يكاد يكون الفنان عبدالعزيز مكيوى بطل فيلم "القاهرة 30" هو خير مثال لغدر الفن والزمن ونسيان زملائه الفنانين الذين لم يحاولوا مساعدته باستثناء النقيب أشرف زكى الذى حاول منذ فترة تجاوزت الخمس سنوات أن يؤهله للحياة الكريمة ووفر له مسكنا ولكنه رفض مساعداته وعاد للشوارع مرة أخرى متخذاً الأرض سريراً والحذاء وسادة والهواء الطلق غطاء، ينتظر الشفقة والإحسان، حيث يعيش على الرصيف بجوار إحدى المقاهى الشعبية فى حى المنشية بمدينة الإسكندرية بعدما كان منذ بداية ظهوره فى فليم "لا تطفئ الشمس" عام 1961 أحمد أهم نجوم السينما الذين ينتظرهم الجمهور وظل فى صعود لسلم النجومية فقدم فيلم "لاوقت للحب" عام 1963 ثم الفيلم الشهير الذى حقق له شهرة أكبر " القاهرة 30" ومن أبرز أعماله التلفزيونية دور الأستاذ رؤوف فى خُماسية "الساقية" للكاتب الكبير الراحل سعد الدين وهبة.
عبدالعزيز مكيوى لم يكن فنانا عاديا ولكنه كان أحد أهم فنانى مصر ثقافة وفكرا ويبدو أن كرامته وصفاته الطيبة كخجله وتعامله مع الحياة ببساطة وعدم انغماسه فى الشللية الفنية التى كانت ومازالت تسيطر على الوسط الفنى قد أثرت على نفسيته بعدما تناساه المخرجون والمنتجون عن عمد وظل بلا عمل لفترات زمنية كبيرة الامر أدى به أن يصاب بهلاوس وزهايمر وفقد إحساسه بالزمن حتى قدم عام 2003 مسلسل "أوراق مصرية" مع سماح أنور ووائل نور ونبيل الحلفاوى وبعدها لم يلتفت إليه أحد أيضا فظل بلا عمل ومع تراكم الاكتئاب وبعض الأمراض النفسية التى جعلته يسير فى الشوارع ويأكل من القمامة.
عبد العزيز مكيوى ضحية مهنة ليس لها تأمين على حياة العاملين بها وليس لها مقاييس للعمل فالشللية والمحسوبية والعلاقات أهم خصائصها ومن لا يمتلك هذه الصفات عليه أن يجلس فى منزله وهذا ما حدث مع الموهبة والفنان المثقف عبدالعزيز مكيوى الذى يعد أحد النجوم الكبار فى عصره والحاصل على بكالوريوس الفنون المسرحية عام 1954 وعضوا بنقابة المهن التمثيلية.
لم يتخيل عبد العزيز مكيوى، الفنان المثقف الذى يتحدث اللغة الإنجليزية والفرنسية والروسية بطلاقة، أن يجد نفسه مهملاً يعيش فى الشارع بعد أن تركه أهله ومعارفه وأصدقاؤه، يفترش الأرض ويعيش حياة المشردين فى الشوارع ورفض كثيراً أن يمد يده ويطلب العون من أحد، إلا بعد أن تعرض لحادث سيارة وأصيب فى ساقه بكسر لم يشفَ منه بشكل كامل وجعله يجلس قبل وفاته على كرسى متحرك.