عامل فى مستشفى "قصر العينى": لا يوجد محاليل من 3 شهور.. وأقسام الطوارئ فى بنها الجامعى تعانى نقصا فى الكميات المطلوبة
أزمة جديدة يتعرض لها سوق الدواء فى مصر يتمثل فى نقص المحاليل الطبية، وعدم توافرها، سواء فى الصيدليات أو فى المستشفيات الحكومية، وعلى الرغم من مطالبات الدكتور أحمد عماد وزير الصحة بضرورة توفير جميع أنواع المحاليل الطبية وضبط السوق، ومخاطبة مباحث التموين وجهاز حماية المستهلك بشن حملات تفتيشية على المحال التى تتاجر فى المحاليل خارج التسعيرة الرسمية، إلا أن الأزمة مازالت قائمة والمحاليل الطبية غير موجودة بالأسواق وهو ما رصدته جولة لـ"انفراد" فى أحياء ومستشفيات مختلفة فى القاهرة الكبرى.
كانت بداية الجولة فى إحدى الصيدليات بحى شبرا، حيث إن أحد العاملين بها أكد "أنه لا يوجد محلول طبى منذ فترة كبيرة وبالتحديد منذ شهرين، على الرغم من أهميته فى علاج عشرات المرضى وهو ما يعنى تعرضهم لخطورة كبيرة".
وأضاف أنه فى الوقت الذى يشكو فيه أصحاب الصيدليات من نقص المحاليل الطبية، ويطالبون الوزارة بالتدخل للقضاء على تلك الأزمة، نجد أن التصريحات الوزارية تنفى وجود نقص فى المحاليل بل وتوافرها ما يجعل الصيدليات محل اتهام من جانب الأهالى بإخفاء المحاليل بغرض بيعها فى السوق السوداء لتحقيق مكاسب تجارية.
وفى شارع "قصر العينى" الذى يشتهر بوجود عدد كبير من سلاسل الصيدليات الكبرى لم تختلف الإجابة نفسها وهى عدم وجود محاليل لديهم.
وأوضح أحد العاملين فى إحدى الصيدليات أن المحاليل الطبية أصبحت سلعة نادرة داخل الصيدليات منذ ما يقرب من 3 أشهر، أو بمعنى آخر اختفت تمامًا على الرغم من الاحتياج الشديد لها والطلب المتزايد عليها من جانب الأهالى، بالتزامن مع عدم وجود تدخل إيجابى من وزارة الصحة لإنهاء هذه الأزمة.
وتابع "أن نقص المحاليل الطبية يأتى ضمن قائمة كبيرة وصلت إلى 500 صنف دوائى لا غنى عنها للمرضى وتعانى من نقص حاد فى الأسواق".
وعلى بعد عدة أمتار فى نفس الشارع فى صيدلية أخرى أبدى أحد الأطباء العاملين بها استغرابه الشديد من نقص المحاليل الطبية، قائلا "إنها صناعة بسيطة لا تحتاج إلى كلفة عالية أو مواد يتم استيرادها، حيث تعتمد بالأساس على الماء المعالج كيميائيا فقط"، مشددا أن تلك الأزمة مفتعلة وترجع بالأساس إلى بعض التجار الذين يرغبون فى تعطيش السوق لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة ولو على حساب المرضى.
وانتقلت جولة "انفراد" إلى داخل المستشفيات الحكومية، فداخل مستشفى قصر العينى والدمرداش تبين أن كلاهما يعانى من نقص شديد فى المحاليل، وهو ما أكده العاملون فيهما، ففى صيدلية مستشفى قصر العينى قال أحد العاملين – الذى طلب عدم ذكر اسمه - إن صيدلية المستشفى لا يوجد بها محاليل طبية منذ ما يقرب من 3 أشهر، وهو ما يدفع الأطباء إلى مطالبة أهالى المرضى بشراء المحاليل من الصيدليات الخاصة خارج المستشفى.
وهو نفس الأمر فى مستشفى الدمرداش، حيث أكد أحد الأطباء الذى يعمل بقسم الطوارئ أن المحاليل الطبية تعانى من نقص حاد وغير موجودة على الرغم من أهميتها فى علاج المرضى.
وفى قسم الأورام داخل معهد ناصر، قالت إحدى الممرضات العاملات هناك "إن المحاليل الطبية لا غنى عنها لمرضى الأورام، حيث يتم الاعتماد عليها بصفة أساسية وتعتبر بديلا عن الغذاء للكثير منهم"، مشددة على أن عدم توافر المحاليل سوف يؤثر على علاجهم وقد يتسبب فى تدهور الحالة الصحية لهم.
وفى مستشفى بنها الجامعى لم يختلف الحال، حيث كانت أزمة نقص المحاليل حاضرة وبقوة، خاصة فى أقسام الأطفال والطوارئ، بسبب عدم قيام الشركات بتوريد الكمية المطلوبة من المحاليل وهو ما شرحه أحد الأطباء الذى شدد على عدم ذكر اسمه.
فيما أرجع الدكتور محمد العبد رئيس لجنة الصيدليات فى نقابة الصيادلة أزمة المحاليل الطبية ونقصها فى الأسواق إلى غياب الرقابة من جانب الإدارة المركزية للصيدليات وهو ما سمح بظهور السوق السوداء وتحكمها فى تلك السلعة الحيوية التى يتم بيعها بعيدًا عن شركات التوزيع الرسمية.
وأشار العبد إلى لقاء وفد نقابة الصيادلة برئيس الإدارة المركزية للصيدليات خلال الفترة الماضية لبحث ازمة المحاليل الطبية ونتائجها السلبية على صحة المرضى، خاصة وأنها امتدت لتشمل العديد من المستشفيات الحكومية .
وقال العبد إن تصريحات الدكتور تامر عصام رئيس الإدارة المركزية للصيدليات خلال لقاء وفد النقابة كشف عن أن إنتاج مصر من المحاليل الطبية يبلغ 9.5 مليون عبوة شهريا، وأن الاستهلاك الشهرى 8.8 وهو ما يعنى أن هناك فائضًا فى الإنتاج، ومع ذلك توجد أزمة شديدة، ولا يوجد تفسير لها سوى أن كميات كبرى من ذلك الإنتاج يتم تسريبها إلى السوق السوداء الذى يستحوذ فيه التجار هناك على أغلب الكميات التى يتم إنتاجها، ويتم بيعها بأسعار مضاعفة تصل إلى 10 جنيهات فى حين أن سعر المحلول يصل إلى 6.5 جنيه فقط .
وأكد العبد أن حل أزمة المحاليل يجب أن يتم من خلال إحكام الرقابة على السوق السوداء، لافتًا أن الجهات الرقابية قامت بشن عدة حملات استطاعت من خلالها إنقاذ 100 ألف محلول من البيع فى السوق السوداء، إلا أن الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهد، للقضاء على السوق السوداء تمامًا، مطالبًا بضرورة إصدار قرار فورى بوقف تصدير المحاليل الطبية ولو لمدة 3 شهور مبدئيا، متسائلا "كيف يكون هناك أزمة محاليل ومع ذلك يكون هناك إصرار على التصدير".
ومن جانبه نفى الدكتور خالد مجاهد المتحدث باسم وزارة الصحة، وجود أزمة محاليل فى مصر، واعتبر أن التوصيف الصحيح هو وجود تلاعب فى السوق، مؤكدا أن مستشفيات وزارة الصحة وشركة النصر لديها مخزون يكفى حاجة السوق المصرى، لافتا إلى أنه بمجرد أن تتلقى الوزارة بلاغا بنقص المحاليل فى أى مستشفى تقوم على الفور بضخ الكميات اللازمة لها.
وأوضح مجاهد لـ"انفراد" أن وزارة الصحة تعمل على إنهاء أزمة سوق الدواء فى مصر من خلال التحرك الفورى، وذلك من أجل راحة المرضى وأن الوزارة تحرص على تقديم الدعم لكل الشركات العاملة فى سوق الدواء المصرى، وأن أى قرار غلق يصدر ضد إحدى الشركات يأتى نتيجة مخالفات تتعلق بمخالفة المعايير القياسية التى تؤثر على حياة المواطنين، وفتحها مرتبط بتحقيق هذه الشروط المطلوبة، مشدداً "مش من مصلحتى كوزارة صحة أن أعطل مستشفى وأتسبب فى أزمة داخل سوق الدواء المصرى لكن هدفنا هو حماية حياة المواطنين".
وأكد مجاهد أن وزارة الصحة والسكان - ممثلة فى الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية – قامت بضخ ما يقرب من مليون ونصف عبوة من المحاليل الوريدية ومنها "الجلوكوز ومحلول الملح والرينجر" من خلال الشركات المنتجة إلى المديريات والمستشفيات وشركات التوزيع.