أصدر حلف الناتو بيانا غير متوقع اليوم الأربعاء ينفى من خلاله الأقاويل والشائعات التى ترى نهاية لعلاقته التى دامت 64 عاما مع تركيا، بعد تقارب الأخيرة مع روسيا من خلال لقاء الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بنظيره الروسى "فلاديمير بوتين" مؤخرا فى العاصمة الاقتصادية الروسية سان بطرسبرج، وفقا لما نشره موقع الصحيفة البريطانية الفايننشيال تايمز.
وكانت المتحدثة باسم التحالف "أونا لونجيسكو" قد أكدت اليوم الأربعاء على بقاء تركيا داخل التحالف بتصريحها بأن عضوية تركيا بالناتو أمر غير قابل للنقاش، مضيفة بأن الناتو يعول على إسهامات تركيا، كما أن تركيا تستطيع أن تعول على مساندة ودعم حلف الناتو.
يقول تقرير فاينينشيال تايمز، إن بيان الناتو جاء ليرد على الحملة الغاضبة التى تشنها الصحف التركية ضد الحلف وقياداته الأوروبية والأمريكية، التى ترى أن التحالف أظهر لامبالاة لمحاولة الجيش التركى لخلع إردوغان، بشكل يثير الشكوك أن بعض قيادات التحالف شاركت فى تحرك الجيش التركى الشهر الماضى.
وسلطت الصحيفة البريطانية الضوء على التصريح الأخير لوزير الخارجية التركى "مولود تشاوش أوغلو" الذى هاجم فيه الغرب وأعضاء الناتو، منتقدا تقاعس الناتو عن تزويد تركيا بأنظمة دفاع صاروخية كانت قد طالبت بها، مهددا فى نفس الوقت بلجوء إلى روسيا من أجل إيفاء هذا الطلب.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكى "جوزيف دونفورد" إلى تركيا الأسبوع الماضى لتخفيف حدة التوتر بين تركيا والناتو، لافتة فى نفس الوقت إلى انقطاع "ساسة" الحلف عن زيارة أنقرة منذ فشل تحرك الجيش التركى فى يوليو الماضى.
وكانت الانتقادات الأوروبية لحملات الحكومة التركية التى أودت بالسجن وأوقفت عن العمل ما يربو على 70 ألف تركى عقب فشل تحرك الجيش قد أثارت حفيظة أنقرة.
وقالت الصحيفة البريطانية: إن الزيارة الأخيرة للرئيس التركى إردوغان لتركيا كانت موضع ترحيب من مسؤولى أنقرة، وقد وصفتها الصحف التركية المنحازة لأردوغان ببداية الربيع الروسى-التركى، بعد توقف استمر لـ8 شهور منذ إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية فى شهر نوفمبر الماضى.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى مقالا كتبه المستشار الاقتصادى للرئيس التركى "كميل إرتيم"، شدد من خلاله على أهمية اللقاء الذى جمع بين إردوغان ونظيره الروسى بوتين، مشيرا إلى وجود فرصة لدعم تركى لخطة الرئيس الروسى "بوتين" لإطلاق اتحاد أوراسى.
وأكد مسئوولو الناتو أن العلاقة مع أنقرة لم تتغير على مستوى القنوات الرسمية، فقادة التحالف العسكريين لا يزالوا على تواصل مع نظرائهم بالجيش التركى، ممن يدينون بالولاء للرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
وقال دبلوماسى بريطانى للفايننشيال تايمز، إنه لم يشهد تدهورا مماثلا فى العلاقات بين الناتو وحليفه التركى، منوها بأهمية تهدئة الضجيج الذى تثيره الصحف التركية المحلية.
وأشار تقرير الصحيفة البريطانية لتصريحات مسؤول تركى دعى فيها إلى الهدوء والتعقل، مؤكدا أن تركيا لديها تطلعات ومصالح متنوعة تقتضى تعاملها مع العديد من الحلفاء والنظراء، مثلها مثل أى بلد.
وسلطت الفاينينشيال تايمز الضوء على التخوف الذى يثيره التقارب التركى-الروسى بين دول شرق أوروبا، وما قد يسببه من إضعاف لموقف الناتو وسط تزايد ما تعتبره شرق أوروبا "عداء" روسى، فى الوقت الذى دعا فيه الناتو إلى الوحدة.
ويرى المحللون أن القلق ليس من مغادرة تركيا لحلف الناتو، انما بقائها داخل التحالف مع توطيد علاقتها مع روسيا.
ويقول رئيس برنامج روسيا وأوراسيا بمعهد تشاثام البحثى "جيمس نيكسى" إن روسيا لا تتطلع إلى مغادرة تركيا لتحالف الناتو، بل أنها تسعى إلى تحقيق صدع بجدار التحالف، بالحصول على حليف من داخل الناتو الذى تعتبره روسيا عدوا لها.
ويقول "نيكسى" إن روسيا لن تبدأ علاقة "جديدة" مع تركيا، لكنها قد تستفيد من "متعاطف" داخل الناتو، وهو تركيا وفقا للحالة الراهنة.
ويرى نيكسى وفقا لتصريحاته للفايننشيال تايمز، أن الغرب أمام مفترق طريقين، فهو يمكنه مواصلة حملة انتقاداته لتركيا ودفعها إلى أحضان الدب الروسى، أو بلع قيمه السياسية وبدء تقارب دبلوماسى يعيد أنقرة إلى حاضنتها بالناتو، مؤكدا على تفوق الدبلوماسية الروسية فى إدارة دفة أزمة أنقرة حتى الآن.