"الأسطورة" بلطجى وقاتل فى ثوب "ابن البلد".. نجاح المسلسل يرجع للمزاج الشعبى الباحث عن بطل لا يجىء.. ويحمل أحلام وهموم المصريين حتى ولو كان خارجا عن القانون

لم يكن لمشاهد حزن رواد المقاهى على وفاة رفاعى الدسوقى بطل مسلسل "الأسطورة" الذى جسد شخصيته الفنان محمد رمضان أو تبادلهم التهانى مرة ببراءة شقيقه الأصغر "ناصر " وأخرى لقيام الأخير بقتل "عصام النمر " غريم عائلة الدسوقى، لتمر مرور الكرام دون إخضاعها للبحث والتحليل والدراسة .

الأسطورة الذى تعلقت قلوب المصريين به ، فى حالتيه "رفاعى " و"ناصر " ليس سوى بلطجى وتاجر سلاح وقاتل .. صحيح أنه ارتدى لوقت من الأوقات ثوب ابن البلد الشهم المدافع عن نفسه وعائلته وكرامته ، وصحيح أنه وكما صوره المسلسل شخص جرىء القلب ، لا يهاب ذوى السطوة والسلطة، بل ويتحداهم ، ويبدو فى كثير من الأحيان هو الأقوى فى معادلة العلاقة التى جمعت بينه وبين بعض من هؤلاء على مدار حلقات المسلسل ، لكنه وفى كل حالاته خارج على القانون ، لا يتورع عن أن يتاجر فى أدوات القتل والدمار ، ولا يرفض أن يستخدم فى أعمال لصالح هؤلاء أيضا من بينها تصفية خصومهم .

وجد المزاج الشعبى الباحث عن بطل نفسه فى "الأسطورة " ، فالباحثون عن القوة وجدوا فيه شخصا يضرب خصومه تارة ويقتلهم تارات أخرى ، والحالمين بالغنى والثروة وجدوا فيه شخصا يغلق أبواب حجرة فى باطن الأرض على ملايين الدولارات ، والساعين إلى الحب والمتعة رأوا فى التفاف بطلات العمل الدرامى – دون مبرر موضوعى - حول بطلهم الأسطورى ما يحقق بعضا من رغباتهم فى أن يجد كل منهم نفسه فى موضع الأسطورة ، فكان ارتباط المزاج الشعبى بتطورات حياته على مدى الحلقات الثلاثين ، وكان طبيعيا أن يهللوا له حين كان يضرب خصمه وأن يحزنوا حين قتل فى نسخته الأولى "رفاعى " وأن يتبادلوا التهانى حين صدر الحكم ببراءته فى نسخته الثانية "ناصر ".. لكن ما لم يكن طبيعيا أن تتعالى النخبة على هذا المزاج وأن تنظر إليه باحتقار فى بعض الأحيان ، من دون أن تجهد نفسها فى البحث وراء أسبابه والقيام بما ينبغى على أى نخبة سوية القيام به بالسعى إلى تصحيح أو تقويم هذا المزاج .

ما غاب عن تلك النخبة الناقدة للمزاج الشعبى ، أن المصريين طوال الوقت يبحثون عن البطل الأسطورة ، وإذا لم يتحقق صنعوه من نسج خيالاتهم ، فكان " أبو زيد الهلالى " وكان "أدهم الشرقاوى " وكان أبطال وزعماء حرافيش نجيب محفوظ من " آل الناجى " ، وغيرهم ممن حملهم المصريون أحلامهم فى الحرية والكرامة ، حتى لو كان بعض من أبطال هذه الأساطير خارجا عن القانون .

ما تعانيه النخبة نفسها فى مصر يمنعها فى الحقيقة من أن تفرض رؤيتها على المزاج الشعبى ، فهى نفسها فى موضع شك وبعض قطاعاتها واجه اتهامات على مدار السنوات الخمس الماضية تارة بالبلطجة وأخرى بالإرهاب وثالثة بالخيانة ورابعة بالنفاق وقائمة طويلة من الاتهامات تبادلتها تلك النخبة فيما بينها ، وطاردت بعضها البعض مرة بالتخوين وأخرى بالتكفير ، فانتهت أى مصداقية كان يمكن أن تكون لديها فى أعين متابعيها –وربما مريديها – من القواعد الشعبية .

والشاهد أن مصر توافرت لديها فرصة تكوين أساطير حقيقية من دم ولحم ، حين خرج الملايين من شبابها وأبنائها يتصدون لسطوة نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك بصدور عارية ، فسقط الآلاف منهم شهداء دفاعا عن بلادهم وحريتهم وكرامتهم ، وحين أسقطت تلك الأساطير نظام مبارك ، عادت إلى ديارها ، تاركة الأمر فى يد نخبة ولدت مشوهة من الأساس ، فكان ما كان من أمور آلت إلى أن يعود رموز نظام مبارك إلى صدارة المشهد ، وأن يعملوا بكل قوة لإسقاط أسطورة كانت حقيقة ، لا أسطورة صنعت من خيال درامى .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;