قال الدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى: إن شهر ديسمبر الماضى شهد تطورات ضخمة بملف مشروع سد النهضة الإثيوبى، حيث تم عقد اجتماعين سداسيين بالخرطوم ضم وزراء المياه والخارجية بدول مصر والسودان وإثيوبيا بغرض توضيح المفاهيم ودفع المسار الفنى المعنى بإتمام الدراسات، التى أوصى بها تقرير اللجنة الدولية للخبراء حول التأثير المائى والبيئى لهذا المشروع على دولتى المصب "مصر والسودان".
وأشاد مغازى فى كلمته خلال افتتاح الاجتماع الأول للدورة السادسة والخمسين للهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل بالدور الذى يقوم به الجانب السودانى فى المفاوضات لتقريب وجهات النظر والوصول لمنفعة حقيقية للدول الثلاث، وحرصه على إتمام الدراسات بأسرع وقت ممكن وبجودة فنية عالية لتقدير حجم التأثيرات السلبية وكيفية التعامل معها حتى نحمى شعب وادى النيل فى مصر والسودان من أى أخطار محتملة قد يحاسبنا عليها التاريخ على عدم التعامل معها فى الوقت المناسب.
وشدد مغازى على أهمية اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى الخرطوم فى مارس 2015، والذى يعتبر المظلة التى تضمن الروح الإيجابية السائدة بين الدول الثلاث لحل مشكلة سد النهضة، مشيرا إلى أن مصر تعول على دعم قوى من جميع الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق يمكن أن يحقق الرفاهية لجميع دولنا لإعطاء مثال للعالم أجمع وأن المياه تعد حافزا للتعاون، وليست مصدرا للتوتر، ونحن بهذا نأمل وضع أرضية مشتركة لحقبة جديدة من التعاون بين الدول الثلاث يكون منها الخير للثلاثة دول، ويمكن أن يكون المشروع نواة للتعاون الاستراتيجى بين بلادنا، ويكون نموذجا يحتذى به فى الموضوعات المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود.
وفيما يخص العلاقة المائية الإقليمية مع دول حوض النيل الأخرى، أكد الوزير تمسك مصر بالتعاون الصادق مع دول المنبع لتحقيق أقصى استفادة من الموارد المائية المتاحة لمصلحة الجميع، وأنه يجب على دول المنبع أن تضع فى حسبانها الأخطار المتوقع حدوثها وتقبل إجراء الدراسات العلمية العادلة للمشروعات ذات التأثير العابر للحدود وتستمع إلى وجهات النظر المختلفة وتراعى المصالح المتبادلة حتى يبقى نهر النيل الخالد مصدر للتعاون.
ولفت إلى ان الاجتماعات الحالية لهيئة مياه النيل، تناقش اعتماد رؤية جديدة للهيئة خلال الفترة من عام 2016/2025 تشمل الجوانب الفنية والإنشائية والمؤسسية مثل تطوير العنصر البشرى ومحطات القياس ومبانى الهيئة ونظام معلوماتى لشبكة الرصد، موضحا أن ذلك يتم من خلال تطوير عمليات الرصد ومحطات القياس (عدد 5 محطات على النيل الأزرق والنيل الرئيسى بقيمة 1.1 مليون، إضافة لمعدات لقياس الفيضان ودراسة موقف الفيضان الحالى، وتفعيل مشروع الخط الملاحى.
وأضاف أن حكومة مصر والسودان تؤمن بدور الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل، للتباحث فى القضايا الفنية ذات الصلة بنهر النيل، ودفع سبل التعاون الصادق والبناء للوقوف لمواجهة الصعوبات والمعوقات فى إدارة مياه نهر النيل وفقا لاتفاقية 1959، والتى تقدم نموذجا كاملا ومثلاً رفيعا لما يمكن أن يصل إليه التعاون والإخاء وحسن الجوار بين دولتين يجمعهما تاريخ طويل وحضارة راسخة وأهداف ومستقبل مشترك .
وأضاف مغازى أن علاقات البلدين تتميز بإرث تاريخى وأواصر دم ومصاهرة فهى علاقة أزلية تربط بين شعبى وادى النيل فى مصر والسودان، وتبقى قضايا التنمية المشتركة هى التحدى التى تواجهه الحكومتين وهى قضايا متشابكة لا بد من النظر إليها من كل أبعادها وذلك لأنها تعكس الصلات بين شعبين وبين حكومتين وتدور حركتها فى إطار منظور إقليمى متعدد الجوانب فيه العربى وفيه الإفريقى، وفيه الصلة مع كتل استراتيجية تشمل هذا وذاك.
وأوضح الوزير أنه فى ظل التوجيهات السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس عمر البشير للسعى فى استمرار مشروعات التكامل بين البلدين على أسس سليمة وقوية ومستدامة يمكن من خلالها التوصل إلى أفضل النتائج تحقيقا لآمال الشعبين من الاكتفاء الذاتى من الإنتاج الزراعى والحيوانى فى إطار ما تملكه الدولتين من مقومات طبيعية وبشرية، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على تمديد استغلال الأرض المخصصة لشركة التكامل لمدة 30 عاما أخرى وذلك بمساحة 100 ألف فدان بمنطقة الدمازين شرق السودان.
وأضاف مغازى أن وزارة الموارد المائية والرى قامت بإيفاد أكثر من بعثة فنية إلى عدد من الولايات بالسودان للتباحث مع أشقائهم السودانيين حول سبل تنفيذ المشروعات فى أسرع وقت ممكن، مع التخطيط لزيادة المساحة المخصصة لمشروعات التكامل لمليون فدان وتوفير الموارد المالية
وشدد مغازى على أن التحديات التنموية بكل تعقيداتها يجب ان تأخذ فى الاعتبار تغير العناصر المحيطة بمواردنا الطبيعية لاسيما التغيرات المناخية، والتى يتوقع العلماء أن تؤثر بشكل مباشر على الموارد المائية والإنتاج الغذائى فى مختلف أقاليم العالم، وللأهمية التى توليها مصر فقد شاركت بفاعليها فى الدورة الحادية والعشرون لمؤتمر تغيرات المناخ لدول الأطراف بباريس خلال ديسمبر الماضى، وترأس خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة لجنة الرؤساء الأفارقة لمواجهة التغيرات المناخية، واستعرض الرئيس خلال المؤتمر كيفية التوصل إلى اتفاق ملزم حول تغير المناخ يتسم بالموضوعية، ويراعى حقوق كل الأطراف، ويقوم على مبدأ المسئولية المشتركة وتباين الأعباء بين الدول المتقدمة والنامية فى التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف معها، أخذًا فى الاعتبار أن إفريقيا هى القارة الأقل تسببًا فى الانبعاثات الحرارية، والأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ.
ومن جانبه أكد الدكتور سيف الدين حمد، رئيس الوفد السودانى فى اجتماعات الهيئة الفنية المصرية السودانية أن الهيئة انتهت من وضع رؤية استراتيجية لأنشطة الهيئة حتى عام 2025، لتحقيق الأمن المائى والغذائى لكلا البلدين من إنشاء الهيئة عام 1959، لافتا إلى أنه سيتم عرضها على الوزيرين لإقرارها والعمل بها.
وأضاف حمد فى كلمته خلال افتتاح أعمال اجتماعات الهيئة الفنية المصرية السودانية - أن التعاون مع دول حوض النيل يمثل حجر الزاوية فى أنشطة الهيئة، وتنفيذ المشروعات المشتركة بين البلدين وتقليل الفواقد من مياه النيل، علاوة على تحديث شبكة المعلومات المتعلقة بمتابعة فيضان النيل وتأهيل محطات الرصد والقياس للمناسيب على طول مجرى النيل الرئيسى فى إشارة منه إلى وجود 5 محطات رصد جديدة ستدخل الخدمة للتنبؤ بالفيضان باستخدام أحدث التقنيات اللازمة لتوسع الشركة المصرية السودانية للإنشاءات والرى فى شراء معدات حفر الآبار والبنية التحتية اللازمة للمشروعات، ووضع اللمسات النهائية لمذكرة التفاهم الخاصة بمشروعات التكامل الزراعى بين الدولتين.
وأكد الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى فى تصريحات صحفية عقب الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل بالقاهرة اليوم أن الجانب المصرى سيقوم بإعداد دراسة فنية "جديدة" حول تصميم السد، وذلك لتحديد الموقف النهائى الفنى المصرى لعدد الفتحات المطلوبة تعمل كطوارئ لضمان استمرار تدفق مياه نهر النيل لدولتى المصب، وذلك بناء على المعلومات الجديده التى قدمها الاستشارى الإيطالى لمشروع السد الإثيوبى خلال اجتماع الخبراء الفنيين بالدول الثلاث لمناقشة الاقتراح المصرى بزيادة الفتحات إلى أربعة، مشيرا إلى أنه سيتم رفع نتائج هذه الدراسة فى التقرير الذى سيقدم إلى الاجتماع السداسى لوزراء الخارجية والرى القادم .
وأوضح مغازى أن القرار الخاص بهذه الفتحات الإضافية بالسد بعد رفض الجانب الإثيوبى ليس "نهائيا" لأنه لابد أن يؤخذ على مستوى الوزراء الستة، خاصة وأنه يمكن أن يطلب الوزراء الستة مثلا من المكتب الاستشارى المكلف بدرسات السد أن يضعها فى الاعتبار وهو الأمر الذى يجب تركة للوزارء لاتخاذ القرارات المناسبة حوله .
وأشار مغازى إلى أن القرار حاليا فيما يتعلق بالمفاوضات بشأن سد النهضة ليس فى يد وزراء الرى أو الفنيين وإنما هو قرار سداسى سياسى لوزراء الخارجية والرى معا لاتخاذ القرارات المناسبة، وأن أى مناقشات أو اجتماعات فنية ترفع نتائجها للوزراء الست هم أصحاب القرار الأخير وليس للفنيين.