تأتى القمة العربية الـ32 المنعقدة فى جدة بالمملكة العربية السعودية، اليوم الجمعة فى وقت صعب وظروف دقيقة يمر بها العالم أجمع، حيث أزمات اقتصادية وسياسية متتالية، تؤثر سلبيا وبشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية فى كثير من بلدان العالم، وأكد فى تصريحات سابقة خلال الأيام الماضية؛ وزير المالية السعودى، محمد الجدعان على هذا الأمر، مشيرا إلى أن الأزمات العالمية المتتالية أظهرت أهمية التكامل الاقتصادى بين الدول العربية.
وفى السياق ذاته، أكد العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، أن القمة تعد مرحلة جديدة من العمل العربى ترتكز على التعاون الاقتصادى لمصلحة الجميع.
لعل «فى الاتحاد قوة»، هى العبارة الأشهر حول التعاون والوقوف على قلب رجل واحد فى مواجهة أى مشكلة أو تحدى تواجه مجموعة من الأفراد، ومن ثم فهى شعار ترفعه القمة الحالية فى ظل أزمات أصبحت لا تخفى على أحد، ما يجعلها قمة مهمة تتطلب دورا قويا من قبل جامعة الدول العربية، وقرارات حاسمة يجتمع عليها القادة العرب جميعا، وبحسب مواقع سعودية، تأتى القمة تحت مسمى «قمة التجديد والتغيير»، ما يعكس توجها قويا من قبل العرب كل فى تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية بالمنطقة بما يحفظ استقرارها وأمنها القومى.
أيضا عودة سوريا إلى مقعدها، سمة مميزة لهذه القمة، ستسهم - بلا شك - فى حل الأزمة السورية، فقد أعرب وزير الخارجية السورى، فيصل المقداد عن أهمية هذه القمة، قائلا إنها فرصة لنقول لأشقائنا العربى إننا لا ننظر إلى الماضى ولكن إلى المستقبل، ما يعكس أن سوريا عازمة بكل صدق على حل أزمتها وتحسين أوضاع السوريين سواء بالداخل أو الخارج.
من جانبه، أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، فى تصريحات لقناة «العربية»، أن إعادة سوريا إلى الجامعة تأتى فى طريق السعى العربى لحل الأزمة السورية، مشيرا إلى أن عودتها لا تعنى التوصل إلى حل لهذه الإشكالية، وإنما سوريا قبلت أن تكون عودتها جزءا من الحل، حيث إن كل دولة عربية متروك لها قرار استئناف العلاقات معها.
ملفات عديدة من المقرر مناقشتها بجدية خلال قمة جدة، فى مقدمتها تصفير المشاكل العربية العربية، ودعم التقارب العربى، فلا تكامل دون علاقات وطيدة بين دول المنطقة، تيسر من التعاون الاقتصادى والسياسى، ما يسهم بدوره فى دعم استقرار المنطقة. أيضا إعادة إعمار سوريا وعودة اللاجئين إليها، من الملفات المهمة التى تدعم استقرار سوريا بعد أكثر من 10 سنوات من الأزمة السورية وما ترتب عليها من أزمات سواء بداخلها أو فى الدول العربية المحيطة بها.
هذه الملفات جميعها تصب فى صالح ملفات أخرى ذات أهمية عالية، من المقرر أيضا مناقشتها، حيث تأمين الحدود المشتركة ومكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تهريب المخدرات، إلى جانب دعم الاستقرار الأمنى والنمو الاقتصادى وأزمة الطاقة والتغيرات المناخية، بالإضافة إلى ملفات أخرى ذات أهمية كبيرة مثل القضية الفلسطينية، والحاضرة دائما وبقوة على طاولة مناقشات العرب على مدار سنوات طويلة، كما أن هناك قضايا أخرى تشغل بال العرب حاليا جميعا، مثل تهدئة الصراعات فى المنطقة، وقضية سد النهضة والأمن المائى إلى جانب ما تشهده الساحة السودانية من تطورات، وهو ما يمثل أهمية خاصة بالنسبة لمصر، وأكد المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، المستشار أحمد فهمى، على أن مشاركة مصر فى قمة جدة، تأتى فى حرصها الدائم على تطوير العلاقات من الدول العربية الشقيقة، واستمرارا لدور مصر فى تعزيز جهود دفع آليات العمل المشترك وتوحيد الصف لصالح الشعوب العربية كافة.
من جانبه، أعلن الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكى، فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن هناك حزمة من القرارات والتوصيات مقرر أن تصدر عن القمة إضافة إلى نتائج مناقشة الملفات سابقة الذكر، منها «الأجندة الرقمية 2023 - 2033»، والاستراتيجية العربية للسياحة، بالإضافة إلى انضمام الصومال الفيدرالية لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، إلى جانب الدعم الفنى اللازم للدول أعضاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى غير المنضمة لمنظمة التجارة العالمية، بشأن تطبيق الملاحق المكملة للبرنامج التنفيذى للمنطقة.
وعلى هامش القمة، تم عدد من اللقاءات بين القادة العرب بشكل ثنائى أو جماعى، تأتى جميعها لتوطيد أواصر التعاون على كل الأصعدة، وبالأخص الاستثمارى والاقتصادى، وفى مقال لرئيس مجلس الوزراء العراقى، لفت إلى أن التعاون مع مصر فى مجالات كثيرة، مشيرا إلى عمق العلاقات بين القاهرة وبغداد، ولا تختلف علاقات مصر مع باقى الأشقاء العرب عن علاقاتها مع العراق، فالقيادة السياسية تحافظ دائما على علاقات سياسية واستراتيجية متوازنة، إيمانا بأهمية الاستقرار والسلام بالمنطقة، والذى يمثل محورا رئيسيا يتم البناء علية لمستقبل أكثر إشراقا قائم على البناء والتنمية بعيدا عن الحروب والصراعات التى لا تأتى سوى بالخراب والدمار على الجميع، وهو ما يجعل من مصر لاعبا محوريا فى الحفاظ على الأمن القومى بالمنطقة.