تواجه صناعة النشر فى الوطن العربى كثير من التحديات حتى تحقق الأمل المرغوب فى جذب القراء والتشجيع على اقتناء وقراءة الكتب، ولكن هناك أزمة تحول دون تحقيق ذلك مما يؤثر على حركة البيع فى السوق المحلى بصفة خاصة والدولى من خلال معارض الكتب بصفة عامة، وهى عملية تزوير الكتاب الورقى والتى طالت الكتاب الرقمى أيضًا، وهو أمر ليس بهين، إذ أن ذلك يشكل خطرًا جسيما على صناعة النشر، وهو ما أكده الناشرون.
عماد الدين الأكحل: عملية تزوير الكتب الورقية تزايدت مع انتشار السوشيال ميديا
وفى البداية قال الناشر الدكتور عماد الدين الأكحل، صاحب دار إيبيدى للنشر الإلكترونى والورقى، إن عملية تزوير الكتب ليس قاصرة على المطبوع فقط ولكن يشمل الرقمى أيضًا، ولكن بالطبع الكتاب الورقى تعرض للتزوير منذ زمن طويل، وانتشر فى الدول التى كانت بها القوة الشرائية منخفضة.
وأوضح الدكتور عماد الأكحل فى تصريحات خاصة لـ "انفراد"، أن المزور يعمل على قائمة الكتب الأكثر مبيعًا والأكثر شهرة، ويتم عرضها فى المكتبات الصغيرة التى تعرض الكتب الأصلية أمام الجمهور ولكن عند بيع الكتاب للقراء يعطى له النسخة المقلدة ليحقق مكسب أكبر، كما يمتدد الكتاب المزور إلى الأسواق المغلقة أو صعب الوصول لها مثل المغرب والجزائر والعراق حديثًا، إذ أن عملية شحن الكتب لتلك الدول كانت مرتفعة الثمن، فكان هناك بعض المزورين يقومون بشحن كمية كبيرة من الكتب الكثر مبيعا لبيعها هناك.
وأضاف "الأكحل"، إن عملية تزوير الكتب الورقية تزايدت مع انتشار السوشيال ميديا لأن ذلك أدى إلى وجود أفراد ومجموعات منظمة تنشئ صفحات لبيع الكتب المزورة، وتم بيع كميات كبيرة من الكتب عن طريق تلك الوسيلة التكنولوجية الحديثة، لافتا إلى أن الأزمة الاقتصادية التى تعرض لها العالم فى الفترة الأخيرة عرضت القوة الشرائية للانخفاض بصورة ملحوظة، وأدى ذلك إلى لجوء القارئ للكتاب المزور، إلى جانب أزمة الإنتاج للكتاب الورقى نفسه حيث اضطر الناشر لخفض عدد الكتاب فى الطبعة الواحد بمعنى أنه "إذا كان قبل ذلك يطبع 1000 كتاب ففى الوقت الحالى يطبع 500 فقط أو أقل من ذلك"،مما أدى إلى ظهور مزورين فى أسواق كبيرة لبيع الكتب فى الخليج.
أما عن الكتاب الإلكترونى فيقول الدكتور عماد الأكحل، إن الكتاب الرقمى يجرى تزويره أيضا منذ فترة، حيث يوجد حافز لمن يعرض تلك الكتاب على موقع خاص به نظرًا لكثرة من خلال الإعلانات الخاصة على موقعه، فكلما قام بتزويد المحتوى زادت تلك الإعلانات وبالتالى يحقق ربح كبير، وللأسف هناك صعوبة فى ضبط هؤلاء المزورين نظرًا لوجود تلك المواقع فى نطاق قانونى مختلف فى دول أوروبية، وحال متابعة الناشر الأصلى لإثبات حقوقه الملكية سينفق مصاريف باهظة للغاية.
وأشار "الأكحل" إلى أن ظاهرة تزوير الكتاب الرقمى كثرت بعد ظهور العديد من تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث تعد مرتعا لتبادل الملفات المزورة بطريقة سريعة وبكميات كبيرة، وهناك منصات ظهرت وبدائل لتزوير الكتب هى تلك المنصات التى تعرض الكتاب بشكل قانونى ساهمت فى جذب بعض القراء ما كان له أثر سلبى على مبيعات الكتاب الورقى، وفى نفس الوقت لا يتم تحقيق الربح المرغوب من خلال بيع الكتاب الرقمى، حيث أن مبيعاته تمثل2% من نسبة مبيعات الكتاب الورقى.
وتابع : هناك جهود للدول واهتمام بحقوق الملكية الفكرية، وخلال معرض القاهرة الدولى للكتاب بدورته 2023، تم إقامة مؤتمر حول حقوق الملكية الفكرية، وكانت خطوة مهمة للغاية، ولكن يبدو من صياغة الاستراتيجية الاهتمام الكبير بحماية الصناعات التكنولوجية مثل صناعات الابتكار والتصنيع التى تعمد على براءات الاختراع مثل السيارات والكيميائية والخاصة فى مجال تصنيع الدواء وغيرة، ولكن صناعة النشر لم تحظى إلا بمساحة محدودة داخل الاستراتيجية وهذا نتيجة أن دخل صناعة النشر محدود جدا ولا يقارن بباقى الصناعات الأخرى، وفى ظل ذلك مازلنا نرى الكتب المزورة على أرصفة القاهرة والإسكندرية ووجهات بعض المكتبات الصغيرة، كما أن صفحات السوشيال ميديا مازالت تعمل فى بيع الكتب المزورة.
وعن آليات ومواجهة تلك الظاهرة يقول الدكتور عماد الأكحل، ومواجهة تلك الظاهرة يعتمد على أجهزة الدولة لأن الناشر لا يوجد لدية القدرة على تتبع المزورين، مضيفا أن أفضل أساليب المواجهة هو خلق بدائل للقارئ غير القادر على شراء الكتاب الأصلى، مثل توفير الاستعارة عن طريق المكتبات العامة والمدارس، ومراكز الشباب والرياضة والمؤسسات داخل الدولة، وشراء حقوق من الناشرين الأصليين وإصدار طبعات شعبية مدعومة من خلال وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب مثل مشروع مكتبة الأسرة، إلى جانب إطلاق حملات للقراءة وكوبونات خصم من الناشرين الأصليين للقارئ.
ماهر ميخائيل يطالب يقانون رادع
ومن جانبه قال الناشر ماهر ميخائيل، صاحب دار نشر اي بلانيت للخدمات التعليمية إن عملية تزوير الكتاب الورقى بكل تأكيد تؤثر بشكل كبير على صناعة النشر، مضيفا: نحن كناشرين بحاجة إلى قانون جديد يضم أدوات تحد من عمليات التزوير وسرقة إبداع الغير، للحفاظ على حقوق المؤلفين والناشرين، والإنتاج المصري بشكل عام، وكذلك المبدعين من الخارج.
وأضاف ماهر ميخائيل، فى تصريحات خاصة لـ "انفراد"، أن مشروع القانون الجديد المقرر مناقشته خلال الفترة المقبلة في مجلس النواب، لابد أن يكون فيه عقوبات رادعة للمزورين، والسارقين، والمعتدين على ملك الغير، لتجعلهم يعيدوا التفكير ألف مرة قبل أن يعتدوا على ملك غيرهم من إنتاج إبداعي.
وأشار إلى أن هناك احتياج لتعريف المجتمع بأهمية الملكية الفكرية، وأهمية الحفاظ عليه، لما لذلك من أثر كبير على الصناعة والإنتاج بشكل عام، مؤكدًا على أن تنفيذ قانون الملكية الفكرية بكل ضوابطه سيكون له أثر كبير على مصر بشكل عام، من خلال تشجيع المبدعين على مزيد من الابتكار، حيث أن هذا سر تقدم العديد من الدول لاحترامها الملكية الفكرية، ما يساعد على حصول المبدع على ثمار إبداعه، وبالتالي تستفيد البشرية كلها .
وأوضح ماهر ميخائيل، أنه لابد من الانتهاء من تشكيل قانون رادع لحماية حقوق الملكية الفكرية، حتى نستطيع أن نحافظ على حقوق المبدعين، لأنه مع التطور التكنولوجي انتشر التزوير بشكل أكبر، ومؤخرًا بعد ارتفاع سعر العملات زاد الاتجاه نحو العمل بكتب مزورة مما يؤثر سلبيًا على الناشر وصناعة النشر في مصر.