عندما كتبت أنتقد بعض المحللين الذين كانوا منافقين محترفين وتحولوا، مؤخرا، إلى معارضين لا يقدمون معارضة، تلقيت ردودا من معلقين بعضهم قال: وماذا يحدث إذا كانت هناك أصوات معارضة وآراء متنوعة؟ وآخرون يقولون: أنت تترك المشكلات الاقتصادية وتتحدث عن إنجازات وتغيرات.
والحقيقة أن هذا هو مربط الفرس كما يقولون، فأنا لا أتجاهل أن لدينا مشكلات اقتصادية تحتاج إلى مواجهة ومشكلات اجتماعية وأخرى إدارية، وأننا بالفعل نحتاج إلى إرادة للتغيير، لكن الاعتراف بوجود مشكلات لا يمكن أن يتجاهل الإنجازات أو الميزات، وربما نرى آراء معارضة تنتقد قرارات مصرفية أو ارتفاعات بالأسعار، وبعضها قاسٍ، لكنه ينبع من قلوب وطنية بينما اعتاد الإخوان أن ينشروا اليأس ويملأوا الدنيا صراخا، ويخترعوا قصص المظلومية ويقدموا وجوها بريئة لذئاب قتلوا وحرقوا.
وأنا أطلب من هؤلاء الذين يلوموننى أن يقرأوا بتجرد ما يكتبه المدعون ليعرفوا الفرق بين المعارضة والسياسة وبين السعى لنشر الإحباط والاكتئاب وتوصيل آراء أنه لا فائدة وأن خروجهم ضد الإخوان ومرشدهم كان خطأ، وأن مرسى ومرشده كانا يحققان إنجازات عظيمة وأن ثورة 30 يونيو منعتهم من تحقيق الإنجازات، هذا هو ما يريدون قوله، لكن الأغلبية من شعب مصر تعرف الحقيقة ولم تنس كيف كان البلد غارقا فى الظلام والفوضى والفشل، ولا ينسون التهديد والتفجيرات، وحصار المحاكم، والناس لم تنس أن تنظيم الجماعة ليس له علاقة بالثورة ولم يشارك فى يناير إلا بعد التأكد من النجاح. ناهيك عن فشل وتنمية إرهاب وبيع علنى لقناة السويس لإمارة بهدف التكويش، كل هذا لم ينسه المصريون، ولم ينسوا نفاقات هذا الكاتب أو ذاك المحلل.
لن تجد أيا من صناع اليأس يشير ولو من بعيد لشبكات طرق ومصانع واستثمارات ومحاولات لاستعادة السياحة، وطبعا مع هذا هناك أزمة فى قرارات مصرفية وانخفاض مبالغ فيه للجنيه، ونقول مبالغ فيه لأنه غير منطقى، حتى مع كل ما يقال حول ظروفنا وضعف الإنتاج وغياب السياحة والتصدير، كلها عناصر أزمة لكن هناك تلاعبا معروفا ومضاربة وتعمدا، قد لا تكون هى كل الأسباب لكن محاصرتها سوف تظهر النتيجة قريبا.
ونعود إلى لوم القراء الأعزاء لنؤكد أنه لا تستر على مشكلة ولا تجاهل لأزمة، لكن علينا عدم الاستماع لأصوات تبشر بمصائب وانهيارات غير موجودة إلا فى عقولهم وعقول نخب كل همها أن تبقى السلع المستوردة متوفرة حتى لو كانت تافهة، ولا لهؤلاء العاطلين الذين يريدون منصبا ويمارسون الابتزاز باسم المعارضة بينما المعارض معروف والمنافق وصاحب النية السيئة أيضا معروف. ونقول لأهلنا إننا لا نطلب التصفيق، لكن يمكننا التفرقة بين مبتزين باسم الجمهور، وبين معارضة لديها ما تقوله أكثر من نشر اليأس.