فى دولة القائم بالأعمال تجد مئات المواطنين يقفون أمام أبواب المصالح الحكومية، وفى أياديهم أكوام من الملفات لا يعلمون شيئًا عن جدواها، وأسباب وجودها من الأساس لكنهم يطبقون ما يطلبه منه الموظفون الذى لا يملكون سوى جملة «هذا ما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا» لتبرير الإجراءات الروتينية المعقدة.
حالة الغموض والعشوائية التى تعيشها المنظومة الإدارية فى مصر منذ عقود طويلة ترتب عليها عدم وجود قيادات قادرة على تحمل المسؤولية، لذا يتم اللجوء إلى القائمين بالأعمال لحل تلك الأزمة، إضافة إلى تفضيل أهل الثقة على الكفاءة فى ظل توارث المصريين جيلًا وراء جيل نظرية المؤامرة، ورغبة كل فرد فى الاستحواذ، والعمل لمصالحه الشخصية، لاسيما مع غياب اللوائح الواضحة والمعايير المحددة التى تحكم المنظومة.
دورة الموافقات الأمنية والأجهزة السيادية التى حصر المصريون أنفسهم بين فكيها منذ قديم الأزل جعلت عملية الإحلال والتجديد صعبة للغاية، خاصة فى المجتمعات المعقدة نسبيًا، مثل الجامعات والكليات، نظرًا لأنها تعتمد على فئة الشباب التى يصعب السيطرة عليها مع الاختلافات الفكرية، لذا نجد 8 رؤساء جامعات من أصل 28 جامعة حكومية يعملون وفقًا لقرار تعيين كقائم بالأعمال، والحال نفسه بالنسبة للهيئات الحكومية التابعة للوزارات المختلفة. الفكرة ذاتها تجدها منتشرة بين الأحزاب المصرية التى يعانى أغلبها من عدم استقرار، نتيجة غياب الوعى عن المصريين بثقافة تحديد الأدوار، ورغم أن المناصب المختلفة فى الأحزاب تتم عن طريق الانتخاب، فإن الأزمات تلاحق الأحزاب مع أول هزة أو حادث طارئ.
القائمون بالأعمال هم أصحاب الأيادى المرتعشة فى الدولة، وهم المسؤولون غير القادرين على اتخاذ القرارات الحاسمة ووضع الاستراتيجيات الطويلة الأجل، ومواجهة الأزمات بقرارات شعارها الجرأة والشجاعة وعدم الخوف من الحساب فى أى وقت.. وفى ظل الأوضاع التى تعيشها الدولة ليس غريبًا أن يؤكد لنا الدكتور هانى محمود، وزير التنمية الإدارية الأسبق، عن أن تقديراته الشخصية لنسبة القائمين بالأعمال فى الدولة المصرية تفوق الـ 60%.
الغموض وعدم وضوح الرؤية.. السمة المميزة لكل المؤسسات الحكومية فى مصر على مدى عقود من الزمن.. الجميع فى تلك الهيئات يرغب فى تسيير الأمور بأى شكل وطريقة، ومن هنا تنتج معاناة المصريين.
وفى إطار البحث عن أسباب البيروقراطية وغياب القرارات الحاسمة داخل قطاع عريض فيما يسمى بالسلطلة التنفيذية.. سنجد ظاهرة القائمين بالأعمال تستحوذ على عدد كبير من القطاعات الحكومية، وفيما يلى نستعرض أبرز ثمانى هيئات توجد بها تلك الظاهرة.
البداية مع إحدى المؤسسات الحكومية البارزة التى يترأسها القائمون بالأعمال، وهى هيئة التنظيم والإدارة بعد تكليف الدكتور أشرف العربى، وزير التخطيط والمتابعة والتنمية الإدارية، فوزية حنفى بتسيير أعمال الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة لحين تعيين رئيس جديد للجهاز منذ 24 فبراير الماضى.
فيما يتولى الدكتور هيثم الحاج على مهام القائم بأعمال رئيس الهيئة المصرية للكتاب لمدة عام يبدأ من 22 سبتمبر الماضى تاريخ صدور القرار.. مع العلم أنه كان نائبًا لرئيس الهيئة منذ عام 2014.. وذلك خلفًا للدكتور حلمى النمنم، وزير الثقافة الحالى، الذى شغل منصب قائما بأعمال رئيس الهيئة أيضًا قبل تولى الحقيبة الوزارية.
ومن القائمين بالأعمال فى الهيئات الحكومية أيضًا علاء عمر، المدير التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والقائم بأعمال رئيس الهيئة.. وايضًا محمد السبكى القائم بأعمال رئيس مصلحة سك العملة.. وفى الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، هناك المهندس مصطفى عبدالواحد، القائم بأعمال رئيس الجهاز.. وكذلك المحاسب مجدى متولى حجازى، القائم بأعمال رئيس هيئة البريد.. وأيضًا الدكتور أبوالعلا أمين، القائم بأعمال رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية التابع لوزارة البحث العلمى المصرية. الأمثال السابقة تُدلل على سيطرة فكرة تسيير الأعمال على الجهات الرسمية فى مصر، لكن هذا الأمر يتم العمل به دائمًا وموجود فى الإدارة المصرية، لذا تجد ما يسمى بحركات الندب من وقت لآخر داخل الوزارات المختلفة، سواء أكان التربية والتعليم وإدارتها المختلفة أم الصحة ومديرى مستشفياتها، والحال نفسه بالنسبة للنقل وقطاعات التموين وغيرها من الوزارات.
وفى سياق الحديث عن ظاهرة القائم بالأعمال تجدر الإشارة إلى أن الدكتورة سعاد الخولى ظلت فى منصب القائم بأعمال محافظ الإسكندرية لمدة 61 يومًا بعدما أصدر المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، قرارا فى 26 أكتوبر الماضى بتكليفها لتكون القائم بأعمال المحافظ، عقب قبوله استقالة هانى المسيرى، محافظ الإسكندرية، على خلفية أزمة تراكم مياه الأمطار التى شهدتها المحافظة، لكن تم تغييرها فى حركة المحافظين التى أدت اليمين الدستورية فى يوم 26 ديسمبر الماضى ليتولى المهندس محمد أحمد عبدالقادر عبدالظاهر مسؤولية محافظة الإسكندرية بعدما كان محافظًا للقليوبية.
صراع «الثقة والكفاءة» فى الجامعات
«التعليم العالى» من أهم القطاعات فى الدولة، لذا فإن اختيار رؤساء الجامعات والكليات شىء حساس للغاية، لما له من تبعات على المجتمع الطلابى «الشبابى»، إذ يُفضل دائما الاعتماد على أهل الثقة، ما يقود إلى تفشى ظاهرة القائمين بالأعمال فى هذا القطاع بكثرة.. وهو ما يفسر وجود 8 جامعات يقودها قائمون بالأعمال من أصل 28 جامعة حكومية.. والحال نفسه بالنسبة لعمادة الكليات.
القائمون بالأعمال فى الجامعات الثمانى هم: الدكتور إبراهيم الهدهد، القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عبدالحكيم نورالدين، القائم بأعمال رئيس جامعة الزقازيق، والدكتور أحمد عبده جعيص، القائم بأعمال رئيس جامعة أسيوط، والدكتور محمد السيد، القائم بأعمال رئيس جامعة دمنهور، والدكتور راشد القصبى، القائم بأعمال رئيس جامعة بورسعيد، والدكتور جمال أبوالمجد، القائم بأعمال رئيس جامعة المنيا، والدكتور رشدى زهران، القائم بأعمال رئيس جامعة الإسكندرية، ومحمد سعفان، نائب رئيس اتحاد العمال، والقائم بأعمال رئيس مجلس إدارة الجامعة العمالية.
وللعلم فإن طريقة اختيار رؤساء الجماعات تم حسمها فى 24 يونيو عام 2014 بعد إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسى قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 مفاده تعيين رؤساء الجماعات بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالى، وذلك من بين ثلاثة أساتذة تُرشحهم لجنة متخصصة، ويتم تعيينهم لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ويجوز إقالته من منصبه قبل نهاية مدة تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية بناء على طلب المجلس الأعلى للجامعات إذا أخل بواجباته الجامعية أو بمقتضيات مسؤولياته الرئاسية.
فكرة القائم بالأعمال وأهل الثقة يُمكن تجسيدها بشكل واضح فى الواقعة التالية: فى 9 أغسطس الماضى.. كلفت وزارة التعليم العالى الدكتور عبدالحكيم نور الدين، نائب رئيس جامعة الزقازيق لشؤون التعليم والطلاب، قائمًا بأعمال رئيس الجامعة، لحين تعيين رئيس لها خلفا للدكتور أشرف الشيحى الذى انتهت فترة عمله فى 1 أغسطس الماضى لبلوغه سن المعاش.. لكن بعد فترة قصيرة فوجئ الجميع بتولى أشرف الشيحى حقيبة التعليم العالى فى حكومة المهندس شريف إسماعيل.
وفى 27 أغسطس الماضى.. أثار قرار تعيين قائم بأعمال عميد كلية تربية نوعية أزمة فى جامعة الزقازيق أيضًا بعد قرار الدكتور عبدالحكيم نور الدين، رئيس جامعة الزقازيق، إلغاء تكليف الدكتور عبدالعظيم العطونى بالقيام بأعمال عميد كلية التربية النوعية وتكليف الدكتور صلاح شريف عبدالوهاب للقيام بأعمال عميد كلية التربية النوعية، لحين تعيين عميد للكلية وذلك بالقرار رقم 1293.. مما سبب حالة من الارتباك بالكلية، لتعيين قائم بأعمال العميد على القائم بالأعمال السابق، والذى اعتبروه قرارًا غير قانونى.
وفى تصريحات إعلامية وقتها.. قال الدكتور عبدالعظيم العطوانى، القائم بأعمال العميد السابق: «كنت عميدًا للكلية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وتم تكليفى قائمًا بالأعمال عقب انتهاء المدة، وترشحت لمنصب العميد وفقًا للقانون فى أكتوبر 2014 وكنت المرشح الوحيد فى اللجنة الثلاثية بعد اعتذار زميلين وبالفعل تم إرسال أوراق الترشيح إلى مجلس الوزارء لكن لم يصدر أى قرار دون أى سبب معلوم».
أحزاب «سيّرت» الأعمال
اتضح بما لا يدع مجالا للشك عدم قدرة الأحزاب السياسية على التأثير فى الشارع المصرى، خاصة فى ظل ضعف الإقبال بالانتخابات البرلمانية الأخيرة وعزوف المصريين عن المشاركة فى الماراثون الانتخابى.. والسبب واضح للجميع وهو أن الأحزاب نفسها لم تستطع تنظيم نفسها داخليًا بشكل جيد والسيطرة على الأزمات، وكذلك استقطاب كوادر قيادية.. وهو ما ينتج عنه ظاهرة وجود القائم بالأعمال لتسيير الأمور.
المثال الأشهر للقائم بالأعمال فى عالم السياسة فى الفترة الأخيرة هو الدكتور عصام خليل، الرئيس الحالى «المُنتخب» للمصريين الأحرار، بعدما استمر على كرسى قيادة الحزب صاحب الكتلة البرلمانية الأكثر تحت القبة بـ65 مقعدًا لمدة 469 يومًا لتسيير الأعمال.
سكرتير عام المصريين الأحرار السابق تم تصعيده لرئاسة الحزب فى 18 سبتمبر عام 2014 بعد استقالة أحمد سعيد من منصبه ليُوجه البعض داخل الحزب الاتهامات لـ«عصام خليل» بأنه عقد اجتماعا سريا للهيئة من أجل تعديل اللائحة بشكل يسمح له بالبقاء فى منصبه لمدة تتعدى العام، خاصة أن لائحة الحزب تنص على عدم وجود القائم بالأعمال فى موقعه لفترة تفوق الـ«3 أشهر».
بعد شد وجذب ونجاح ساحق لـ«المصريين الأحرار» فى الانتخابات البرلمانية نجح القائم بالأعمال عصام خليل فى أن يُصبح رئيسًا للحزب فى 31 ديسمبر الماضى.. بعدما قضى فى موقعه مدة عام كامل فى محاولة أثبت من خلالها أنه جدير بالمسؤولية التى ألقيت على عاتقه بالصدفة.
بخلاف «المصريين الأحرار» هناك عدد من الأحزاب البارزة فى الحياة السياسية حاليا تُعانى من أزمة وجود القائم بالأعمال وعدم الاستقرار الإدارى.. وأبرزها حزب الدستور الذى تم تأسيسه عام 2012 على يد دكتور محمد البرادعى وعدد من الشخصيات السياسية المعروفة.. الحزب يُعانى حاليا من عدم الاستقرار ويتولى قيادته تامر جمعة كقائم بأعمال الرئيس بعد تصعيده على خلفية استقالة الدكتورة هالة شكر الله من منصب رئيس الحزب فى 16 أغسطس الماضى.
المثير فى الأمر أن نص اللائحة الداخلية لحزب الدستور يقضى بأن يبقى الأمين العام كقائم بأعمال الرئيس أمام لجنة شؤون الأحزاب وفقا للمادة 122 من لائحة إجراء الانتخابات الداخلية للحزب فى مدة أقصاها شهر، لكن تامر جمعة مازال مستمر فى مهمة تسيير الأعمال حتى الآن.
حزب التحالف الشعبى الاشتراكى يعيش الحالة نفسها فى الوقت الحالى بعد قبول استقالة الدكتور عبدالغفار شكر من رئاسة الحزب فى 18 ديسمبر لأسباب متعلقة بظروفه الصحية.. ليتم إسناد مهمة تسيير الأعمال لمدحت الزاهد نائب رئيس الحزب، معلنًا إمكانية إقامة انتخابات رئاسة الحزب فى أواخر شهر يناير الجارى.
وفى حالة مختلفة نسبيًا.. اضطر سيد عبدالعال، رئيس حزب التجمع، القيام بأعمال منصب الأمين العام لـ«التجمع» بعد استقالة مجدى شرابية، الأمين العام السابق للحزب، لسوء حالته الصحية على أن يتم شغل ذلك المنصب الشاغر فى اجتماع اللجنة المركزية للحزب خلال الفترة المقبلة.
الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، أكد أن مسألة وجود القائم بالأعمال على رأس أى حزب لفترة بعينها يرجع إلى لائحة النظام الأساسى للحزب نفسه التى تم إعدادها بإرادة الجمعية العمومية للحزب وتم عرضها على اللجنة العليا لشؤون الأحزاب، مضيفًا أن الأساس فى تمثيل الحزب يكون للرئيس وليس للقائم بالأعمال، مضيفًا: «فى حالة تنامى تلك الظاهر يمكن الرجوع إلى النظام الأساسى للجنة العليا لشؤون الأحزاب فى حالة تقدم أحد الأشخاص بشكوى لها من أجل التعرف على أسباب تنامى تلك الظاهرة».
تحليل ظاهرة القائم بالأعمال
توسع ظاهرة القائمين بالأعمال فى الدولة يحتاج إلى تفسير للأسباب ومدى تأثيرها على اتخاذ القرارات بالمؤسسات المختلفة.. الدكتور هانى محمود، وزير التنمية الإدارية الأسبق، كشف أن الدولة المصرية تُعانى من أزمة سيطرة القائمين بالأعمال على مختلف الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة بنسبة تصل إلى 60 % خاصة بعد ثورة 25 يناير.
وأشار الوزير الأسبق إلى أن انتشار ظاهرة القائم بالأعمال تُشكل مؤشرات خطيرة لا يشعر بها إلا المتعاملون داخل الجهاز الإدارى للدولة، خصوصًا أنهم مجرد أشخاص موجودين لتسيير الأمور وغير قادرين على اتخاذ القرارات الاستراتيجية والحاسمة، كما أنهم لا يستطيعون استشراف المستقبل.
وأضاف محمود، أنه لا يجد مبررًا لاستمرار ذلك الوضع، خاصة أنه تسبب فى مشاكل رهيبة للغاية، قائلا: «الناس القائمين بالأعمال فى الوزارات والقطاعات دول يا تعينوهم يا تمشوهم»، لافتًا إلى أن هناك عددا كبيرا من الأسباب وراء تلك الظاهرة وفى مقدمتها «الاستسهال»، موضحًا: «دائمًا ما يكون هناك مرشحون للوظيفة أو منصب حوالى 6 أو7 أشخاص، وفى حالة تجاهل اختيارهم يلجأ البعض لتقديم شكوى للرقابة الإدارية والمحكمة الإدارية مما يجعل المسؤولين عن الاختيار يخشون ذلك الأمر الذى سيعطل العمل فى رد على تلك الشكاوى».
وتابع وزير التنمية الإدارية حديثه عن أسباب تفشى ظاهرة القائم بالأعمال قائلا: «دورة الموافقات الأمنية والسيادية دائمًا ما تستغرق وقتا طويلا، لذا يتم اللجوء إلى القائم بالأعمال، لأنه لا يحتاج ذلك الأمر، خاصة أنه يظل على نفس درجته القديمة ويمكن إقالته بصورة أيسر وأسهل من الأشخاص المعينين.. وكذلك لا يستغرق وقتا فى فهم أداء المؤسسة»، مضيفًا: «فى أوقات لا تجد الكفاءات المناسبة والجديرة بتولى المسؤولية، بناءً عليه يتم اللجوء إلى سياسة إمساك العصا من المنتصف بوضع شخص لتسيير الأمور، وإذا أردت إقالته يمكن بسهولة أيضًا فى حالة إيجاد البديل الكفء».
وأوضح «محمود»، أنه تمنى وضع بند فى قانون الخدمة المدنية ينص على عدم وجود أى شخص فى منصبه كقائم بالأعمال لمدة لا تزيد على 6 أشهر، خصوصًا أن هناك قائمين بالأعمال يظلون فى مواقعهم لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، مشددًا على أنه يجب على البرلمان المقبل التطرق لتلك الظاهرة.
فيما ذهب للدكتور محمد باغة، أستاذ الإدارة والتنمية والتطوير المؤسسى بجامعة قناة السويس، إلى زاوية جديدة، مؤكدًا أن القائمين بالأعمال يشكلون السواد الأعظم من أصحاب الأيدى المرتعشة، و«الأيدى المرتعشة» مصطلح تداول بكثرة بين الأوساط المصرية فى الفترة الأخيرة خاصة بعد ثورة 25 يناير، وغالبًا ما تم إطلاق تلك التسمية على المسؤولين غير القادرين على اتخاذ قرارات حاسمة وجرئية.
وأوضح «باغة» أن الأزمة بالنسبة للقائم بالأعمال تتمثل فى أنه لا يشعر بالأمان الكافى أثناء أداء مهمته، فلا يستطيع اتخاذ القرارات الصعبة المتعلقة بالأمور الاستراتيجية داخل المؤسسة والمتعلقة بالأمور المادية ذات التكاليف العالية أو غيرها من القرارات المهمة.
ولفت خبير التنمية والتطوير المؤسسى إلى أن وجود عدد كبير من المسؤولين لتسيير الأعمال فقط ينتج عنه شىء خطير للغاية، وهو غموض الرؤية بالنسبة للأدوار التى تُؤديها المؤسسات الحكومية، وبالتالى تنتج المشاكل التنظيمية، موضحًا أنه فى حالات الأزمات نُفاجأ بوجود مسؤولين غير قادرين على اتخاذ القرارات، فالجميع يهرب من المسؤولية، مدللا بأنه منذ قيام ثورة 25 يناير، كمثل قريب، لم نجدى سوى وزير أو اثنين قادرين على أداء مهمتهم بالشكل المطلوب منهم.
وكشف «باغة»، أن الدولة المصرية تحتاج إلى بث قيم إدارية خاصة فى ظل غياب ثقافة تربية الكوادر الإدارية بالصفين الثانى والثالث، وأيضًا توفير التدريب الكافى لخلق قيادات قادرة على تحمّل المسؤولية، مشددًا على أن الثورة الإدارية أمر لا مفر منه من أجل معالجة الغموض والعشوائية فى القرارات لدى المؤسسات الحكومية.