نقلا عن اليومى..
كل ما يدور فى بلدنا فى مجالات التنمية أمور كلها جيدة نتفق جميعا على حجم وسرعة الإنجازات التى تمت، فهذا الأداء يتم بشكل أعتقد أنه لم يسبق طوال عشرات سنوات سابقة، لكن قد نختلف فى ترتيب الأولويات.
ناس تتحدث عن التنمية طويلة المدى، وآخرون يتحدثون عن حلول جذرية وغيرهم عن حلول تشبه المسكنات إلى آخره.
ولو تخيلت أن الدولة مثل الأسرة، وأن رئيسها مسؤول عن كل مواطنيها باعتبارهم أبناءه، وأنه لديه كل إمكانيات الدولة كى يسخرها لخدمة حياة أبنائه، هنا ومن البديهى جدا والمنطقى هو أن يبدأ رب الأسرة فى الحفاظ على أرواح أبنائه، وهو الشىء الأول والأساسى لأى رب أسرة، ولا يتمثل هذا الأمر فى توفير الأمن اللازم للحفاظ على حياتهم بل أيضا فى توفير العلاج والمستشفيات التى تضمن سلامتهم. من منا يستطيع أن يبنى ويعمل أو حتى يركز فى عمله لو ابنه مريض، أو أن علاجه صعب، أو أن حالته حرجة، هذه هى اللحظة التى تصاب فيها الأسرة بالجمود ويصبح توظيف كل الإمكانيات فى علاج هذا الابن المريض.
طبعا ليس من المنطقى أن نناقش أهمية الرعاية الصحية فى أى مجتمع وإحنا فى القرن الحالى، لكن أردت أن أبسط الأمر للقارئ كى يقيسه على أبنائه، فالصورة لا تختلف كثيرا قياسا على الدولة.
طيب ولو قدرت تحقق المستشفيات والعلاج وشايف ابنك جاهل ومش متعلم هاتسيبه على جهله؟ بالتأكيد متقدرش لأنه ممكن يدمر الأسرة كلها بسبب هذا الجهل، ممكن وهو قاعد فى البيت يهده على دماغ اللى فيه، بالإهمال ونقص التعليم، والجهل، وبالتالى تروح الأسرة كلها.
وكمان ولأنه جاهل فأنت مش ممكن تخليه مسؤول عن أى من إخواته أو حتى مسؤول على ما تملكه الأسرة لأن أى حاجة ممكن تضيع من تحت إيده بسبب الجهل.
ونفس الأمر بالنسبة للدولة، فالجهل والإهمال ممكن يكونوا سببا فى حادثة قطار تودى بحياة كثيرين، وتؤدى إلى استقالة الحكومة بأكملها، وممكن غلطة أمين شرطة تتسبب فى إحراج لنظام سياسى بأكمله، وممكن دراسة خاطئة تؤدى إلى إهدار أموال الدولة وتذهب بأصحابها إلى السجون.
وشوفنا خلال السنوات القليلة الماضية إن فى شباب سبناهم للجهل ولدعاة الشر فاستطاعوا أنهم يسخروهم لقتل إخوانهم من المصريين.
فأنت لو علمت ابنك لحد ما يبقى نائب عام تفخر بيه قدام الدنيا ممكن واحد تانى جاهل والشر ماليه ومالى عقله يغتاله فى عز الضهر وهو فى طريق عمله، وده اللى إحنا شفناه، وده مصرى من خيرة أبنائها، والتانى مصرى اتربى جواه الشر ومقدرناش لا نعلمه ولا نقومه، والمصيبة ولا نمنعه من القيام بجريمته، وفى النهاية إحنا كمجتمع اللى خسرنا ومازلنا بنخسر.
خللى بقى وسط المرض والجهل ده جه واحد وقالك
سلام عليكم
وعليكم السلام
إيه رأيك إحنا نروح ناخد حتة أرض ونستصلحها ونعمل فيها آبار مياه ونوصلها طرق ونبنى فيها بيوت ونجيب الفلاحين من بيوتهم نقعدهم فى البيوت دى ونخليهم يزرعوا فى الأرض دى؟
طب نعمل كده ليه؟! عشان لما نهيئ الأرض للزراعة، ونوصل لها الميه والطرق ونلاقى اللى يزرعها، وبعدين ينجح فى إنه يزرعها والزرع يطلع، قوم نبيع الزرع يجيب فلوس نصرف بيها على العيال؟
أنهى عيال؟ العيال العيانة واللى عاوزه تتعلم؟
طب افرض حد منهم مات من المرض دلوقتى، أو بسبب الجهل عملك كارثة وأنت يا دوبك بتبتدى فى الأرض اللى أنت عاوز تعملهالهم؟ وافرض إنك أخدت من فلوس العيال عشان تمد الطرق بتاعة المشروع، وتحفر آبار المياه، وأنت ماشى حد منهم احتاج عملية هاتجيب فلوس منين؟ ثم هما الفلاحين دلوقتى اللى أرضهم مزروعة من زمان بيعرفوا يبيعوا الزرع بتاعهم؟
إيه التشاؤم ده!! ياعم خليك متفائل، وليه ما تقولش إن لما الزرع يطلع ويتباع هاوديهم أحسن مستشفى يتعالجوا وهادخلهم مدارس بالشىء الفلانى؟
أنا بس خايف إن العيال لاقدر الله يجرى لهم حاجة من شدة المرض وإنهم نتيجة الجهل يبوظوا إخواتهم ويخربوا عليهم حياتهم.
أنا مابقولش ما نعملش لبكرة، بس عاوزين نشوف بكرة كلنا مش أكون النهاردة أنا وولادى الاتنين وتقولى بكرة هانقعد فى العزبة المليون فدان أنا وأنت وواحد منهم والتانى يكون قابل وجه رب كريم.
الله الغنى، ساعتها ولا مليون عزبة بمليون فدان هاتخلينى أنسى ابنى اللى مات لأنه ما لقاش العلاج، والتانى اللى عمل جريمة موت فيها ناس أبرياء لأنه جاهل ما تعلمش ومات معاهم.
خللى بالك ابنك عيان ولو فضل بجهله هايضيع تعبك، خلينا نروح لبكرة بكل ولادنا أصحاء متعلمين وإلا ولا حاجة من اللى بنعملها دلوقتى هاتنفع وساعتها هانقول ياريت اللى جرى مكان.
انا مش بقول كده عشان أثبت إن اللى حصل كان غلط، لأ أنا بقول كده عشان كفاية مشروعات آثارها تظهر بعد سنوات طويلة فى الوقت اللى لسه المستشفيات زى ما هى والمدارس زى ماهى.
وللأمانة ده أول نظام سياسى يحكم البلد يفكر لبعد سنين حكمه ويعمل مشاريع آثارها تبان بعد سنوات طويلة.
ومع ذلك ولأننا بدينا مشروع المليون ونصف المليون فدان فلازم نكمل لأنه خلاص حصل، لكن أتمنى أن يكون المشروع المقبل هو علاج بجد، مستشفيات بجد، مش فى القاهرة والجيزة، لأ فى كل قرية فى الدلتا، وفى كل نجع فى الصعيد عاوزين الناس تتعالج بجد، وباحترام، وبإنسانية.. الفقير والغنى على نفس السرير فى نفس المستشفى اللى بتتعامل معاهم على إنهم بنى أدميين.
ويكون المشروع اللى بعده مدرسة حقيقية بتعلم، بيخرج منها ولادنا فاهمين مش نايمين فيها.. مدرس بيحب مهنته وصالح لهذه الرسالة فى فصل آدمى يصلح لتلقى العلم، ومناهج متطورة تبعدهم عن الفكر المظلم وتخلق منهم دعاة سلام مش دعاة قتل وانتقام.
أنا عارف إن الحمل تقيل، الله يكون فى العون، بس الضنا غالى، وأنا صحة ولادى وتعليمهم هما أهم حاجة عندى وعشان تحيا مصر لازم يعيش أبناؤها فى صحة ونور وعلم، عشان يقدروا يشيلوا حمل بلادهم ويحققوا أحلامها.