لم يكن القرار الذى أصدره الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة ، يوم الثلاثاء الماضى، بإلغاء خانة الديانة فى كافة الشهادات والمستندات والأوراق التى تصدرها أو تتعامل بها جامعة القاهرة، مع طلابها أو العاملين بها أو أعضاء هيئة التدريس أو الهيئة المعاونة أو الغير على أى وجه كان، وفى جميع الكليات والمعاهد والمراكز سواء للمرحلة الجامعية الأولى أو الدراسات العليا، مجرد قرار إدارى عادى، وإنما يستحق عن جدارة واستحقاق أن يوصف بـ"التاريخى"، لأنه فى مصاف القرارت التى ترجمة كلمة المواطنة فعليا، بالإضافة إلى أنه تطبيق لدستور 2014 الذى شارك جابر نصار، فى إعداده.
وعلى الرغم من سلسلة القرارات الإصلاحية لرئيس جامعة القاهرة، التى ساهمت فى استرداد الجامعة من طيور الظلام، وفى مقدمتها بالطبع حظر النقاب داخل المدرجات، واستقطاب رموز الفن والموسيقى والاقتصاد والسياسة والأدب لمشاركة الطلاب فى الموسم الثقافى للجامعة، إلا أن هذه الإصلاحات ونتائجها وما ترتب عليها من هالة نقلت جابر نصار، من خانة "موظف على درجة" لـ"رجل دولة" لم تلق تشجيعا أو قبولا على أقل تقدير، لدى الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى المسؤل الأول عن الجامعات فى مصر، الذى انتهز انعقاد جلسة المجلس الأعلى للجامعات الخميس الماضى فى الفيوم، ليكشف عن وجه آخر، فبدلا من أن يطالب الشيحى، بتعميم تجربة جابر نصار، فى الجامعات المصرية، أو يشير إلى أنه يجرى دراستة، خرج الرجل فى تصريحات صحفية، عقب اجتماع مغلق غادره نصار، غاضبا، وأهال على قرار الغاء خانة الديانة التراب قائلا : "الكلام ده بيعمل فتنة.. وعيب نتكلم فيه"، وأنه أى الشيحى لا يرى أن موضوع إلغاء خانة الديانة خبراً صحفياً يستحق من وجهة نظره هذه الضجة ، هكذا يرى الوزير، الذى أصبح تقريبا يخشى صعود نجم الدكتور جابر نصار ، الذى حظى قراره بـ إشادة واسعة النطاق على ليس على مستوى الداخل، وإنما على المستوى الدولى أيضا.
الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى، تقريبا ذهب إلى الفيوم، فى رأسه شىء واحد فقط، هو كيف أخطف الأضواء من نصار، الذى تم استفزازه داخل الاجتماع الخاص باختيار القيادات الجامعية، ليغادر الاجتماع غاضبا قبل نهايته، وعلى الرغم من الأسئلة الملحة من مندوبى والصحف ووسائل الإعلام لنصار، عن سبب مغادرته مبكرا، إلا أن الرجل لم يكشف عن السبب الحقيقى، برر ذلك بالقول: "إن لديه مواعيد وارتباطات هامة فى القاهرة، وربما جاءت مغادرة نصار الفيوم عن عمد أو فعلا هناك ارتباطات تتطلب عودته للقاهرة، ولكن كان الأجدر بوزير التعاليم العالى، ألا يستغل غياب نصار، ويوجه لقراره سهام النقد بشكل علنى، وعلى الملأ فيما يتعلق بقرار إلغاء الديانة من أوراق جامعة القاهرة قائلا: الموضوع لا يتعلق بشخص الدكتور جابر نصار، لأنه زميل وله كل الإحترام، ولكن التعليق على جدوى القرار نفسه، إحنا معندناش تفرقة بين الطلاب، و"مفيش مسلم ومسيحى"، وفى هذه النقطة تحديدا يعلم الوزير تمام العلم أن هناك العديد من الوزارات والهيئات لا تخلوا أوراقها من خانة الديانة، على سبيل المثال لا الحصر السجل المدنى، وشهادات الميلاد، وغيرها من الوثائق الحكومية التى تفرق بين أبناء الوطن بسبب خانة الديانة.
ربما هناك من همس فى أذن الوزير محذرا، من تزايد شعبية جابر نصار، الأمر الذى قد يمثل خطرا فى أى تعديل وزارى مرتقب، أو شعر الوزير فى قرارة نفسه ببعض الغضب، إذ لم يعرض عليه نصار القرار، قبل الإعلان عنه، ولكن المؤكد أن ردود الأفعال الإيجابية حول قرار نصار الأخير بشأن إلغاء خانة الديانة تجاوزت الوزير، للدرجة التى وصفت فيها بعض وسائل الإعلام الغربية قرار رئيس جامعة القاهرة بأن مصر على الطريق الصحيح، أما على المستوى المحلى فيكفى الوزير الإطلاع على قرار نقابة المهندسين، التى قررت أمس الجمعة، أن تطبق تجربة جابر نصار، فى إلغاء خانة الديانة من كافة تعاملاتها وأراقها، وفى مقدمتها شهادة "استشارى" التى تحتوى على تلك الخانة، وربما تتسع دوائر قرار نصار لتشمل كافة مؤسسات الدولة، وفى هذه الحالة من المؤكد أن انطباعات وزير التعليم العالى الدكتور أشرف الشيحى، عن رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، وقراراته الجرئية سوف تتوقف عند كونه زميل وإنما سيكون هناك قول آخر الإجابة عنه تتطلب مشاهدة فيلم حسن ومرقص "هو الدين بيقول إيه؟".