فوضى لا يمكن إنكارها ، ومؤشرات تشى بمستقبل إن لم يكن قاتما، إلا أن الغموض يحيط أركانه بشكل مؤكد .. بهذه العبارة قرعت وسائل إعلام أمريكية ناقوس خطر عبر تقارير متتالية ترصد مؤشرات الفقر ومعدلات الجريمة داخل الولايات المتحدة التى تستعد لانتخابات رئاسية ساخنة فى 2024 ، يسعى خلالها الرئيس الأمريكى جو بايدن للفوز بولاية رئاسية ثانية ، فيما يحاول الرئيس السابق دونالد ترامب العودة للبيت الأبيض من جديد برغم ما يواجه من تحديات قانونية وملاحقات قضائية.
وفى تقرير لها ، رصدت صحيفة وول ستريت جورنال الأثنين تطوراً نوعياً فى جرائم السرقة بالإكراه وهو ما اسمته الصحيفة بـ"تهديدات القنابل" التى تستهدف محلات البقالة ومتاجر أخرى فى الولايات المتحدة، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وتلقت متاجر مثل وولمارت وأمازون وكروجر وهول فودز، فى مناطق بولايات مختلفة فى الأشهر الأخيرة، مثل هذه التهديدات، إذ يطالب بعض المتصلين ببطاقات هدايا أو عملة بيتكوين أو نقود، ويهددون بتفجير قنابل إذا لم يتم توفير ما يطلبونه.
وفى إحدى ضواحى شمال مدينة شيكاغو، أخبر متصل أحد موظفى هول فودز أنه تم وضع قنبلة فى المتجر وطالب بخمسة آلاف دولار من عملة البيتكوين.
وفى متجر كروجر فى نيو مكسيكو، تلقت موظفة مكالمة من مشتبه به طلب منها تحويل الأموال وهددها بأن قنبلة ستنفجر إذا اتصلت بالشرطة. واتصل موظفو المتجر بالسلطات، حيث جاءت الشرطة وأخلت المكان، لكنهم لم يعثروا على أى قنبلة.
وعلى مدار سنوات، تعاملت الشركات وأماكن الترفيه والمدارس مع تهديدات القنابل وعمليات الاحتيال عبر الهاتف، كما حاولت مجموعات القرصنة الحصول على معلومات أو أموال من خلال هجمات الأمن السيبراني. لكن خبراء الأمن يرون أن التهديدات بالقنابل التى تطلب فدية من المتاجر أمر غير معتاد، وأنها وسيلة جديدة للابتزاز، بدأت فى وقت سابق من هذا العام، بحسب ما نقلت الصحيفة.
وقالت نائب الرئيس التنفيذى لرابطة قادة صناعة التجزئة، ليزا لابرونو، إن أعضاء الرابطة يتبادلون التفاصيل بشأن التهديدات الواردة وكيفية التعامل معها، معتبرة أنها "عملية احتيال متطورة" .
وعبر الرئيس التنفيذى لشركة كروجر، رودنى مكمولين، عن قلقه على الموظفين من هذه التهديدات قائلا "فى كل يوم نشعر بالقلق بشأن السلامة ونأخذ كل شيء على محمل الجد".
وذكرت سلسلة متاجر وولمارت أنها تتعاون مع المحققين المحليين والفدراليين بشأن هذه التهديدات وعمليات الاحتيال.
من جهتها، قالت الشرطة إنها تحقق فى التهديدات، مشيرة إلى أنه من الصعب تعقب المتصلين لأنهم يستخدمون أرقام هواتف موقوفة.
وبحسب الصحيفة، أكد مسئولو إنفاذ القانون فى نفس الوقت على أن كل مكالمة يجب أن تؤخذ على محمل الجد، محذرة من تقديم أى أموال لهؤلاء المتصلين. وطالبت الشرطة، موظفى المتاجر الذين يردون على هؤلاء المتصلين الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات للمساعدة فى التعرف عليهم.
وتأتى جرائم السرقة المتزايدة ، والتهديدات الجديدة، فى وقت فشل فيه الكونجرس فى إقرار ضوابط صارمة لحيازة السلاح، ما أدى إلى تزايد ملحوظ فى حوادث إطلاق النار وأعمال العنف التى تشهدها ولايات متفرقة ، وسط تحذيرات متتالية من خبراء علم الاجتماع من أن تدنى مستويات المعيشة وزيادة عدد المشردين تؤدى فى نهاية المطاف إلى ارتفاع وتيرة العنف والإجرام.
وفى تقرير منفصل ، كشفت وول ستريت جورنال أسبوع ارتفاع ملحوظ فى عدد الأشخاص المشردين الذين تم إحصاؤهم فى الشوارع والملاجئ فى جميع أنحاء الولايات المتحدة بشكل حاد خلال هذا العام، حيث كشف التقرير "زيادات أكثر حدة مما كانت عليه فى السنوات الأخيرة، مع انتهاء إجراءات الحماية خلال فترة وباء كورونا، وارتفاع تكاليف الإسكان".
واستعرضت الصحيفة بيانات من 150 كيانا تحصى الأشخاص بدون مأوى فى مناطق تتراوح من مدن إلى ولايات بأكملها. وأبلغ فى أكثر من 100 مكان عن زيادات فى الأعداد أوائل عام 2023 مقارنة بعام 2022. وسجلت زيادات كبيرة فى مدن منها شيكاغو وميامى وبوسطن وفينيكس.
وتشير هذه الزيادات إلى ما يقوله المدافعون عن المشردين، وهو أنها تأتى بسبب ارتفاع تكاليف الإسكان ونهاية إجراءات الحماية المؤقتة خلال فترة الوباء، مثل وقف عمليات الإخلاء، حيث نقل التقرير عن شانون إيسوم، الرئيسة التنفيذية لمجلس المأوى المجتمعى قولها: "لقد زاد التشرد وهناك المزيد من زعزعة الاستقرار".
والمجلس هو منظمة تدعمها الحكومة، أبلغت عن زيادة عدد المشردين بنسبة 22% فى منطقة كولومبوس بولاية أوهايو، ووجد الإحصاء السنوى الذى أجرى فى 25 يناير الماضى أن هناك 2337 شخصا بلا مأوى.
وتجمع وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية البيانات عادة، ولكنها تعتبر أولية ويمكن أن تخضع للتغيير. وقالت الوزارة إنها ستصدر المزيد من النتائج الشاملة بتقرير مفصل أواخر العام الحالي.
وقال المجلس الأمريكى المشترك بين الوكالات المعنى بالتشرد، وهو وكالة فيدرالية، إن العديد من المجتمعات تشهد زيادات بعد انتهاء المساعدة فى الإيجار وبرامج مكافحة الأوبئة الأخرى. وأضاف أن إدارة بايدن منحت 486 مليون دولار فى شكل قسائم ومنح جديدة، من بين خطوات أخرى، منذ بداية هذا العام.
ويبدو أن لقتامة المشهد وجوه آخرى. ففى تقرير منفصل، قالت مجلة نيوزويك إن الفقر يقتل نحو 200 ألف أمريكى سنويا. وفى الوقت الذى يزداد فيه الأثرياء ثراءً، فإن هناك الآلاف الذين يعيشون دون تلبية احتياجاتهم الأساسية يموتون كل عام فى الولايات المتحدة، بحسب ما أظهرت دراسة حديثة. وأصبحت هذه القضية تقلق أغلبية من الأمريكيين وفقا لاستطلاع جديد أجرى لصالح مجلة نيوزويك.
وكان بحثا أجرته جامعة كاليفورنيا ونشر فى وقت سابق هذا العام فى دورية الرابطة الطبية الأمريكية، قد وحد ان وفاة نحو 183 ألف أمريكى تتراوح أعمارهم بين 15 وما فوقها، قد ماتوا فى عام 2019، قبل تفشى وباء كورونا، لأسباب تعود إلى الفقر، والذى يحدد بهؤلاء الذين تقل دخولهم عن 50% من متوسط الدخل الأمريكى.
وفى عام 2019، كان متوسط دخل الأسرة 69.560 دولار. وفى نفس العام، قدر مكتب الإحصاء الوطنى الأمريكى، أن نحو 34 مليون أمريكى، حوالى 10.5% من السكان، يعيشون فى فقر.
وبحسب نيوزويك لا يزال الفقر قضية كبرى فى الولايات المتحدة، أكبر من أى دولة أخرى بها مستويات مشابهة من الثروة الموزعة، وهو سبب لقلق كثير من الأمريكيين وفقا لاستطلاع نيوزويك، حيث وجد الاستطلاع أن حوالى 53% من الأمريكيين يشعرون بقلق شديد إزاء مستوى الفقر فى البلاد.