يسأل بعضهم بجهل أو بخبث عن أهمية قضية اللاجئين، لماذا تشغل اهتمام العالم ولماذا تشغل اهتمام مصر، كما ظهر فى خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى بالأمم المتحدة.
اللافت للنظر أن الخبثاء الذين لايريدون حديثًا عن اللاجئين هم ينتمون لمعسكرات الإسلامى السياسى التى تسعى طوال الوقت لاستغلال اللاجئين كورقة ضغط أو جماعات دعم لمصالحها وأفكارها فى دول مختلفة مقابل دعم مالى لهؤلاء اللاجئين، الإخوان وأنصار تيار الإسلام السياسى المتطرف هم تجار، يتاجرون بكل شىء، فكما تاجروا بالدين هم يتاجرون الآن باللاجئين، ومصر لا تريد ذلك، ومصر لا تحب أبدا أنها تشاهد أبناء البلدان العربية وهم محل تجارة أو استغلال من قبل الإخوان ومن معهم، تارة يستخدمونهم فى الحشد وتارة يستخدمونهم فى جمع الأموال، وتارة أخرى يستخدمونهم لتحسين صورة أردوغان.
شغلت قضية اللاجئين السوريين بأوروبا والدول الغربية طوال الفترة الماضية بال الكثيرين، خاصة بعد تكرار حوادث غرق بعضهم فى البحار أثناء الهجرة، أو الموت على الحدود، وبدا الأمر وكأن أوروبا تكتشف المأساة لأول مرة، وبدأت الصور والقرارات باستقبال اللاجئين، الذين تم نشر صورهم، ولا تزال أوروبا كدول مختلفة حول القضية، وقامت المستشارة الألمانية، ميريكل، بجهد لدفع أوروبا لاستقبال عدة آلاف من اللاجئين، يواجهون مشكلة كراهية الأجانب، لكن الموضوع فى مصر كان مختلفا فقد استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين خلال السنوات العشر الماضية مليونين على الأقل من العراق عاد بعضهم ولا يزال البعض موجودا، ومئات الآلاف من السودان وإريتريا وإثيوبيا، أما السوريون فلم تتوقف مصر عن استقبالهم طوال السنوات الماضية، وتم استقبالهم كأشقاء لنا معهم تاريخ، ولهذا فإن مصر من الدول التى لا تعزل اللاجئين، وإنما تستقبلهم كمواطنين يعيشون مع أهلها من دون معسكرات أو مخيمات، بالرغم من وجود محاذير أمنية.
هناك بين 500 و600 ألف سورى من بين مليون تقريبا دخلوا وخرجوا، وهؤلاء يقيمون بين المواطنين، ولهم حرية الحركة والعمل، بل إنهم يحظون بتعاطف أخوى من أشقائهم المصريين، ولهذا كانت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، مشاركته فى أعمال الأمم المتحدة، أن مصر لا تتاجر بالقضية، واقعية ومؤثرة، خاصة أنه شرح جهود مصر فى مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وحرص الرئيس بالطبع على تناول قضية اللاجئين بوصفها نتيجة لتداعيات السياسة الدولية والإقليمية، وعدم الانتباه إلى المخططات، التى ترمى لتقسيم الدول، وإعادة تشكيل المنطقة<. وهو أمر لم ينتبه له من أسهموا بوعى أو بدون فى مآسى بلادهم، حيث إن التغيير يجب أن يتم بأيادى المواطنين والشعب وليس بخطط وسلاح وحروب أهلية. الرئيس كان يعبر عن وعى الأغلبية فى مصر، التى تثق به، وتتفق مع هذه الوجهة، إننا لا يفترض أن نتاجر بقضية اللاجئين، وأن نواجه مشكلاتنا بأنفسنا، ومن دون استماع لوسوسات خارجية.