اشتعلت المعركة وتضاربت الأقاويل، وأصبح صراع المهندس محمد عبد الظاهر محافظ الإسكندرية، والدكتور أحمد ذكى بدر، وزير التنمية المحلية، حديث الساعة، مما تسبب فى إحراج للطرفين، وأصبحت تحركات كل منهما تفسر على خلفية هذا الصراع، وهو الأمر الذى جعل البعض يفسر رفض وزير التنمية المحلية الدعوة على العشاء فى المؤتمر الاقتصادى الذى نظمته الغرفة التجارية بالإسكندرية، بمثابة رفض للصلح مع المحافظ بسبب تواجده على مؤدبة العشاء.
وبالرغم من المشكلات الاقتصادية العصيبة التى تمر بها مصر والذى اشتعلت قاعة مناقشات المؤتمر بها، إلا أن الجميع انصرف عن الانتباه لتلك المشكلات، وتناقلت الهمسات بأن الوزير رفض العشاء ليس بسبب شعوره بالإرهاق ولكن بسبب تواجد المحافظ على مأدبة العشاء.
اختزال مشاكل الإسكندرية فى من له اليد العليا فى المحافظة
ومع كل المشكلات المطروحة على الساحة المصرية، تبقى حالة من الترقب للصراع المحتدم بين المحافظ والوزير، من ينتصر على من ؟ خاصة وأن الامر اختزل فى من صاحب اليد العليا والقرار فى المحافظة، وهو ما كشفته الاحداث المتوالية، خاصة مع تدخل وزير التنمية المحلية فى إقالة بعض العاملين داخل الجهاز الإدارى للمحافظة والذى يقع بصورة مباشرة تحت سلطة المحافظ، وهو الأمر الذى اعتبره "عبد الظاهر تعديا على سلطاته، بالإضافة إلى تدخل الوزير أكثر من مرة لوقف قرارات أصدرها المحافظ، وكانت المرة الأولى عندما تدخل وأوقف قرار المحافظ بوضع يده على المركز الإقليمى لصحة المرأة وتصدى لرغبة المحافظ فى الحصول على مكتب داخل المقر الذى يقع على البحر، ثم توالت تدخلات الوزير فى وقف قرار المحافظ بتطبيق عقوبة فسخ عقود مستثمرى الحديقة الدولية إذا لم يتم سداد قيمة إيجارية تم تقديرها بأثر رجعى بقيمة 350 مليون جنيه، وهو الأمر الذى أثار استياء المحافظ أيضا واعتبره عرقلة له فى سبيل تحصيل مستحقات الدولة المنهوبة.
واشتعل الصراع قبل صدور حركة المحافظين المرتقبة بساعات عندما كشف المحافظ عن تسهيل وزير التنمية المحلية لأحد المستثمرين الحصول على قطعة أرض بجوار "كارفور"، مجاورة للحديقة الدولية بتأشيرة تناقض موقف المحافظ، ليصبح الصراع فى أكثر اشتعالًا.
من ينتصر على من فى الصراع؟؟
ومع تدخل أطراف أخرى فى الصراع أصبحت كفة كل من المحافظ والوزير متساوية ليصبح من الصعب الاجابة على السؤال من سينتصر على من؟، خاصة مع تدخل أطراف أخرى فى الصراع، حيث جاء تدخل بعض نواب البرلمان عن محافظة الإسكندرية لتثقل كفة المحافظ فى الصراع، فى حين تبقى السلطات التى يتمتع بها وزير التنمية المحلية بحكم منصبه وقربه من المهندس شريف إسماعيل، وتضامن المستثمرين ورجال الأعمال معه لتثقل كفته، خاصة وأن الوزير سيقوم برفع تقرير لتقيم أداء المحافظ يأخذ فى الاعتبار قبل صدور حركة المحافظين القادمة.
وزير التنمية المحلية هل يستغل سلطاتة القانونية ويقيل محافظ الإسكندرية؟
وبالرغم من أن الوزير ليس من سلطته إقالة المحافظ بصورة مباشرة أو رسمية إلا أن وزير التنمية المحلية بدوره يقوم برفع تقرير لتقييم أداء المحافظين قبل أى حركة للمحافظين، وتتضمن عددا من المعايير التى تقرها الحكومة ويشدد عليها الرئيس السيسى، لعل أهمها الشعور بالرضا العام للمواطنين والقدرة على مواجهة المشاكل، وهو ما فشل فيه المهندس محمد عبد الظاهر، الذى انشغل منذ توليه المنصب بصراعات هامشية وترك المواطن يغرق فى مشكلات المحافظة فى مقدمتها القمامة التى عجزت المحافظة عن مواجهتها ومخالفات البناء والتى أيضا استنكرها المحافظ دون العناء أو بذل مجهود فى مواجهتها، بالإضافة إلى مشكلات الصرف الصحى التى بدأت تضرب الإسكندرية فى اماكن مختلفة وقبل موسم الشتاء، مما خلق حالة من عدم الرضا العام بين المواطنين، وجعل المواطن لا يهتم كثيرا بالحرب الضروس التى يخوضها المحافظ للحفاظ على قطعة أرض، فى مقابل أنه تركه يغرق فى مشكلات المحافظة.
محمد عبد الظاهر يرفع شعار "لا سلطة علىّ إلا لرئيس الحكومة"
فى خضم هذا الموقف المعقد والمتشابك الأطراف ما بين المحافظ والوزير والمواطن والحكومة، يقف المهندس محمد عبد الظاهر محافظ الإسكندرية ليرفع شعار "لا سلطة علىّ إلا لرئيس الحكومة" ليستقوى بالمهندس شريف إسماعيل ضد وزير التنمية المحلية، فقام برفض تنفيذ قرارات وزير التنمية المحلية فيما يتعلق بإقالة سكرتير عام المحافظة ورئيس هيئة حماية أملاك الدولة دون الرجوع إليه، وأكد المحافظ على أن ذلك مخالف للمادة 39 من قانون الإدارة المحلية التى تنص على أن تصدر تلك القرارات من الوزير بالاتفاق وموافقة المحافظ وهو ما لم يحدث، كما رفض المحافظ الامتثال لقرار لجنة فض المنازعات التابعة لوزارة الاستثمار فى أحقية مستثمرى الحديقة الدولية بالاستمرار بالعقد المبرم لحين انتهائه فى غضون عامين، وأصر على سداد القيمة الإيجارية بأثر رجعى والتى حددتها اللجنة المشكلة بقرار منه شخصيا، مما دعا اللجنة إلى تأجيل القرار لدراسة حالة كل مستثمر على حدى.
وهو الأمر الذى جعله أيضا يقع فى صدامات أخرى هامشية، حينما أهمل دعوة لجنة المقترحات والشكاوى، للمثول أمامها، فى مناقشة مقترح بإنشاء مركز إسعاف داخل وحدة الدخيلة، وقام بانتداب مساعد رئيس حى العجمى، الأمر الذى أثار حفيظة النائب همام العادلى وقال: "لا أقبل أن يمثل أمام اللجنة أقل من محافظ، هو مش على راسه ريشة".
هل يتدخل شريف إسماعيل للصلح بين المحافظ والوزير أم يقيل المحافظ إرضاءً للوزير؟
ومع اشتعال الصراع، تقف حكومة شريف إسماعيل حائرة، ليضعها الصراع فى موقف اختيار ما بين إرضاء الوزير أو الإبقاء على المحافظ الذى خرج فى تصريحات إعلامية يؤكد أنه يحارب الفساد، بل يتهم الوزير بتسهيل الإجراءات لإهدار المال العام، وجعل الإسكندرية تنقسم ما بين مؤيد له لمواجهة فساد بعض رجال الأعمال ومعارضته لاختزال مشاكل المواطن بالإسكندرية فى قطعة أرض مساحتها 200 فدان، خاصة مع عجز واضح فى حل مشكلات الإسكندرية المزمنة من القمامة والصرف الصحى ومخالفات البناء.
وأصبح على رئيس الوزراء الاختيار ما بين الإبقاء على محافظ الإسكندرية لإرضاء بعض من نواب البرلمان الذين رفعوا شعارات التأييد داخل قاعات المجلس وبعض الداعمين له بالمحافظة، أو إرضاء وزير التنمية المحلية بإقالة محافظ الإسكندرية فى حركة المحافظين المرتقبة.
ويبقى السؤال هل يتدخل المهندس شريف اسماعيل للصلح بينهما أم يقيل أيا منهما أو كلاهما.