الأمن يبدأ الخطوات الأولى لـ"تجفيف ينابيع" الجماعة الإرهابية..مقتل صاحب كتاب "ابجديات العمل المقاوم" ضربة قاصمة للتنظيم المسلح..متهم بإغتيال هشام بركات..ومؤسس منهج قطعان الذئاب المتفردة

لم يكن يتخيل يوماَ أن تتمكن الأجهزة الأمنية من مقتله نتيجة اطلاقه الأعيرة النارية على الأمن، وذلك بعد الإفراج عنه بتاريخ 1 سبتمبر 2013 حيث القى القبض عليه على يد قوات الأمن بأسيوط..إنه القيادى الإخوانى محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد المجمد عضويته، والعقل المدبر لجماعة الإخوان الإرهابية خلال الـ3 أعوام السابقة .

الإفراج عن محمد كمال عقب القبض عليه هو ورفيق دربه محمود حسين، كان يوم شؤم لقوات أمن أسيوط، ما وصفه عدد من رجال الأمن وقتئذ بـ"الغباء الأمنى"، إذ يعد محمد كمال هو المسئول الأول والأخير خلال الأعوام المنصرمة عن كل أعمال العنف والمظاهرات والدم، فضلاَ عن كونه المؤسس الرئيسى للجان النوعية للإخوان .

محافظة أسيوط أحد أهم المحافظات التى يرتكز عليها معظم الحركات والجماعات الإرهابية، بإعتبارها الأكثر خصوبة فى إنشأ وتكوين الحركات المسلحة، لذلك نشأ محمد كمال بالمحافظة سالفة البيان، فى أسرة متشددة اطلقت عليه اسم "محمد محمد محمد" كمال الدين.

ولد القيادى الإخوانى كما ذكرنا بمحافظة أسيوط وشهرته "محمد كمال الدين"، حيث بدأ حياته طالبًا في كلية الطب جامعة أسيوط، وعاصر في السبعينيات عودة جماعة الإخوان، ونشأة الجماعة الدينية، ثم تحولها لأن تكون الجماعة الإسلامية، وفى هذه الفترة كان متفوقًا دراسيًا وتم تعيينه معيدًا بقسم الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب بجامعة أسيوط عام ١٩٨٤، ثم مدرسًا عام ١٩٩٢، وترقى لدرجة أستاذ مساعد بقسم الأذن والأنف والحنجرة عام ١٩٩٧، وتم منحه درجة الأستاذية بنفس القسم والتخصص عام ٢٠٠٢، ليتولى رئاسة القسم في أول سبتمبر من عام ٢٠١١.

الواقع والحقيقة يؤكدان أن أحد أهم الأمور التى ساهمت في صناعة ظاهرة محمد كمال، هو أنه كان قطبى الهوى والقلب والفؤاد، حيث كانت فترتا الثمانينيات والتسعينيات تطبيقًا عمليًا لسيطرة تنظيم العشرات "الذين حصلوا على ١٠ أعوام في عهد ناصر"، وتوغل السلفية داخل جماعة الإخوان وسيطرتها على لجنة التربية، لذا فإن محمود عزت الوالد الحقيقى للقطبيين والرجل القوى في التنظيم، هو من رشح كمال لأن يكون صاحب دور قيادى.

القيادى الإخوانى محمد حبيب "من أسيوط"، كان يشغل فى اواخر عهد مبارك منصب نائب رئيس مكتب الإرشاد، ومحمود حسين "من أسيوط" رئيس المكتب الإدارى لأسيوط، والمشرف على شمال الصعيد، وقرر باقى القطبيين ضرب حبيب والقضاء عليه بتلميذهم محمد كمال، وكان حسين قد أصبح أمينًا عامًا للجماعة، فتم تنصيب كمال رئيسًا للمكتب الإدارى لأسيوط، إلا أنه بعد فترة وجيزة اختلف هو وأستاذه محمود حسين، ولعل هذا السبب كان من أهم أسباب خلافه مع الفريق الآخر فيما بعد، وما يفسر كيف أن محمد كمال كان أول قرار أخذه بعدما سيطر على الجماعة هو إقالة محمود حسين من منصبه كأمين عام للجماعة، وكان القرار الوحيد الذي تم تنفيذه بالفعل في الثلاث سنوات الأخيرة، حتى ظهر محمود عزت وأعاد محمود حسين للواجهة مرة أخرى.

تمكن محمد كمال من استغلال منصبه في أسيوط في تجنيد العشرات من أعضاء الجماعة كموالين له، وحينما تمت ترقيته فيما بعد كعضو بمكتب الإرشاد، ومشرف على شمال الصعيد، عمل على نفس الأمر جيدًا، فهادن البعض وقرب آخرين منه، وعرض على بعضهم العمل في الشركات المملوكة للإخوان.

فى هذة الأثناء، قامت ثورة 25 يناير وأدار المجلس العسكري أمور الدولة، حتى أجريت انتخابات الرئاسة، وصوت كمال على دخول الجماعة السباق الرئاسى، ووصل مرسي للحكم فعلًا، وجرى ما جرى، وتم القبض على محمد كمال، ومحمود حسين معًا، كان ذلك في ١ سبتمبر ٢٠١٣ على يد قوات الأمن بأسيوط، لكن سرعان ما تم الإفراج عنهما.

محمد كمال داخل مصر إلا أن محمود حسين فر الى تركيا، وبعد القبض على أربعة من أعضاء مكتب الإرشاد، أصبح محمد كمال هو القائد الفعلى لجماعة الإخوان بالداخل، حيث طرح محمد كمال مبادرة وقام بتنفيذها، وهى اختيار سبعة أفراد ممثلين عن كل قطاع، لهم كامل الصلاحيات، وإرجاع إدارة الجماعة والحرس القديم خطوة للخلف، وبدأ يتجه بالجماعة إلى ما يسمى تشكيل الخلايا النوعية، وأوضحت اللجنة الشرعية فيما بعد خطوات التنظيم في إنهاك الدولة، أو إفشالها، إما للوصول للسلطة مرة أخرى، أو الجلوس على مائدة المفاوضات وجهًا لوجه، وهى مرحلة الإعداد، ثم الوصول للتوازن، ثم المرحلة الأخيرة، وهى الحسم.

كما طرح كتاب "أبجديات العمل المقاوم"، الذي نشرته الصفحات الإخوانية وأحتفظ بنسخة منه، وفيه خطوات وطريقة وتشكيل الخلايا النوعية، التي ليست من الضرورة أن تعمل بشكل مباشر مع التنظيم، إلا أنها تدور في فلكه، وتنفذ أوامره بما يشبه قطعان الذئاب المتفردة المتوحشة، فشهدت مصر في هذه الآونة حركات مثل "ولع" و"مولوتوف" و"حسم" كما شهدت مجموعات أكثر حرفية مثل "العقاب الثورى" ومجموعات أخرى أكثر عنفًا مثل "المقاومة الشعبية" التي كان أول بيان لها قد نشره الموقع الرسمى لجماعة الإخوان.

الحقيقة أن كمال كان يدعم كل تلك المجموعات، سواء ماليًا عبر رجاله "خلية حلوان تم تمويلها بالكامل من قبل أحد قيادات الإخوان تم القبض عليه واعترف تفصيليًا بذلك"، أو دعائيًا عبر اللجان الإلكترونية للجماعة، كما أن الجماعات الأخرى مثل أنصار بيت المقدس، أو أجناد مصر، كانت تدور في نفس الفلك، إلا أنها منفصلة هيكليًا وتنظيميًا وأيديولوجيًا بالكامل عن الجماعة، رغم أنها تحقق ذات الأهداف.

وعقب القبض على محمود غزلان وعبدالرحمن البر، قال الأول في تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا بالحرف: إن محمد كمال هو عبدالرحمن السندى الجديد "كان رئيس الجناح العسكري للجماعة أيام البنا، وكان متشددًا للغاية، وهو من خطط لقتل النقراشى باشا، واغتال زميله السيد فايز بقنبلة في علبة حلاوة المولد لأنه تولى مكانه".

الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، وتولى الإخوان وتبنى أسلوب داعش، وفى المقابل كانت الدولة تتماسك رويدًا رويدًا، حتى أمسكت العصا من جديد وبدأت تضرب بها على رأس التنظيم، وكلما ضربت ضربة سقطت مجموعة أو أكثر، حتى سيناء التي كانت تراهن عليها الجماعة أنها ستشغل الدولة، وتتوسع التنظيمات منها جغرافيًا إلى الداخل.

فى تلك الأثناء، خرج عزت من المخبأ الذي اختفى فيه، ورأى أن العودة للقيادات التاريخية من جديد هي الأفضل، والحفاظ على التنظيم هو الأولى، وأطلق محمود عزت بيانًا من تركيا يعلن فيه استنكار الجماعة للعنف، وأنه ما يزال الأمين العام للجماعة، وأن عزت هو القائم بالأعمال، وكان هؤلاء يمسكون بعصب الجماعة وهو المال، فيما كمال يمسك بإعلام الجماعة، وأغلب المكاتب الإدارية للتنظيم، ألا أن البعض حاول الإصلاح بين الفريقين، وتولى ذلك محمد طه وهدان، إلا أنه تم القبض عليه، ما جعل الأزمة تتفاعل بشكل أكبر.

فى سياق هذة الأحداث، تم الإتفاق على إجراء انتخابات جديدة، وجرى الإجتماع في أحد البيوت بالتجمع الخامس، وأجريت بالفعل، فأصبح فيها محمد عبد الرحمن المرسي هو أمين عام للجماعة، كان الرجل مقربًا من محمود عزت، فاستمرت الأزمة كما هين وبعدها تم تشكيل لجنة أخرى مكونة من الكبار الذين تم انتخابهم، وممثل عن الشباب، لهم كل الصلاحيات في حل الأزمة، لكنهم فشلوا.

دخل على خط الأزمة التنظيم الدولى، وقيادات بالخارج - مثل يوسف ندا وإبراهيم منير - وأيدوا عزت، وكان الحل صعبًا، لأن الخلاف حول الإستراتيجية، وهى المواجهة بالمجموعات النوعية، محمد كمال، أو مواجهة من خلال فعاليات مثل المظاهرات والتحركات الدولية، محمود عزت .

استمرت الأوضاع على هذا الوضع حتى جاءت لحظة الحسم وهى القبض على محمد كمال وحارسه الشخصى ياسر شحاته بمنطقة البساتين، إلا أنه أثناء القبض عليهما أطلاقا الأعيرة النارية على قوات الأمن، ما اضطر الأمن الى تبادل اطلاق النار معهما، وذلك عقب ورود تقارير امنية تفيد ضلوع محمد كمال بإغتيال النائب العام هشام بركات والعقدي وائل طاحون ومحاولة اغتيال كل من الدكتور على جمعه، مفتى الديار المصرية السابق، والمستشار زكريا عبد العزيز النائب لعام المساعد.
لقى محمد كمال وحارسه الشخصى مصرعهما على يد قوات الأمن، لتكون تلك المرحلة هى أهم مراحل "تجفيف الينابيع" بالنسبة لقيادات الجماعة على يد قوات الأمن .







الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;