نقلا عن العدد اليومى...
كيف يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية؟ السؤال يبدو سهلا وبسيطا، خاصة أن العدالة أحد أهم المطالب التى لا يختلف عليها أى طرف من الأطراف السياسية، لكن الفرق فى الطريقة، والمواطنون فى مصر ينتظرون من مجلس النواب الجديد أن يتخذ إجراءات وقرارات من شأنها أن تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، وأن يتم ضمان عدالة التوزيع.
قضية الدعم ووصوله إلى مستحقيه وهى قضية معقدة وشائكة، وبالرغم من أن كل الحكومات التى شهدتها مصر خلال ربع قرن على الأقل كانت تتحدث عن أن الدعم لا يصل إلى مستحقيه، وأن هناك سياسات جديدة وتصر الحكومة الحالية على أنه لا مساس بالدعم المقدم للفقراء والطبقات الكادحة، لكن ما يحدث دائما أن الدعم لا يصل أبدا إلى مستحقيه لأسباب عديدة أهمها الفساد، فضلا عن أن الدعم الذى يقدم بطريقة عامة يجعل سعر الوقود واحدا بالنسبة للفقير الذى لا يمتلك شيئا، وللمليونير والملياردير، وبالتالى فإن من يمتلك عددا كبيرا من السيارات يحصل على الوقود المدعم، بلا حد أقصى بينما من لا يمتلك سيارة ويضطر لركوب المواصلات العامة لا يحصل على نصيب عادل من الدعم.
رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل أكد أنه لا تخفيض للدعم فى الموازنة، وأن نظام النقاط مستمر فى توزيع السلع التموينية، مشددا على أن الهدف من الدعم هو ضمان وصول السلع الأساسية للمواطنين، وتحقيق الاستقرار بالأسواق وضبط الأسعار. وزارة التمويت أعلنت عن نجاح منظومة دعم السلع التموينية وفرق نقاط الخبز فى الوصول إلى كل الأسر بجميع المحافظات، وهى بالفعل خطوات مهمة لكنها تحتاج أيضا إلى مواجهة السرقة والاستغلال بالنسبة للخبز الحر أو المميز الذى تنتجه بعض الأفران الخاصة، وتستخدم دقيق نصف مدعم، لكنها تبيعه بأسعار مضاعفة، كما تتلاعب فى الوزن والحجم، وهو ما يجعل هناك اختلالا فى المنظومة، لأن وجود أفران للخبز الحر لا يعنى رفع أيدى الرقابة، وبالتالى فإن آليات مراقبة الأسواق والأسعار هى السبيل لضمان نجاح تام لمنظومة الدعم.
ونفس ما يقال عن الخبز يفترض أن يطبق على الوقود، ومن المعروف أن دول العالم كلها تتعامل مع الوقود بأسعار حرة، لأنها تكتشف العجز عن تطبيق الدعم، وبالتالى تقوم بمنح الدعم عينيا ومباشرة للفقراء من خلال آليات الرقم القومى أو المنظومة الاجتماعية. وأهم خطوة فى الدعم وضمان وصوله لمستحقيه هو توظيف التكنولوجيا وقواعد المعلومات فى تحديد الفئات التى تستحق الدعم ومنحها ميزات واضحة ومباشرة، حتى لا يظل النظام الحالى الملىء بالثقوب الذى تتسرب منه مئات المليارات إلى الأغنياء والفاسدين، بينما لا يحصل الفقراء على الحق وهم الأولى بالرعاية، وهى خطوات تحتاج لشجاعة، وتشريعات واضحة يفترض أن تتم بعد دراسات واضحة وشفافة، وتعتمد على قواعد معلومات وليس على الأهواء.