حزب الوفد، هو صاحب أكبر سجل حافل بالرموز السياسية سريعة الصعود على المشهد العام سواء الحزبى أو البرلمانى، فعلى مدار تاريخ الحزب العريق نجد هناك شخصيات بزغ نجمها بسرعة البرق على المستوى التنظيمى داخل الوفد أو على الساحة السياسية بشكل عام، حيث ارتبط اسمهم بمواقف سجلت بذاكرة التاريخ، هذا إلى جانب بعض الشخصيات التى لها تاريخ ضمن الأجهزة التنفيذية للدولة ومن ثم على المستوى الحزبى بعد انتقالهم للمعاش واتجاههم لممارسة السياسة والعمل العام.
ولعل الهدف من هذه السطور ليس سرد أسماء ومواقف الشخصيات البارزة داخل حزب الوفد بشكل عام، ولكن التركيز على هؤلاء الذين جاء ظهورهم بشكل سريع ومفاجئ، أو من كان لهم دور سياسى، ولكن جاء سبب شهرتهم بسبب مواقف حظيت بصدى واسع فى كافة الأوساط السياسية والإعلامية.
أحمد السجينى ومحمد فؤاد "دينمو" الآلة التشريعية للهيئة الوفدية تحت القبة
فى الأونة الأخيرة، بزغ نجم اثنين من نواب حزب الوفد، هما المهندس أحمد السجينى، نائب رئيس الهيئة البرلمانية للوفد، ورئيس لجنة الإدارة المحلية، والدكتور محمد فؤاد، المتحدث الرسمى للوفد، اللذين مثلا "الدينمو" الحقيقى للآلة التشريعية للهيئة البرلمانية الوفدية تحت قبة البرلمان، وبرز اسمهما مصحوبًا بكثير من الأعمال التشريعية، مقرونًا باسم بيت الأمة، رغم انضمامهما للحزب منذ سنوات قليلة.
وبرز دور المهندس أحمد السجينى، فى إعداد مشروع قانون الإدارة المحلية، الذى تقدم به الوفد لمجلس النواب، مستندًا لخبرته وارتباطه بالعمل المحلى، فيما كان للدكتور محمد فؤاد، الذى عمل بمجال الأوراق المالية والاستثمار البنكى، وكذلك عمله محاضرًا فى علوم الإدارة بجامعة أكتوبر للعلوم والآداب، ظهور متميز، فى مناقشاته داخل المجلس حول الملفات الاقتصادية، وعرضه رؤية الوفد حول الموازنة العامة للدولة، التى نالت اعجاب النواب، وصفقوا لها خلال مناقشات الجلسة العامة.
"عبد الله المغازى" ينطلق بسرعة الصاروخ من المتحدث باسم الوفد إلى "معاون رئيس الوزراء"
وما يؤكد أن جعبة حزب الوفد، لم تنضب بعد رحيل الأجيال الأولى من قياداته، هو بروز بعض الأسماء الشابة داخل الحزب خلال الـ 5 سنوات الماضية عقب ثورة 25 يناير، وظهر اسمهم بشكل كبير تنظيميًا داخل الوفد وأيضًا فى العمل السياسى والنيابى بشكل عام، والبداية لهؤلاء الشباب، كانت للدكتور عبد الله المغازى، الذى لمع اسمه بشكل كبير فور انضمامه لحزب الوفد عقب حل مجلس الشعب يونيو 2012، وتعيينه متحدثًا رسميًا باسم الحزب، حيث خطف له الأنظار حينها لما تمتع به من قدرة على التواصل مع وسائل الإعلام وما لديه من خلفيات قانونية.
ورغم أن المتحدث الرسمى السابق للوفد، كانت بداية ظهوره باختياره عضوًا فى المجلس الاستشارى، الذى تشكل فى عهد حكم المجلس العسكرى عام 2011 عقب أحداث محمد محمود، ثم اختياره أمينًا عامًا مساعدًا للمجلس، كما كان من ضمن الـ 10 أعضاء المعينين من قبل المجلس العسكرى فى مجلس الشعب، كونه أحد ممثلى شباب الثورة، إلا أنه لم يحظ بشهرة واسعة، سوى بعد انضمامه لحزب الوفد، وتصدره المشهد الإعلامى للتعبير عن مواقف الحزب الرسمية من خلال تصريحاته الإعلامية المتتالية فى مرحلة شهدت زخمًا سياسيًا غير مسبوق فى مصر، ثم استكمل مسيرته ليتم اختياره عضوًا فى الحملة الانتخابية الرسمية للمشير عبد الفتاح السيسى، واحتل أيضًا منصب المتحدث الرسمى للحملة، بعدما غادر حزب الوفد، ثم تلا ذلك تعيينه معاوناً لرئيس الوزراء.
"سليمان وهدان" فرس رهان الوفد الرابح على منصب وكيل البرلمان
ولم يكن هؤلاء هم آخر أوراق حزب الوفد الرابحة، خلال السنوات القليلة الماضية، فهناك النائب سليمان وهدان، عضو مجلس النواب الحالى، والذى كان مفاجأة الوفد، بعد فوزه بمنصب وكيل مجلس النواب، فى منافسة شرسة بينه وبين النائب علاء عبد المنعم، مرشح ائتلاف الأغلبية تحت القبة ائتلاف "دعم مصر"، الذى لمع اسمه بمجرد وصوله لعضوية هيئة مكتب البرلمان، رغم عدم وجود نشاط سياسى بارز له.
فؤاد سراج الدين يشغل منصب سكرتير عام الوفد بعد 3 سنوات من انضمامه للحزب
وبالعودة إلى الماضى، نجد فؤاد باشا سراج الدين، رئيس الوفد السابق، الذى رغم انتمائه لعائلة ذات أصوله وفدية، إلا أنه لم ينضم لعضوية حزب الوفد المصرى إلا عام 1946 وعمره 35 عامًا، وكان وقتها مصطفى باشا النحاس، زعيمًا للوفد، وتصدر المشهد حينها كزعيم للمعارضة الوفدية بمجلس الشيوخ، وجاء ذلك فى نفس عام انضمامه لعضوية الوفد، ولم يمر سوى 3 سنوات فقط منذ انضمامه لعضوية الحزب حتى شغل منصب سكرتير عام الوفد عام 1949، وكان قد سبق انضمامه الرسمى للوفد، انضمامه للهيئة الوفدية عام 1935، ثم عضوًا فى الهيئة البرلمانية للوفد عام 1936، إلى أن تولى رئاسة للوفد منذ عودة الحزب للحياة السياسية مرة أخرى عام 1978 وحتى وفاته أغسطس 2000.
"طلعت رسلان" بطل موقعة صفع وزير الداخلية زكى بدر
والشخصية الثانية، هى القيادى الوفدى طلعت رسلان، الذى كان أحد الشباب الوفدى الثائر ضد فساد الملك فى فترة ما قبل عام 1952، وكذلك كان له دور فى صفوف المقاومة ضد الاحتلال الإنجليزى، كما كانت أول ممارسة نيابية له فى مجلس الشعب عام 1976 ثم عضويته بالمجلس للمرة الثانية عام 1986، ورغم كل هذا النشاط إلا أن سبب شهرة ولمعان اسم "طلعت رسلان" بشكل كبير هى واقعته الشهيرة تحت قبة البرلمان عام 1989 مع "زكى بدر" -وزير الداخلية آنذاك- التى صفع فيها الوزير بعد تجاوزه فى حق رئيس الوفد حينها فؤاد باشا سراج الدين.
ولعل هذا الموقف الشهير مع زكى بدر، وزير الداخلية الأسبق، يتربط أيضًا باسم وفدى كبير، هو النائب الوفدى، على إبراهيم سلامة، الذى شارك بموقف قوى فى مواجهة تجاوزات وزير الداخلية تجاه رئيس الوفد.
"ممتاز نصار" المرجعية البرلمانية لأبناء سعد زغلول تحت قبة البرلمان
ومحطتنا التالية مع المستشار ممتاز نصار، الذى يعتبره أبناء سعد زغلول، مثل أعلى فى العمل البرلمانى، لما تميز به من قوة فى الأداء النيابى تحت قبة البرلمان، واختياره كأفضل نائب فى برلمان 1976، وارتبط اسمه فى البداية بعمله فى سلك القضاء، حيث تدرج من النيابة إلى القضاء، ثم إلى التفتيش القضائى، حتى شغل وظيفة مستشار بمحكمة الاستئناف ثم مستشارًا بمحكمة النقض، وبعد ذلك رئيسًا لنادى القضاة.
وبزغ اسم "ممتاز نصار"، فى الحياة السياسية، عقب خروجه من القضاء، فيما عرف باسم "مذبحة القضاة" عام 1969، لرفضه وعدد كبير من القضاة الانضمام للاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى، حيث قرر بعد ذلك خوض الانتخابات البرلمانية فى دائرة البدارى بأسيوط عام 1976 وفاز فى أول معركة انتخابية له وحصل على أفضل نائب فى هذا البرلمان نتيجة نشاطه المكثف تحت قبة البرلمان واستجواباته للحكومة، وكذلك لمعارضته سياسات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، واتفاقية السلام "كامب ديفيد" مع إسرائيل، وكرر تجربته فى الدورة التالية لهذا البرلمان بعد حله وفاز بالمقعد مرة أخرى وعرف وقتها باسم "النائب الذى انتصر على الرئيس".
ورغم عمل "ممتاز نصار" فى مكتب المحاماة الخاص بسكرتير عام الوفد مكرم باشا عبيد، وعلاقته الجيدة به، إلا أنه استمر يمارس دوره كسياسى مستقل، إلى أن انضم أخيرًا لعضوية حزب الوفد الجديد عام 1984، وذلك لكونه الحزب الأقرب لفكره، ورحل عن عالمنا بعد انضمامه للوفد بـ3 سنوات فقط، ورغم الفترة القصيرة التى قضاها داخل حزب الوفد، إلا أن كثير من الوفديين يعتبرونه مرجعية برلمانية هامة لهم فى الأداء التشريعى والرقابى تحت القبة.