فى إطار تفنيده لمزاعم داعش حول زعمهم الخاطئ لمفهوم الجهاد، قال مرصد الأزهر الشريف، إنه وردت كلمة "جهاد" بمشتقاتها فى القرآن الكريم إحدى وثلاثين مرة، بينما وردت كلمة "حرب" أربع مرات فقط، والملاحظ أن معنى الجهاد فى القرآن وفى نصوص السنة المحمدية أوسع وأعم من معنى القتال؛ إذ أن القتال يعنى - تحديدا - المواجهة المسلحة فى الحروب، بينما يعنى الجهاد بذل الجهد فى مقاومة العدو، سواء كان هذا العدو شخصا معتديا أو شيطانا يجب على المؤمن مجاهدته، أو حتى نفسه التى بين جنبيه، والتى تزين له فعل الشر.
وأضاف مرصد الأزهر فى إطار حملته التوعوية التى أطلقها بعنوان " يدعون ونصحح "بتسع لغات مختلقة، أن الجهاد فى فلسفة الإسلام لم يشرع من أجل التوسع، أو احتلال الأرض، أو السيطرة على موارد الغير، أو قهر الشعوب وإذلالها، أو غير ذلك من الأغراض المادية التى شكلت بواعث الحرب فى كبرى حضارات العالم قديما وحديثا، فالأمر بالجهاد فى الإسلام ليس أمرا بالقتل، بل هو أمر بالدفاع، أى التصدى للمقاتل ومجاهدته؛ لرد عدوانه ووقف هجومه.
وتابع مرصد الأزهر أن فريضة الجهاد التى يعمل على تشويهها البعض ليست إلا حق الدفاع عن النفس، وعن العقيدة، وعن الوطن، إذا كان الجهاد فى الإسلام يعنى "الحرب الدفاعية فى سبيل الله" فمن المنطقى أن يكون فرضا ولازما إذا دعت إليه الأحوال والظروف، ولا يعنى كون الجهاد فريضة فى الإسلام أن يحمل كل مسلم سيفه أو سلاحه ويقاتل الآخرين بشكل مستقل فهذه جريمة كبرى.
وأضاف المرصد فى تقريره أن الجهاد بالنفس – أى القتال- فرض غير متعين على كل مسلم، بمعنى أن جيش الدولة ينوب عن أفراد المسلمين فى تحمل هذه الفريضة بحيث تسقط مطالبة باقى الأفراد بها ولا يسألون عنها أمام الله تعالى يوم القيامة.
وعن إستخدام الدواعش قوله تعالى "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين"، فى إقناع المنضمين لهم وتبرير أفعالهم، قال المرصد أن هذا النص إنما كان فى مشركى مكة وأن المراد بالنص هنا: "وقاتلوهم حتى لا يفتن مسلم عن دينه وحتى لا يبغى على مسلم، أو حتى لا يرد مسلم عن الإيمان إلى الكفر" وأن الأمر بالقتال إنما كان فى مجال رد الفعل ودفع العدوان الذى مارسه المشركون ضد رسول الله وضد أصحابه بل أن الدارس والمتابع والمطلع على غزوات رسول الله يجد أنها كلها كانت لسبب منطقى تتفق العقول على وجاهته، وأنها كلها إنما كانت لرد العدوان ولتأمين الدعوة والمسلمين فى أوطانهم.
وكل هذا لم تتعرض له النصوص الداعشية من قريب أو بعيد، ولم يذكر الدواعش قوله تعالى "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله أنه هو السميع العليم" وتغافلوا قوله تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين"، وأنهما آيتان حاكمتان على كل قتال بين المسلمين وغيرهم فى كل زمان ومكان.