اندلعت أزمة دبلوماسية جديدة بين تركيا وألمانيا على خلفية العنجهية المتفاقمة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى استدعى دبلوماسيا ألمانيا بارز ليحتج على عدم إذاعة خطابه للأتراك فى ألمانيا.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن الأزمة تعد المؤشر الأحدث على تدهور العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبى منذ محاولة تحركات الجيش فى تركيا الشهر الماضى.
ولفتت الصحيفة إلى أن حكومة أنقرة استدعت القائم بالأعمال الألمانى لتوضيح أسباب منع المحكمة العليا فى بلاده خطاب بالفيديو للرئيس أردوغان أمام حشد مكون من 40 ألف من أنصار فى مدينة كولونيا الألمانية قبل يومين.
وكانت الشرطة الألمانية قد قررت عدم السمح بظهور أردوغان عبر بث مباشر خوفا من مخاطر حدوث اضطراب فى المسيرة. وأيدت المحكمة الألمانية القرار عقب طعن المنظمين عليه، الأمر الذى دعا وزير شئون الاتحاد الأوروبى التركى عمر سيليك لأن يصف الحكم بأنه تراجع تام فى حرية التعبير والديمقراطية.
مخاطر للاتحاد الأوروبى
وقالت وول ستريت جورنال إن التوترات المستمرة بين أكبر طرفين فى أزمة اللاجئين والمهاجرين فى أوروبا تعكس المخاطر الكبرى للاتحاد الأوروبى، الذى يسعى للتوازن بين إدانة حملة القمع التى يشنها أردوغان فى أعقاب تحركات الجيش وبين الحفاظ على علاقات طيبة مع شريك هام فى التعامل مع الإرهاب والهجرة.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن السياسيين الأتراك والألمان تبادلوا الاتهامات بالانحياز والابتزاز عبر التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعى، فيما أكد ذروة عدم الثقة بين البلدين بشأن ما يراه معارضو أردوغان فى أوروبا قمعا ديكتاتوريا فى تركيا، بينما يراه أنصار الرئيس التركى انتقادات غير عادلة لدولتهم.
المرحلة الأدنى فى العلاقات بين البلدين
وقال بورك كوبور أستاذ العلوم السياسية والمتخصص فى العلاقات التركية الألمانية فى جامعة ديسبرج إيسن إن هذه هى النقطة الأدنى فى العلاقات بين أنقرة وبرلين، مضيقا أننا متجهين صوب صدام بين الاتحاد الأوروبى وأنقرة. وتزداد المخاطر على نحو خاص للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التى سعت إلى تجنبت إغضاب أردوغان، حليفها فى جهود برلين لوقف التدفقات الأخيرة للمهاجرين.
وتتابع وول ستريت قائلة إن ميركل تواجه ضغوطا جديد فى الداخل لاحتواء تدفق المهاجرين إلى ألمانيا بعد حادثين إرهابيين تم ارتكابهما من قبل طالبى لجوء خلال الأسبوعين الماضيين. فقد سمحت سياستها الخاصة "الباب المفتوح" بدخول أكثر من مليون مهاجر إلى البلاد خلال العام الماضى. وساهم الاتفاق الذى توصلت إليه مع تركيا فى مارس الماضى إلى تراجع كبير فى عدد المهاجرين إلى أوروبا.
لكن السياسيين الأتراك هددوا بإلغاء الاتفاق ما لم تقدم أوروبا التنازلات التى تعهدت بها قريبا، لاسيما فيما يتعلق بالسفر دون تأشيرة للمواطنين الأتراك إلى أوروبا. إلا أن مسئولى الاتحاد الأوروبى يقولون إن على تركيا أن تفى أولا بالمعايير الخاصة بالتعامل مع المعارضين السياسيين، وهو الأمر الذى أصبح محل شكوك عقب حملة القمع التى يشنها أردوغان.
وقال نائب المستشارة الألمانية سيمار جابريل أمس إن أوروبا لا ينبغى أن يسمح لنفسها فى أى حال من الأحوال بالتعرض للابتزاز. بينما قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر أمس، الاثنين، إن العلاقات بين ألمانيا وتركيا تسير على أرض وعرة لكن التجارب فى الماضى تظهر أن هذا يمكن تجاوزه.
وأوضح شيفر خلال مؤتمر صحفى اعتيادى "مررنا فى السابق بمراحل كانت وعرة ومراحل كانت الأمور تسير فيها بسلالة مذهلة. الآن نحن فى مرحلة وعرة إلى حد ما. وتابع قائلا: "ولكنى أعتقد أن العلاقات بين ألمانيا وتركيا وثيقة وعميقة... لدرجة أننى واثق بشكل كبير من أننا سنتمكن مرة أخرى من تجاوز هذه المرحلة الصعبة فى العلاقات الثنائية مع تركيا."