قال الكاتب الصحفي والإعلامي أحمد الطاهري رئيس تحرير مجلة روزاليوسف، إن دعوة مصر لاجتماع دول جوار السودان، التي لقيت مشاركة واسعة من أفريقيا الوسطى وإريتريا وتشاد وجنوب السودان وليبيا وإثيوبيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، تتفق تماما مع الجهود المصرية التي مازالت تبذل حتى الساعة، لاحتواء هذا الصراع وتجنيب السودان والأشقاء في السودان الآثار الأليمة لهذا الصراع.
وأضاف خلال مداخلة مع قناة "القاهرة الإخبارية"، أن هذه الدعوة تتفق أيضا مع حيادية الموقف المصري، مع انحياز واضح للسودان الموحد، السودان الذي لا يعاني مثل هذه المعاناة الإنسانية، فمن المؤكد أن دول الجوار السوداني هم الذين يدفعون ضريبة هذا الصراع.
ولفت إلى أن العرف جرى أن مصر حين تتحرك في ملف إقليمي، فهذا يكون دعامة للاستقرار الإقليمي، وإذا كان الأمر يتعلق بشقيق عربي فإن مصر تكون حاضنة وضامنة لنزاهة هذا التحرك.
وذكر أن السودان يشكل خصوصية كبرى بالنسبة لمصر على الاعتبارات كافة، سواء السياسية أو التي تجمع شعبي البلدين، كما أن التحرك المصري يتفق مع التحركات التي بدأها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى منذ اللحظة الأولى، ونلاحظ أنه تحرك تحركا جماعيا من اللحظة الأولى، والحديث كان مع دول الجوار المباشر للسودان، وتبنت مصر مبادرة من اللحظة الأولى مع جنوب السودان.
وأوضح أن مصر حاولت صياغة موقف موحد من اللحظة الأولى، وهذا الموقف من أبرز ثماره منع أي تدخل أجنبي في الشأن السوداني، ووقف أي انحياز لطرف من أطراف الصراع، وهو موقف يتفق مع شخصية مصر ويتفق مع المفهوم المصري في سياساتها الخارجية على مدار السنوات الماضية، فمصر يهمها في نهاية المطاف تحقيق الهدف ولا يهمها استعراض الأدوار، وأكبر دليل تدعيم مصر لمبادرة جنوب إفريقيا الخاصة بالنزاع في أوكرانيا.
وأضاف أن هذا الأمر أيضا ينعكس على الدور المصري في السودان، فتحركها لا يخصم من أدوار أخرى أو مبادرات أخرى، بل يسعى لتحقيق الهدف، فهناك مبادرة الإيجاد، ومبادرة سعودية أمريكية، ومبادرة للاتحاد الإفريقي، وبالتالي يكتمل هذا بحضور دول الجوار.
وقال الكاتب الصحفي والإعلامي أحمد الطاهري رئيس تحرير مجلة روزاليوسف، إنه من الضروري أن يتنبه المجتمع الدولي للمخاطر والضغوط التي يتعرض لها دول جوار السودان، وأن هناك تحديات تتعلق بأمور أمنية واستراتيجية، لا أحد في الإقليم كله يتحمل سيولة الوضع في السودان، الأمر بالغ الخطورة، وبالتالي مصر تتحرك بهدف وقف النزاع وضمان وصول المساعدات الإنسانية، فالسودان كان يريد أن يتعافى من فترات طويلة لم يعرف فيها جودة الحياة التي تليق به، وبالتالي أن ينحدر بفعل هذا الصراع فهذا أمر لا تقبله مصر ولا دول الجوار ولا الإنسانية.
وأكد أن مثل هذا التجمع في القاهرة يعطي إشارات واضحة، أولها مدى اهتمام القيادة السياسية المصرية ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذا الملف، وانعكس في شكل تسهيلات كبيرة قدمتها مصر، سواء في عمليات إجلاء الرعاية ومساعدة الدول الشقيقة في إجلاء رعاياها بسهولة، وانسيابية الأمر في معبر أرقين الحدودي، وحضور مصر بالمعدات والتجهيزات لدعم الأشقاء في السودان، وحضور أهلنا في السودان في مختلف ربوع مصر وهم محل ترحيب من أهلهم هنا في مصر.
وشدد أيضا أن على المجتمع الدولي أن يتحمل تبعات هذا الأمر، ولا أتحدث هنا عن مصر فقط، فجنوب السودان وتشاد لديهما نفس الأمر، متابعا أنه منذ تولي الرئيس السيسي المسؤولية، اختلف التعامل في إفريقيا عن عقود مضت، واستعادت مصر دورها الريادي في القارة، وقدمت النموذج التنموي الملهم في القارة بشهادة الكثير من الأشقاء، وكان السيسي أول رئيس مصري يزور بعض الدول الإفريقية، وهو الوحيد الذي زار الأقاليم الخمسة للقارة، كما صاغت مصر العديد من الاستراتيجيات الخاصة بحفظ السلم والأمن في إفريقيا، وتنامي العلاقات مع دول حوض النيل، واستعادة وهج تجمع الساحل والصحراء، الذي عاد منذ انعقاد قمته في شرم الشيخ، والمبادرات التنموية، وحضور مصر في أزمة كورونا، وحديث مصر باسم إفريقيا في المحافل الدولية، والظلم الذي تتعرض له القارة جراء أزمة المناخ، وبالتالي الحضور المصري في إفريقيا لا يختلف أيضا عن هذا السياق، وإن كان للوضع في السودان أولوية قصوى بالنسبة لمصر.