يقوم المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى الليبية برئاسة فائز السراج بجولات مكوكية للقاء مسؤولين فى دول الجوار الليبى والأطراف الدولية المتداخلة فى المشهد الليبى، سعياً من أعضاءه لحشد دولى يدعم الحكومة فى المرحلة المقبلة لمواجهة الفكر الإرهابى والتنظيمات المتطرفة التى استوطنت بالبلاد، إضافة لبحث الدعم الذى يمكن أن تقدمه تلك الدول للاقتصاد الليبى وإنقاذه من شبح الانهيار.
بدأت زيارة رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى الليبية بالعديد من دول الجوار، وعلى رأسها مصر، فقد استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى الليبية، وذلك بحضور سامح شكرى وزير الخارجية.
وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس رحب بـ"فائز السراج"، فى زيارته الأولى للقاهرة، وقدم له التهنئة على اختياره لرئاسة المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الليبية الجديدة، معرباً عن التمنيات بالتوفيق والنجاح فى قيادة الحكومة لتحقيق واقع أفضل لليبيا الشقيقة على كافة الأصعدة.
وأعرب الرئيس عن ترحيب مصر بتوقيع الاتفاق السياسى فى مدينة الصخيرات المغربية فى السابع عشر من ديسمبر الجارى، مشيراً إلى أن مصر دعمت العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة منذ بدايتها، وشجعت مجلس النواب بشكل دائم على المشاركة الإيجابية فى كافة جولات الحوار.
وأكد الرئيس السيسى على استمرار الدعم المصرى لليبيا، مشيراً إلى أن مصر لن تدخر جهداً فى دعم الحكومة الليبية الجديدة حتى تتمكن من أداء مهامها، وتحقيق تطلعات الشعب الليبى الشقيق.
ومن جانبه، أعرب رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الليبية عن تقدير بلاده لدور مصر الرائد فى منطقة الشرق الأوسط وكونها ركيزة للأمن والاستقرار فيها.
وأعرب السراج عن أن بلاده تثمن غالياً الجهود المصرية الدؤوبة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار فى ليبيا، والحفاظ على سلامتها الإقليمية ووحدة أراضيها وصون مقدرات شعبها.
وأشار "السراج"، إلى أن تحقيق السيادة الليبية يتطلب انحصار القوة العسكرية فى مؤسسات الدولة فقط، بالإضافة إلى ترسيخ دور القضاء، موضحاً أن أهم الملفات التى ستوليها الحكومة الليبية اهتماماً متزايداً فى المرحلة المقبلة تتمثل فى بسط الأمن والنهوض بالاقتصاد، بالإضافة إلى تحقيق المصالحة الوطنية بين كافة الفرقاء الليبيين.
وأكد السراج اعتزام الحكومة الليبية مواجهة التنظيمات الإرهابية المتواجدة على الأراضى الليبية، والتى تسعى إلى تمزيق وحدة الدولة الليبية وتستهدف المواطنين الأبرياء، بما يؤثر سلباً على أمن واستقرار الشعب الليبى فى مختلف المدن الليبية، وفى مقدمتها سرت ودرنة وبنغازى، مشدداً على أهمية التعاون مع دول الجوار بشكل وثيق من أجل دحر هذا الخطر الداهم.
كما قام رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الليبية بزيارات إلى دول المغرب والجزائر وتونس والتقى المسؤولين فى تلك الدول، لبحث العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك والأوضاع الراهنة فى ليبيا، وسبل دعم حكومة التوافق الوطنى لإنجاح مهمتها فى انتشال البلاد من أتون الصراع المسلح.
وركز فائز السراج على زيارة تركيا باعتبارها أحد الدول الفاعلة فى الملف الليبى، حيث التقى خلال الزيارة برئيس وزراء تركيا داود أوغلو ووزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين بما يحقق تطلعات الشعبين فى الأمن والاستقرار وتبادل المنافع فى ظل احترام كل منهما لخصوصية الآخر وبعيدًا عن التدخل فى الشئون الداخلية لكل منهما.
وقال المستشار الصحفى لرئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى فتحى بن عيسى، إن زيارة السراج إلى تركيا جاءت بدعوة من الرئاسة التركية، لبحث العلاقات الثنائية بما يحقق تطلعات الشعبين فى الاستقرار والاحترام المتبادل لخصوصية كل منهما.
وكانت تركيا قد أكدت فى وقت سابق من أمس الاثنين خلال زيارة السراج لأنقرة وقوفها بكل امكانياتها إلى جانب ليبيا ودعمها لأى خطوة تؤدى إلى استقرار ووحدة أراضى ليبيا.
كما التقى السراج مؤخراً مع رئيس الحكومة الايطالية، وقال المستشار الصحفى لرئيس حكومة الوفاق الوطنى الليبية، فتحى بن عيسى، إن رئيس الحكومة، فائز السراج، أبدى ترحيباً بموقف الحكومة الايطالية الداعم والمرحب بالاتفاق السياسى الليبى.
وأضاف بن عيسى فى بيان صحفى ـ حصل "انفراد" على نسخة منه، أن رئيس حكومة التوافق الوطنى الليبية فائز السراج أشاد بعمق العلاقات بين ليبيا وإيطاليا، مرحباً بأى دعم يقدم لحكومة الوفاق لا ينتقص من سيادة ليبيا ويحفظ أمنها ووحدتها، كما بحث مع الجانب الإيطالى تفعيل اتفاقية الصداقة والتعاون الموقعة بين البلدين عام 2008م.
وأشار بن عيسى، فى تصريحات صحفية، إلى إن اللقاء الذى جمع بين رئيسى حكومة الوفاق الوطنى ورئيس الحكومة الإيطالية فى العاصمة الإيطالية روما، بحضور نائب رئيس حكومة الوفاق موسى الكونى ووزير الخارجية الإيطالى باولو جنتيلونى تطرق إلى "عودة كل من السفارة والقنصلية الإيطالية إلى طرابلس وكذلك الشركات الإيطالية فور دخول حكومة الوفاق لطرابلس".
ورحب السراج بالدعم الفنى والاستشارى المقترح، مؤكداً ضرورة أن يكون فى إطار برنامج عمل الحكومة واحترام إرادة وسيادة الدولة الليبية .
وطالب السراج بتفعيل اتفاقية الصداقة والتعاون الموقعة بين البلدين عام 2008، مرحباً بعودة السفارة الإيطالية للعمل من العاصمة طرابلس، وكذلك الشركات الإيطالية فور دخول حكومة الوفاق العاصمة الليبية.
وكان فائز السراج قد تلقى فى الأونة الأخيرة عدة اتصالات من قوى دولية، أهمها اتصالين من كلاً من وزيرى خارجية إيطاليا "باولو جنتيلونى"، وألمانيا "فرانك فالتر شتاينماير" هنأه فيها على تولى منصبه وبحثا معه سبل دعم بلديهما لحكومة الوفاق الوطنى بما يعيد الاستقرار لليبيا ويحفظ أمنها.
وشكر السراج موقف إيطاليا وألمانيا من الأزمة الليبية، مرحباً بأى دعم غير مشروط لمساندة حكومة الوفاق الوطنى فى مهمتها لاحلال الاستقرار فى البلاد، وإنهاء معاناة الشعب الليبى فى الداخل والخارج وبما ينقذ ليبيا من الإرهاب.
وتعليقاً على الزيارات واللقاءات المكثفة التى يقوم بها السراج، قال المحلل السياسى الليبى، محمد بن موسى، إن زيارات رئيس حكومة الوفاق الوطنى الأخيرة منذ لقاءه بالرئيس عبد الفتاح السيسى وزيارته لتركيا للقاء المسؤولين هناك تحرك يصب فى مصلحة انهاء الانقسام السياسى.
وأكد "بن موسى" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن مصر وتركيا يعتبرا من أهم الدول التى لها دور كبير فى دعم الأطراف المتنازعة فى ليبيا، موضحاً أن أول أمر يقوم به المجلس الرئاسى هو انهاء الانقسام كى تكون حكومة الوفاق السلطة السياسية الوحيدة فى البلاد، والممثل الوحيد للشعب الليبى والغرض الآخر من الزيارات واللقاءات والاتصالات مع عدد من دول العالم الحشد الدولى لمكافحة الإرهاب، خاصة وأن الملف الأمنى هو أهم الملفات أمام حكومة السراج.
وأوضح أن الحشد الدولى يدفع الدول للمساعدة فى انهاء الحظر على الجيش الليبى وتعديل القرارات الخاصة بليبيا، والدول الكبرى التى لها حضور فى مجلس الأمن يمكن أن ترفع الحظر وتساعد سياسياً وعسكرياً فى دعم الجيش لمحاربة الإرهاب وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، لاسيما بتشكيل قوة رصد حكومية لمنع تدفق الأجانب إلى ليبيا.
وقد أكد رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى الليبية فى كلمة تليفزيونية مؤخرا أن أولَ التحديات أمامه سيكون الملف الأمنى وفوضى انتشار السلاح، موضحاً أن أولَ التحديات سيكون الملف الأمنى وفوضى انتشار السلاح الذى يتعارض مع مفهوم احتكار الدولة لاستخدام القوة، لان احتكارَ الدولةِ لاستخدامِ القوة هو ما يحقق فرض سيادتها على كامل التراب الوطنى، ويمكنها من بسط الأمن وفرض سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وكل ذلك لا يتأتى إلا عبر مؤسسات فاعلة على رأسها مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء.
وأشار السراج إلى أن ثانى هذه التحديات هو الملف الاقتصادى والخدمى والذى يتطلب معالجات وإجراءات حاسمة وعاجلة تضمن توفير الضرورات المعيشية للمواطنين وانسياب الخدمات الأساسية لهم لرفع المعاناة عنهم لاسيما أولئك المتضررين فى مناطق الصراع.
وأضاف السراج :"ثالث هذه التحديات هو ملف المصالحة الوطنية الذى يتطلب بذل الجهود وتكثيف المساعى من الجميع لرأبِ الصدع وصولاً لإنهاء الأزمات الإنسانية ورفع المعاناة عن أطياف عديدة من نسيجنا الاجتماعى تحولوا بسبب الصراع إلى لاجئين ونازحين ومهجرين داخل وخارج الوطن".
وأكد السراج عزمه على مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، التى تسعى لتقويض وحدة ليبيا وسلامة أراضيها وتستهدف أرواح مواطنيها وأمنهم واستقرارهم سواء فى بنغازى أو سرت أو درنة أوغيرها من المناطق المهددة.
وتؤكد تحركات فائز السراج بأنه يسعى بكل ما أوتى من قوة للانتقال بليبيا من مرحلة الصراع المسلح والانهيار الاقتصادى، لحل الازمات الداخلية وبحث آليات النهوض بالاقتصاد الليبى وعودة المهجرين إلى مدنهم عقب القضاء على الإرهاب وتمكين مؤسسات الدولة من ممارسة مهامها.