شهدت المؤسسة الدينية مؤخرا فترة من التجاذب بين قياداتها متمثلة فى مشيخة الأزهر الشريف و وزارة الأوقاف، وذلك بسبب تبنى الأوقاف مشروع للخطبة المكتوبة، وهو ما رفضه الأزهر وتم التأكيد عليه بقرار صادر بالإجماع من هيئة كبار العلماء فى اجتماعها الأخير برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ، شيخ الأزهر.
وعُقد أمس لقاءً جمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسى، والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بقصر الاتحادية، حيث تم التطرق إلى الأزمة الأخيرة بسبب الخطبة المكتوبة، التى شهدت تجاذب بين قيادات المؤسسة الدينية عبر وسائل الإعلام، وعلم "انفراد" أن الإمام الأكبر شيخ الأزهر طلب لقاء الرئيس عقب اجتماع هيئة كبار العلماء، وهو ما تم أمس، حيث أكد رئيس الجمهورية دعمه الكامل لمؤسسة الأزهر الشريف، والذى طالب بضرورة وحدة الصف ليدعو الإمام الاكبر إلى اجتماع عاجل لقيادات الأزهر بحضور الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية.
وشهد الاجتماع التأكيد من قبل شيخ الأزهر الشريف على قرار هيئة كبار العلماء برفض الخطبة المكتوبة ، ومن منطلق دعم رئاسة الجمهورية للأزهر الشريف للقيام بدوره فى الإشراف على الدعوة الإسلامية وذلك بحسب الدستور، حيث تنص المادة السابعة من الدستور على " الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء".
وفى إطار قيام الأزهر وشيخه بمسؤولياته لخدمة الدعوة الإسلامية، تم الدعوة لعقد هذا الاجتماع العاجل والذى شهد ضمنيا إعلان مشيخة الأزهر الشريف إشرافها على كل أمور الدعوة بالتنسيق مع وزارة الأوقاف و دار الإفتاء المصرية، لتوحيد المواقف والرؤى من أجل تنفيذ استراتيجية الأزهر التى أعلن عنها مؤخرا .
"انفراد" علم أن الاجتماع شهد إغلاق ملف الخطبة المكتوبة نهائيا وعدم الحديث عنه مرة أخرى، بل قرر شيخ الأزهر التنسيق مع وزارة الأوقاف فى تحديد موضوعات خطبة الجمعة، حيث قرر أن يختص مجمع البحوث الإسلامية بهذا الأمر و التنسيق مع وزارة الأوقاف، وللتأكيد على غلق موضوع الخطبة المكتوبة نهائيا، وطرح شيخ الأزهر إنشاء أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ والمفتين لتأهيلهم التأهيل الدعوى والعلمى المناسب والمواكب لتطورات العصر باعتبارهم يمثلون المنهج الوسطى الأزهرى على أن يعقد اجتماعا الأسبوع المقبل لبحث ترتيبات والإجراءات اللازمة والعاجلة لإنشاء "أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والمفتين" ووضع الإطار القانونى لها واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة،وهو الرأى الذى أخذت به هيئة كبار العلماء بالعمل على ثقل قدرات الأئمة والوعاظ بدلا من تطبيق الخطبة المكتوبة التى تقتل الإبداع لدى الدعاة بحسب ما ذكرته الهيئة .
وخلال الاجتماع وجه شيخ الأزهر بوضع الخطط التدريبية اللازمة لرفع كفاءة الأئمة والوعاظ فى مواجهة القضايا التى تحل مشكلات الناس وتلامس واقعهم والتركيز الكامل على إصقال مهارات الأئمة ورفع كفاءتهم فى تحضير الخطب وإلقائها ،كما شدد على ضرورة تزويد الأئمة والدعاة بما يعينهم على القيام بمهامهم على الوجه الأكمل من كتب وغيرها.
كما وجه الإمام الأكبر، أيضا بضرورة التنسيق التام بين مجمع البحوث الإسلامية ووزارة الاوقاف ودار الافتاء فى هذا المجال، وأكد أيضا على ضرورة تدريب المفتين على توحيد الفتوى والأخذ بالتيسير والتصدى للفتاوى الصادرة عن غير المؤهلين لها ونقدها.
وفى هذا السياق، وجه شيخ الأزهر بضرورة التنسيق فى اختيار موضوعات المواعظ والدروس بما يلبى احتياجات المجتمع وإبعاد غير المؤهلين والمستغلين للمنابر عن المجال الدعوى والتعامل مع الجماهير .
وطالب شيخ الأزهر وزير الأوقاف وكل القيادات الدينية بالالتزام بالمنهج الأزهرى والعمل المشترك من أجل الارتقاء بالخطاب الدينى والارتقاء بمستويات الأئمة والوعاظ والمفتين على كافة المستويات.
وعلم "انفراد" أن الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر بتلك القرارات أعاد مرة أخرى توحيد المؤسسة الدينية ،تحت مظلته ، وذلك من أجل النهوض بالخطاب الدينى ،حيث لم يقتصر الأمر فقط على وزارة الأوقاف، بل الإشراف على الفتوى بدار الإفتاء والتعاون بينها وبين مجمع البحوث الإسلامية، خاصة وأنه يستعد لإطلاق لجان الفتوى بجميع مراكز ومحافظات الجمهورية ،وهو الدور الذى لن تستطيع دار الإفتاء القيام بها بمفردها دون دعم من الأزهر الشريف، حيث ستشهد أكاديمية التدريب أيضا تدريب المفتين التابعين لدار الإفتاء و مجمع البحوث الإسلامية.
وعن أكاديمية تدريب الوعاظ والأئمة، أوضح الدكتور محى الدين عفيفى ،الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية ،فى تصريحات لـ"انفراد"، أن أكاديمية التدريب ستعنى بتوفير المهارات اللازمة للمتدرب لمن يعمل فى مجال العمل الدعوى سواء فى وزارة الأوقاف أو فى مجال الوعظ التابعين لمجمع البحوث الإسلامية بحيث لا يعمل فى وزارة الأوقاف أو فى مجال الوعظ بالأزهر إلا من يمر بهذه الأكاديمية من خلال تلقيه لبرنامج تدريبى مكثف لمدة ستة أشهر البرنامج.
وتابع :"ستوفر الأكاديمية المهارات اللازمة و المحتويات العلمية فى المجال العملى بحيث يكون المتدرب أو المتخرج من هذه الأكاديمية قادر على مباشرة العمل الدعوى سواء فى وزارة الأوقاف أو وعاظ الأزهر".
ومن أهداف تلك الأكاديمية معالجة مساحة الفراغ ما بين المناهج كمناهج وبين العمل الفعلى فالمتخرج يحتاج إلى نوع من أنواع التكثيف الذى من خلاله يستطيع أن يتأهل للعمل على أرض الواقع ومواجهة التحديات بطرح آليات و وسائل معالجة تلك التحديات للرد على الشبهات.
وعن الذين سيتولون تدريب الأئمة والوعاظ، قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن من سيتولى التدريس بالدرجة الأولى هم الاساتذة المتخصصون مما لديهم القدرة على توصيل المهارات اللازمة فى هذا المجال، مؤكدا أنه سيكون هناك مناهج مرسومة ومحددة لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون امتداد لما تم تدريسه، بل سيتم التركيز على أهم التحديات والمناهج العملية للتعامل مع تلك التحديات، وسيتم كل ذلك تحت راية الأزهر الشريف وهو الذى سيكون مسئول بالتعاون مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية .
وعن تدريب المفتين، أوضح التدريب سيكون لتأهيل من يعملون فى مجال الفتوى سواء فى لجان الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية التى ستنتشر فى جميع مدن ومراكز الجمهورية قبل انتهاء عام 2016 سيكون هناك لجنة فتوى فى جميع مدن ومراكز الجمهورية، ووحدة البرنامج التدريبى المشترك بالتنسيق بين تلك الجهات تحت إشراف الأزهر الشريف.
وكشف عن أنه سيتم التنسيق بين الأزهر والأوقاف فى اختيار موضوعات الخطبة وتحديد أولويات القضايا التى تتم معالجتها من خلال ائمة الأوقاف ووعاظ الأزهر، وهو ما يؤكد أهمية التعاون المشترك ما بين الأوقاف والأزهر ممثلا فى مجمع البحوث الإسلامية، حيث تم التأكيد على تبنى أراء هيئة كبار العلماء و طرح الأمر بحضور وزير الأوقاف والآن يوجد مشاورات بين الأوقاف والأزهر لوضع رؤية موضوعية محددة فى هذا الإطار.
من جانبه كشف الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، فى تصريحات صحفية، عن فكرة أكاديمية تأهيل وتدريب الأئمة و الوعاظ، حيث أنه من المنتظر أن تتكون هذه الأكاديمية من قسمين، الأول تأهيلي: وهو يقبل الراغبين فى الالتحاق بالعمل الدعوى أ والإفتاء ممن تخرجوا فى الكليات المتخصصة والفرق بين الدراسة لهؤلاء الدارسين فى الأكاديمية وبين الدراسة الجامعية، حيث أن الدراسة فى الأكاديمية ستركز على الممارسة العملية وكيفية التعامل مع المشكلات والقضايا المجتمعية والتأكد من صلاحية الدارس فكريا ونفسيا وعلميا وجسديا من مباشرة العمل الدعوى حيث سيكون التقدم للوعظ أو الإمامة أو الإفتاء مقصورا على خريجى الأكاديمية حتى لو كان من أوائل الكليات الشرعية ومدة الدراسة ستة أشهر.
أما القسم الثانى تدريبي، وهذا القسم يعنى بعقد دورات تدريبية متكررة للعاملين فى مجالى الدعوة والإفتاء لرفع الكفاءة من خلال المعالجات الشرعية للمستجدات على الساحة الدعوية وسيكون اجتياز هذه الدورات بابً مهما للحصول على الحوافز وربما يربط بالترقيات وشغل المواقع القيادية، وأعتقد أن هذه الأكاديمية ستكون نقلة نوعية لضبط العمل الدعوى والارتقاء به ومنع المتسللين والمستغلين للساحة الدعوية من ذوى الأهداف والمصالح التى لا علاقة لها بالدعوة أو الإفتاء.