدة بطريقتين الأولى تتمثل في الانخفاض الحاد في جمع الضرائب، والثانية هي القفزة الكبيرة في الإنفاق على إعانات البطالة، والبرامج الأخرى لمساعدة الشعب على تجاوز الانكماش الاقتصادي.
ووافق الكونجرس والرئيس السابق باراك أوباما (2009 - 2017) على خطة إنعاش مكلفة للاقتصاد تسببت في وصول الدين الى 11.1 تريليون دولار
اتفاق أوباما والجمهوريين علي تمديد سريان التخفيضات الضريبية لبوش 16.8 تريليون دولار
مع اقتراب صلاحية التخفيضات الضريبية التي أقرها بوش من الانتهاء وسط انتعاش بطيء للاقتصاد، وافق أوباما على جعل جميع التخفيضات تقريباً دائمة بتمديد الإعفاءات الضريبية لجميع الأمريكيين باستثناء الأثرياء.
وفي المقابل، وافق الجمهوريون في الكونجرس على تمديد بعض إجراءات التحفيز الاقتصادي وقال مكتب الميزانية في الكونجرس في هذا الوقت أن تكلفة هذه الصفقة ستبلغ 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات.
تخفيضات ترامب ضريبية ديسمبر 2017 الدين يصل 20.5 تريليون دولار
وقع الرئيس السابق دونالد ترمب (2017 - 2021)، مشروع قانون ضخم لخفض الضرائب يركز على خطة لخفض معدلات الضرائب التي تدفعها الشركات الأمريكية الكبيرة من 35% إلى 21%، وخفض الضرائب التي يدفعها الأفراد.
وقدرت اللجنة المشتركة المعنية بالضرائب في الكونجرس أن تكلفة هذا الإجراء ستبلغ ما يقرب من 1.5 تريليون دولار على مدى 10 سنوات.
وفي وقت لاحق، وجد تحليل أجرته اللجنة من أجل ميزانية اتحادية مسؤولة، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن، أن التأثير التراكمي للقانون قد يصل إلى 2.9 تريليون دولار، إذا وافق الكونجرس على تمديد بعض الأحكام التي ستنتهي صلاحيتها في سنوات مختلفة خلال هذا العقد.
اتفاقيات الإنفاق المدعومة من الحزبين في عهد ترامب الدين وصل 22.7 تريليون دولار
اتفق الديمقراطيون والجمهوريون في الكونجرس على زيادة الإنفاق الفيدرالي، في الوقت الذي تجاهل فيه ترامب ثوابت الحزب الجمهوري المتعلقة بتقليص الإنفاق الحكومي، وأدت القوانين إلى زيادة الدين العام بمقدار 2 تريليون دولار
تريليونات الاستجابة الطارئة لكورونا ديسمبر 2020 الدين يصل 27.7 تريليون دولار
وقع ترامب على مشروع قانون "حزم الإنفاق والإغاثة من فيروس كورونا" التي وافق عليها الكونجرس وبلغت قيمة أول حزمة إنفاق وإغاثة 3.4 تريليون دولار، ووافق عليها الحزبين في الكونجرس في مارس 2020.
وتم إقرار الحزمة الثانية، التي بلغت قيمتها 900 مليار دولار، في ديسمبر 2020 وأقر الديمقراطيون الحزمة الثالثة، التي بلغت قيمتها 1.9 تريليون دولار، في عام 2021، بعد تولي جو بايدن الرئاسة، دون دعم جمهوري
الخطة الاقتصادية لبايدن وصل الدين 31 تريليون دولار
أعلن بايدن عن خطة بقيمة 400 مليار دولار لإلغاء ديون الطلاب، ولكن الخطة تم تأجيلها بسرعة إلى أن يتم مراجعتها من قبل المحكمة العليا الأمريكية، وفي غضون ذلك، يضغط بايدن على الكونجرس لزيادة الإنفاق على الرعاية الصحية للمحاربين القدامى، والبنية التحتية، والوكالات الحكومية.
وينفق قانون خفض التضخم، الذي وقعه بايدن، أكثر على مجموعة من البرامج الأخرى، بما في ذلك وكالة الإيرادات الداخلية. ولكن يُتوقع أن يبطئ وتيرة الاقتراض من خلال فرض ضرائب أعلى على الشركات.