من الصعب أن تجد إخوانيا لا يعرف "سعيد شعيب" الكاتب الصحفى الذى كشف بحواره الشهير مع مرشد الجماعة الأسبق "مهدى عاكف" الوجه الخفى لعالم الإخوان المسلمين فى الوقت الذى كانت غالبية الشعب المصرى مخدوعة تمام الخداع فى أصحاب الشعارات الإسلامية الرنانة.
ففى وسط انتشار كاسح لجماعة الإخوان المسلمين فى 2006 وفى وسط صعود كبير للحركة بين شباب الجماعات وحتى بين النخب السياسية والعلمية أجرى سعيد شعيد حوارا مع "عاكف" وفيه أعلن المرشد أن الإخوانى الباكستانى أو الماليزى أهم عنده من المسلم المصرى، كما قال إنه لا يمانع أن يتولى رئاسة مصر "مسلم" بصرف النظر عن جنسيته" قائلا مقولته الشهيرة "طز فى مصر" وهى الأمور التى لم يصدقها البعض وشكك فيها البعض وظنها البعض الآخر محض مجاز، حتى أتى الإخوان إلى حكم مصر فأدرك الجميع أن كراهية مصر عند الإخوانى عقيدة وليست "خيالا".
بعد حوالى 10 سنوات من صدور الحوار الذى أصبح من أكثر أدبيات الحياة السياسية عن الإخوان شهرة أصدر الكاتب الكبير "سعيد شعيب" كتابا جديدا فى كندا بالاشتراك مع الباحث الكندى "توم كويجان" بعنوان "عشاق الموت" وفيه يرصد الكاتبان صعود التيارات الإسلامية فى كندا فى الآونة الأخيرة، وقد شهد المجتمع الكندى منذ فترة طويلة توغل غير ملموس للتيارات الإسلامية السياسية المختلفة، لكنها اتخذت شكلا عنيفا فى السنوات القليلة الماضية، وبدأت فى انتهاج منهج العنف حتى أن الشرطة الكندية قبضت مؤخرا على شاب كندى مسلم "أبيض" أثناء الشروع فى تفجير محطة قطار تورنتو التى تعد أكبر محطة قطار فى البلاد وقام بعض الشباب الكنديين بعمليات إرهابية أخرى.
الشىء المثير هو أن تعرف أن عنوان الكتاب "عشاق الموت" هو اقتباس حرفى من إحدى خطب أئمة مساجد تورنتو، والأكثر إثارة هو أن تعرف أن مناسبة إلقاء هذه الخطبة هو تحريض هذا الشيخ لشباب كندا على السفر إلى سوريا والانضمام إلى "داعش" مؤكدا لهم إن المسلمين هم عشاق الموت الحقيقيين، وأنه يجب عليهم ألا يخشوا من الموت فى القتال لأن القتل يعنى الاستشهاد والاستشهاد يعنى الجنة والجنة يعنى أن تجد آلاف من حور العين فى خدمتك الجسدية والروحية، وهو الأمر الذى أتى بثماره وأصبح هناك بالفعل شباب كندى فى صفوف داعش، ويرصد "شعيب وكويجان" فى كتابهما أن طبيعة المجتمع الكندى المنفتح المتسامح قدرا كبيرا من الحرية سمحت بنمو تيارات إسلامية متشددة أخفت تطلعاتها الإرهابية قدرا من الوقت حتى توغلت فى مؤسسات الدولة الحكومية والمدنية ثم وفرت غطاء سياسيا لهذا التطرف عن طريق استخدام فزاعة "الإسلاموفوبيا" التى يشهرونها فى وجه كل من يعترض على هذا التوغل الخطير.
ورصد الكتاب "عشاق الموت" الذى صدر بالإنجليزية والعربية على حد سواء، نموالتيارات الإسلامية المتشددة فى مساجد كندا بطريقة كبيرة جعلت بعض مسلمى كندا حتى من السكان الأصليين يعتقدون أنهم فى دار حرب وليس "وطن" أو دول، وصار من الطبيعى أن يوجد بالمساجد الكندية عشرات الكتب الوهابية المتشددة، بالإضافة إلى كتابات سيد قطب المحرضة، كما رصد أن المناهج المدرسية الكندية التى يضعها مسلمون متشددون تحض على الكراهية والعنف أما المساجد فمعظمها تؤسس لفكرة "الخلافة الإسلامية" التى تبرر العنف والاحتلال، كما رصد الكتاب أنه لا يوجد فرق كبير بين الخطاب الدينى السنى المتشدد والخطاب الشيعى أيضا، ومن خلال الكتاب أثبت الباحث "توم كويجان" أنه هناك مؤسسات مدنية إسلامية تحصل على دعم "حكومى" من أموال دافعى الضرائب فى كندا لتنفق على بعض المنظمات الإرهابية.