محافظ جديد يأتى وأخر يرحل فيما تبقى الأمور على حالها، ولا تحمل الشمس تحتها أى جديد لمن أتعبتهم المعاناة فى ظل جبال متراكمة من المشاكل التى يعيش فى ظلها الملايين، ولا فارق فى ذلك بين محافظات الشمال والجنوب فالكل غارق فى بحر الشكوى الدائمة راجيا أن يصل صوته للسئولين عسى أن يتغير فى الأمر شئ، ولكن يبدو أنه لن يكون هناك أى ضوء فى نهاية النفق طالما ظلت عقلية السيد المحافظ منحصرة فى التفكير فى كيفية العناية بنظافة الفئران وتحليل حركة الريح أو الظهور أمام الكاميرات للترويج لإنجازات ليس لها على أرض الواقع رصيد.
حركة محافظين مرتقبة ينتظر أن يتم الإعلان عنها خلال الساعات المقبلة ؟ وبصرف النظر عن بورصة الأسماء التى يجرى تداولها أو المحافظات التى يتوقع أن يطالها التغيير، فإن السؤال الأكثر إلحاحا يبدو عند الجديد الذى يمكن أن تحمله هذه الحركة التى ليست الأولى ولكن تكون بالطبع الاخيرة.
وبحسب عدد من التقارير الخبرية التى نشرتها " انفراد" فى وقت سابق فإن الحركة يتوقع أن تتضمن تغيير 8 محافظين، مشيرة إلى أن هذا العدد قابل للزيادة فى حال ثبوت تقصير أى محافظ فى إنجاز المهام المنوطة به فى محافظته، وشددت المصادر على أن هناك توجيهات مفادها أنه لا مكان فى المرحلة الحالية لأى مقصر.
وأوضحت المصادر أن الفترة الحالية تشهد عملية تقييم شاملة ومستمرة لأداء كل المحافظين على مستوى الجمهورية، مبينة أن عملية تقييم الأداء لا ترتبط بحركة المحافظين، وأنها ستظل متواصلة خلال الفترة المقبلة.
ما يحتاج اليه الشارع بقوة فى ظل المشاكل المتعددة التى تشهدها محافظات مصر المختلفة هو حركة محافظين من خارج الصندوق تأتى بشخصيات قادرة على التفكير الاسترتيجى ووضع الخطط وترتيب سلم الأولويات والتعامل بحسم مع التحديات التى تواجه المحافظات المختلفة فبإختصار يريد الناس محافظ يشعر بأنه رئيس جمهورية فى محافظته وليس مجرد موظف بيروقراطى يلتزم بالروتين واللوائح المملة وينتظر التوجيهات التى تأتيه من الوزير أو رئيس الوزراء كى يتحرك ويقوم بدوره فى خدمة أهل محافظته.
الانقطاع المتكرر فى مياه الشرب لفترات طويلة، وتلال القمامة، وقنبلة البطالة مكتومة الصوت التى يعانى منها الملايين فى محافظات مصر المختلفة تحتاج لجيل جديد من المحافظين القادرين على الحركة بفعالية فى وسط الناس، بعيدا عن الفكرة الكلاسيكية التى جعلت من المنصب استراحة لتقاعد بعض السئولين السابقين.
وكان استطلاع اجراه مركز بصيرة حول أداء المحافظين أشار إلى أن 52% من المواطنين يوافقون على أداء المحافظ، و20% لا يوافقون على أداء المحافظ وباقى العينة وقدرها 28% ذكرت أنها غير متأكدة من أداء المحافظ وهو ما يعنى أن قرابة ال48% لا يشعرون بقيمة مضافة للسادة المحافظين .
النماذج الناجحة للمحافظين فى مصر تعد على أصابع اليد الواحدة، ويعرفها الكبير والصغير فيما يهيمن الأداء الوظيفى الروتينى على الغالبية العظمى منهم حيث ينحصر المنصب فى دائرة الوظيفة والروتين اليومى وهو ما لا يصنع انجازا ولا يؤدى لقيمة مضافة فى إطار التعاطى مع هموم ومشاكل الناس الحياتية.
إجراء حركة محافظين بين الحين والأخر يبدو أمرا بالغا الأهمية فى إطار ضخ دماء جديدة تقود العمل الميدانى فى المحافظات، لكن ما نحتاجه هو أن ترتقى هذه الحركة لمستوى طموحات وأمال الناس لتأتى بأشخاص قادرون على المساهمة بالفعل فى نقل البلاد للمستقبل عبر خطوات متواصلة من العمل .
على أرض الواقع فإن هناك صلاحيات كبيرة يتمته بها المحافظ فهو يتولى جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح ويكون المحافظ فى دائرة اختصاصه رئيسا لجميع الأجهزة والمرافق المحلية وتكون للمحافظ السلطة المقررة للوزير بالنسبة للقرارات الصادرة من مجالس إدارات الهيئات العامة التى تتولى مرافق عامة فى نطاق محافظته وهذا كله يعنى أن الإصلاح لايحتاج لتشريعات وقوانين بقدر ما يتطلب حسن اختيار وشخصيات قادرة على القيادة .