شاءت الأقدار أن أعيش خارج مصر لسنوات طويلة، طلبا للعلم ثم للعمل، وكنت أرى وأسمع كل يوم عن مشاكل المصريين فى الخارج وأحلامهم وأمنياتهم.
وأيضا شاءت الأقدار أن أسافر لتغطية زيارة السيد الرئيس فى عدد كبير من الدول، كى أرى وأسمع من المصريين فى الخارج عن بلدهم.
إذا أردت أن تصنف المصريين فى الدول العربية والأجنبية، فهم إما طلبة علم أو كوادر إدارية أو علمية أو تقنية تعمل فى مؤسسات أو أيدى عاملة وهذه هى الأغلبية.
وهم مشهور عنهم أنهم جالية محترمة لا تسعى إلى المشاكل، ويحبون عملهم ويخلصون فيه، كذلك هم أصحاب عقل متفتح أو بمعنى أدق ذكاء متفرد وسرعة بدية عن غيرهم.
والمصرى فى الخارج يعمل بشكل يجعلك تسأل لماذا لا توجد هذه الكفاءة فى كثير من الأماكن فى الداخل؟
والحقيقة أن انخراط المصرى فى الخارج فى النظام الصارم للدول الأوروبية وبعض الدول العربية، هو الذى يساعده على الانضباط، فلا مجاملات ولا محسوبية وهناك ثواب وعقاب.
وتستطيع أن تجد فرقا واضحا بين الجاليات المصرية فى الدول العربية عن مثيلتها فى أوروبا وأمريكا.
تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى فى عدد المصريين العاملين بها، ولا تمر عليك خمس دقائق فى جدة والمدينة إلا وتجد مصريا وهؤلاء أغلبهم من الأيادى العاملة، ووفقا للقوانين السعودية، لا يعملون بالسياسة وليست لهم تجمعات سياسية اللهم البعض فى العيد الوطنى.
وهذا هو الحال فى أغلب الدول العربية
أما فى أوروبا وأمريكا، فالجاليات المصرية تنظم فعاليات وندوات وتظاهرات، وفقا لقوانين هذه الدول التى تسمح بذلك.
وبعد ثورة 30 يونيو، أصبحت زيارات السيد الرئيس للدول الأوروبية وأمريكا تحظى باهتمام كبير من الجاليات المصرية، وهذا يعود لعدد من الأسباب، منها أن هناك من هو مع ومن هو ضد داخل الجالية، ويحاول كل منهم إثبات موقف أثناء زيارة الرئيس وحشد كل طاقاته، سواء للمعارضة أو للتأييد.
والإخوان خارج مصر يحاولون فى كل زيارة للرئيس أن يكونوا مصدرا للصداع بأى شكل من الأشكال مثل تنظيم الوقفات، ورفع اللافتات وبعض العبارات، وهنا يأتى دور الجاليات المصرية التى بدورها تقوم بوطنية شديدة بوقفات مضادة تحمل لافتات التأييد فى مظهر ومشهد كله صدق وبعفوية شديدة.
لن أنسى أننى رأيت فى زيارة الرئيس للأمم المتحدهة منذ عامين مصريين يبيتون فى الشارع، وقد أتوا من كندا وكل الولايات الأمريكية، انتظارا لوصول الرئيس إلى نيويورك.
كذلك فى زيارة الرئيس للندن توافد عدد كبير من الجاليات المصرية فى الدولة الأوروبية إلى العاصمة الإنجليزية، ومكثوا أياما وساعات أمام مقر إقامة الرئيس.
وكانت ظروف الطقس غير جيدة ومحاولات مستميتة من جانب الإخوان للاحتكاك بهم.
ولو أنك مواطن أمريكى أو أوروبى، فلا بد أن تشعر بأن هناك شيئا ما أثناء زيارة السيسى، لأن هناك شبه مباراة بين الطرفين، طرف أقل عددا يحاول جذب الأضواء باللون الأصفر المجمع إشارات رابعة وبمحاولات فردية للسب والشتائم واختلاق الأزمات، وطرف آخر هو الأكثر عددا ودائما حاملا لعلم مصر.
والبعض فى الداخل يسأل لماذا يذهب فنانون ومثقفون إلى هذه الدول أثناء زيارة الرئيس؟ عشان يقفوا فى الشارع!!
الحقيقة مع سطحية الوصف التى أرفضها، والتى يحاول البعض دائما ذكرها لتكسير الهمم، إلا أنك لا بد أن تعيش الحالة بنفسك حتى تحكم حكما صحيحا.
الحقيقة أن الجاليات المصرية تستأنس بوجود المثقفين والشخصيات العامة، وتسألهم وتفهم منهم وتستقوى بهم، وتحاول أن تقرب بهم أكثر إلى القضايا الوقتية التى تشغل بالهم عن وطنهم وأيضا يتباهون فى هذه البلاد أن لديهم مناسبة يحتفلون بها، وهى زيارة رئيسهم لإثبات أنهم عدد وقوة داخل هذه الدول.
وإذا أردت أن تتحدث عن المصريين فى الخارج أثناء زيارة الرئيس لأمريكا وأوروبا لا تستطيع إطلاقا أن تغفل أو لا تذكر بكل احترام أخونا من الأقباط والكنائس المصرية فى الخارج، سواء فى قدرتهم على التنظيم والحشد، وفى تطوع كثير منهم بالوقت والمجهود والمال لخدمة الجالية ولخدمة القضايا الوطنية.
ولو أخذنا مثالا هذه الأيام لزيارة الرئيس إلى نيويورك لإلقاء كلمة مصر أمام الأمم المتحدة، فإنك ستجد كل ما سبق فى هذا المقال متحققا فى هذه الزياره، الحشد المؤيد والحشد المعارض واعتداءات من الإخوان وإعلام مصر فى كل شوارع نيويورك وكل الدول جاليتها تقف أمام الأمم المتحدة لتحية قادتها ودائما ما تكون مصر أكبر الدول حشدا ومحاولات سخيفة ومستمرة من الإخوان للاحتكاك بالشخصيات العامة المصرية الموجودة فى نيويورك.
كل ذلك فى الشارع وهو تفاعل حتمى وله معادلاته، التى لا بد أن نتعامل معها كما هى فى ظل الحرية المطلقة الموجودة فى أمريكا.
لكن ما ينقصنا هو أن تكون هناك ندوات وفعاليات سياسية تواكب زيارات الرئيس للخارج.
لا بد أيضا أن يكون مرافقا للرئيس فى كل زياراته وبشكل رسمى عدد من رجال الأعمال الكبار لشرح مقومات الاستثمار فى مصر.
كذلك لا بد أن تصطحب الرئاسة على طائرة الرئيس عددا من كبار المثقفين كى يكونوا قريبين من اجتماعات الرئيس، ويرصدون ردود الأفعال، لا أتحدث عن صحفيين، فهؤلاء يعرفون عملهم تماما لكنى أتحدث عن شخصيات عامة راقية ومثقفة ومشهود لها بالعلم والكفاءة لا سيما هؤلاء الذين لهم خبرات فى الدول التى يزورها الرئيس.
ملف المصريين فى الخارج كبير ويحتاج إلى عدد كبير من المقالات لا سيما وقد أصبح لهم وزارة فى الحكومة كبادرة أولى من الدولة للاعتراف بحقوقهم.
تحية كبيرة لكل مصرى فى الخارج يعمل ويحب بلده وأهله ويحمل هموم وطنه على كتفيه.