أثار نبأ رحيل الزعيم الكوبى فيدل كاسترو "أبو الثورة الكوبية" الكثير من المشاعر المختلطة، فهؤلاء الذين كانوا يحترمونه ويرونه رمزا ثوريا رافضا للهيمنة الأمريكية يريد العمل من أجل الفقراء شعروا بالحزن الشديد، أما هؤلاء الذين اعتبروه رجلا مستبدا، خاصة المعارضة، فاستقبلت الخبر بنوع من الارتياح، دفع بعضهم – الكوبيون - فى الولايات المتحدة للنزول إلى الشوارع للاحتفال.
ولكن يمكن القول إن كثير من الدول العربية شعرت بالحزن اليوم وهى تودع كاسترو، الذى كان داعما للكثير من قضياها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فكان أول زعيم فى القارة الأمريكية يقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل عام 1973. وعُرف كاسترو عموما بمواقفه المناصرة لقضية فلسطين والمدافعة عن شعبها، وفقا لبيان من حركة فتح اليوم.
ووقع كاسترو عام 2014 بياناً دوليا للدفاع عن فلسطين، يطالب إسرائيل باحترام قرارات الأمم المتّحدة والانسحاب من الضفة الغربية والقدس الشرقية. كما أعرب الزعيم الكوبى مراراً عن دعمه لطلب فلسطين بأن تصبح عضواً فى الأمم المتحدة.
وبدأت كوبا بمناصرة القضية الفلسطينية تدريجياً بعدما استلم كاسترو الحكم. وكانت كوبا من الدولة القليلة من بين دول أمريكا اللاتينية التى تشجب العدوان الإسرائيلى كما طالبت بانسحاب إسرائيل الشامل من الأراضى الفلسطينية المحتلة ومن الجولان السورى المحتل.
وبتاريخ 27 يوليو 1970، دُعيت منظمة التحرير الفلسطينية لأول مرة لحضور احتفالات أعياد الثورة الكوبية. وفى عام 1972 صادرت السلطات الكوبية المركز الثقافى الإسرائيلى فى هافانا وكانت تبث منه الدعاية الصهيونية، بحسب البيان.
وظلّت البعثة الإسرائيلية الدبلوماسية بعد ذلك التاريخ موكلة إلى دبلوماسية برتبة سكرتير أول إلى أن أعلن كاسترو بتاريخ 9 سبتمبر 1973 فى مؤتمر القمة الرابع لدول عدم الانحياز المنعقد فى الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وبهذا كانت كوبا أوّل دولة فى القارة الأمريكية تقطع علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل.
غزو العراق
كما رفض الزعيم الكوبى الغزو الأمريكى للعراق، معتبرا أن قرار الاجتياح لم يكن من قبل الأمم المتحدة وإنما من قبل "دولة قوية وكان هدفها الأساسى السيطرة على مواد أولية أساسية تدعى النفط".
وأضاف القائد الكوبى حينها أن مبرر أسلحة الدمار الشامل الذى لجأت إليه الولايات المتحدة لاجتياح العراق لا أساس له من الصحة قائلا إن الولايات المتحدة هى التى تحتكر هذه الأسلحة.
كما اعتبر أن الرئيس العراقى المخلوع صدام حسين ارتكب أخطاء مثل الحرب على إيران فى 1980 واجتياح الكويت عام 1990، مضيفا فى مقابلة أجريت معه عام 2003 أنه "ارتكب بلا شك أخطاء".
وأشار كاسترو أن كوبا التى كانت حينها عضوا فى مجلس الأمن الدولى عارضت اجتياح العراق للكويت ودعمت العقوبات. ودعى حينها كاسترو صدام حسين للانسحاب قبل أن تستغل الولايات المتحدة الوضع و"تضرب العراق بشدّة".
القذافى
أما ضرب حلف شمال الأطلسى "الناتو" لليبيا للإطاحة بالرئيس الليبى معمر القذافى، فعارضه كاسترو بشدة ووصفه بأنه "تحالف عسكرى وحشى أصبح أكثر أداوت القمع غدرا التى عرفها تاريخ الإنسانية"، واتهمه بأنه أيضا أداة فى يد الولايات المتحدة. وأشاد بالقذافى لمقاومته.
وأعرب عام 2011 عن سخطهبعد مقتل القذافى وطريقة معاملة جثته التى قال إنها: "خطفت وعرضت مثل غنيمة حرب وهو سلوك ينتهك أبسط المبادئ الأساسية للمعايير الإسلامية والمعتقدات الدينية الأخرى."
وكانت الحكومة الكوبية سحبت دبلوماسييها من ليبيا بعد الإطاحة بالقذافى وقالت إنها لن تعترف بالمجلس الوطنى الانتقالى أو أى حكومة تشكل بمساعدة التدخل الأجنبى.
سوريا
أما عن سوريا، فقد قال كاسترو بعد وفاة الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد "إننا نقف مع نضال سوريا العادل، ونؤيد كل التأييد الرئيس الأسد فى تصدّيه للإمبريالية العالمية". وقال أيضاً "سوريا بقيادة الرئيس حافظ الأسد، قلعة ثورية للتحرّر والتقدم". وقد زار الزعيم الكوبى سوريا مرة واحدة عام 2001.
الجزائر
عُرف فيدل كاسترو بمواقفه المساندة لحركات التحرر وكان صديقاً للجزائر وكانت أول زيارة للرئيس أحمد بن بلة إلى كوبا فى أكتوبر 1962، ومن ثم توالت الزيارات بين رؤساء البلدين. وزار كاسترو الجزائر العام 1972 بمناسبة انعقاد مؤتمر دول عدم الانحياز، وكانت بينه وبين بومدين صداقة متينة.
وقام كاسترو فى مايو 2001 بزيارة إلى الجزائر التقى خلالها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومجموعة من القيادات، واستقبل كاسترو مؤخراً الوزير الأول عبد المالك سلال لدى زيارته لكوبا فى 13 أكتوبر 2016. وفى الحفل الذى أقيم احتفالاً بميلاد كاسترو الـ 90، ظهر الزعيم الكوبى ببذلة المنتخب الجزائرى الرياضية.