مشهد استقبال الرئيس للسيدة منى السيد، فتاة البضاعة التى كانت مثالا للكفاح فى الحياة، لم يكن المرة الأولى التى يبدو فيها السيسى بصورة جابر الخواطر، فقد استقبل سيدة الفيوم التى تبرعت بحلقها، واستقبل سيدة قنا التى ظلت تعمل متخفية فى زى رجل حتى تربى أبناءها، وغيرهن كثيرات، فعل كل هذا من دون ادعاء أو استعراض، ورأيناه على طبيعته فى الإسكندرية مع أسرة غيط العنب يتناول الإفطار مع أسرة فقيرة، الرسالة الأكثر أهمية من الرئيس هى للمسؤولين فى كل محافظة وكل وزارة، أن يتحركوا ويبادروا ليقدموا ما يمكنهم تقديمه، وألا ينتظروا تدخل الرئيس، ولو كان كل مسؤول فى محافظته يعمل بهذه الطريقة ومن دون انتظار للتعليمات لتم حل مشكلات كثيرة.
عندما يفعل السيسى هذا فهو لاينتظر شكرًا او احتفاء، لكنه يتصرف بطبيعته، ولهذا فإن هذه الرسائل يستقبلها المصريون كما هى، ومن دون الكثير من الادعاءات والتنظير، وهى كيمياء الأغلبية الشعبية مع رئيس يعرفون أنه صادق وبسيط ومخلص، يثقون به، وربما لهذا كانت دهشة البعض من أن يتخذ السيسى قرارات اقتصادية صعبة، فى وقت تمارس فيه بعض جماعات الخراب دعوات التحريض. والإجابة أن السيسى اعتاد أن يصارح، ويثق فى شعب وثق فيه، هذه هى المعادلة البسيطة التى يحتاج بعض السياسيين لدراستها وفهمها، خاصة هؤلاء الذين تجمدوا عند مصطلحات ومفاهيم بلا معنى.
الرجل منذ أول لحظة له قال إن الوضع ليس سهلاً، وإن هناك حاجة لأن يعمل الجميع ويتحملوا، كان دائمًا مع العمل وضد التكاسل، ويعمل فى اتجاهات مختلفة ويشرح بصراحة ويوضح، ولهذا فإن اللقاء مع منى السيد التى عرفت باسم فتاة البضاعة كان تأكيدا لتقدير الدولة لمن يعملون ومن يكافحون ولا يكتفون بالشكوى.
الحقيقة أن الرئيس يرسل رسائل أهمها أن المسؤولين يجب أن يتحركوا مباشرة لمتابعة مشكلات الجماهير، وأن يسعوا لتقديم المعاونة لكل جاد من المواطنين، وفى الوقت نفسه أن الشعب عندما يشعر بالثقة فهو على استعداد للتحمل والصبر مادام يرى النتائج أمامه، الرئيس لا يفعل ذلك من أجل الاستعراض، ومع أن حالات أقل من ذلك فى الخارج تثير اهتمام كثيرين ممن يبحثون عن أى شىء يعكنن على الناس.
الثقة هى مفتاح العمل السياسى، وربما تكون الأحزاب والمجتمع ورجال الأعمال بحاجة إلى التحرك وتقديم ما لديهم، بشكل يسهم بالفعل فى تطوير المجتمع. فهل يتعلم هؤلاء من الرئيس؟.