ـ الشبكة الأمريكية تكشف: 50 ألف سجين نظموا احتجاجات فى 9 سبتمبر الماضى.. والسلطات الأمريكية تنفى
"أشهد أننا لسنا فى أمريكا.. هذه ليست بلادنا، هذه الصين أو كوبا"، بهذه الكلمات تحدث السجين الأمريكى هارلود ساسا إلى شبكة "سى إن إن"، عبر هاتف تم تهريبه داخل السجن، مشيرا إلى أن التعذيب داخل السجون الأمريكية اجتاز كافة الحدود، وأن الإدارة الأمريكية الحالية لا تفيد المساجين، ولا تفيد المواطنين فى الداخل أو الخارج.
وكشف "ساسا" فى حوار ضمن سلسلة من الروايات نشرتها شبكة "سى إن إن" فى تحقيق مطول عن التعذيب، أنه مسجون منذ 2009، وقضى عامين من السنوات السبع الماضية فى الحبس الانفرادى، وتعرض لمعاملة غير آدمية.
وأضاف "ساسا" الذى استخدم اسما مستعارا خوفا من بطش حراس السجن فى ولاية كارولينا الجنوبية: "فى فترة الحبس الانفرادى حصلت على نسخة من كتاب الناشط جورج جاكسون (الأخ سوليداد)، وهو عضو حزب الفهود السود الذى قتل رميا بالرصاص على أيدى حراس السجن بسبب أعمال شغب أتيكا.. وهذا الكتاب ألهمنى للإنضمام إلى مجموعة (المحامون يتحدثون)، التى توفر للسجناء موارد قانونية مجانية للدفاع عنهم.
وبحسب ما نشرته "سى إن إن" فإن السجناء الأمريكيين يتعرضون لمعاملة غير إنسانية، وأن هناك شكاوى متزايدة من التمييز العنصرى والقوة المفرطة فى التعامل من جانب إدارات السجون، مشيرة إلى أن غالبية السجناء طالبوا بإنهاء ما أسموه بـ"العبودية المقننة" داخل المؤسسات الإصلاحية الأمريكية.
وقالت الشبكة فى تقريرها المنشور اليوم، إنه فى حين يحظر التعديل الـ13 من الدستور الأمريكى العبودية ويسمح للسجناء بالعمل قليلا دون مقابل، يقول المدافعون عن حقوق السجناء أن الأمر يتجاوز حدود المعاملة الـ"لا إنسانية" ويرقى إلى العبودية.
وتضمن التحقيق المطول الذى نشرته "سى إن إن"، شهادات لمسجونين حاليين وسابقين، كشفوا فى رواياتهم عن مدى المعاملة الغير آدمية التى تعرضوا لها.
وكانت الرابطة الإصلاحية الأمريكية، أكبر منظمة معنية بالسجون والمعتقلات، قد مررت قرار فى وقت سابق من العام الجارى، يحث على إلغاء العمل الإجبارى للمساجين ودعت إلى برامج عمل تقدم أجور للسجناء على أساس الانتاجية.
وبينما مر 45 عاما على انتفاضة سجن أتيكا الأمريكى، الذين احتج خلالها السجناء على العمل الإجبارى دون مقابل، قالت "لجنة تنظيم العمال"، المناصرة لحقوق السجناء، إنه منذ 9 سبتمبر الماضى، فإن حوالى 50 ألف سجين فى ولايات أمريكية مختلفة شاركوا فى إضراب تم تنظيمه عبر وسائل الإعلام الاجتماعية من خلال الهواتف المحمولة والبريد العادى. مضيفة أن بعض السجناء لا يزالوا يحتجون.
وبينما نفى مسئولون فى ولاية تكساس وكارولينا الجنوبية حدوث أى احتجاجات من قبل السجناء، فإن المدافعين عن حقوق السجناء قالوا إن السجون شهدت أكبر وأهم إضراب فى تاريخ الولايات المتحدة.
وقال ديفيد فاثى مدير مشروع السجن الوطنى لدى اتحاد الحريات المدنية الأمريكية، "إن حقيقة حدوث هذا الاحتجاج فى عدد من الولايات فى نفس الوقت يشير إلى درجة من التخطيط والتطور الذى لم نراه فى السنوات الأخيرة".
وأشار إلى أن العديد من السجناء خاطروا بالانضباط والحبس الانفرادى أو زيادة مدة العقوبة لكى يحتجوا على أوضاعهم ويطالبوا بالتغيير داخل المنشآت الإصلاحية.
ويسمح التعديل الـ13 من الدستور الأمريكى بالرق والعبودية إذا كانوا يستخدمون كعقاب على جريمة. وبحسب مشروع مارشال، فإن برنامج العمل الاتحادى ينص على دفع 1.15 دولار أجر ساعة العمل داخل السجن بينما الواقع أن بعض السجناء لا يتلقون أكثر من 20 سنتا، وفى بعض السجون، من بينها سجن تكساس، فإنهم لا يرون أى نقود تماما.
وبحسب "سى إن إن" شارك كاستيلو، وهو من أصل لاتينى، فى الإضراب عن الطعام فى سبتمبر الماضى ضمن ما لا يقل عن 150 سجين فى سجن بولاية كاليفورنيا، بسبب ما يتعرض له من تمييز. وقال إن حراس السجن يلزمون اللاتينيين على ارتداء زى بلون مختلف عن اللون البرتقالى الرسمى للسجناء الأمريكيين.
وأضاف "كاستيلو" أن مسئولو السجن يلزمون اللاتينيين بارتداء الألوان المميزة لأعضاء العصابات، مثل اللونين الأخضر والأبيض وهو مخصص للمشتبه بانتمائهم لعصابة نورتينو أو الأزرق والأبيض الخاص بعصابة سورينوس، وهذه الملابس يمكن أن تؤثر على قرار القاضى فى قاعة المحكمة.
وروى أنتونى بيتس، الذى يقضى عقوبة تصل إلى 70 عاما بسبب قتل خطيبته، عن الظروف السيئة داخل السجن فى ميشيجان. ويقول أنه وزملاءه أعلنوا الإضراب عن العمل يوم 9 سبتمبر. وفى صباح اليوم الثانى عندما رفض حراس السجن تقديم وجبات ساخنة لهم واستبدلوها بسندوتشات الجبن، فإن نحو 500 سجين قاموا بوقفة سلمية.
وقام السجناء فى ميشيجان بتقدم قائمة من المطالب التى تضمنت تحسين نوعية الطعام والرعاية الصحية، التى تدفع تكلفتها الولاية. وبعد أن تفرق السجناء بطريقة سلمية، قام حراس السجن باقتحام المنشأة بالبنادق والغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل، حيث قاموا بتقييد وصعق نحو 200 محتج، مما دفع بعض السجناء لإضرام النيران فى المنشآه، بحسب اتحاد الشرطة.
ومنذ حملة القمع ضد المحتجين، قال بيتش إن السجناء لم يحاولوا استئناف احتجاجهم، خوفا من العقاب الرادع.
وسبق وأن تم الكشف عن وثائق لوكالة الاستخبارات المركزية "CIA" منتصف العام الجارى، بعد رفع السرية عنها، أساليب الاستجواب التى اتبعتها فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر، والتى اتسمت بالوحشية المفرطة من ضباط الوكالة تجاه المحتجزين والخاضعين للتحقيق.