رفضت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، مشروعى قانونين مقدمين من النائب محمد عطية الفيومى، بتعديل قانون الإجرءات الجنائية، الأول خاص بإلغاء رأى المفتى فى قضايا الإعدام، والثانى يعطى المحكمة سلطة التقدير فى تحديد عدد الشهود الذين تستمع لهم.
ووافقت اللجنة على مشروع قانون الحكومة بتعديل قانون الإجرءات الجنائية، وأجلت نظر مشروع قانون الحكومة بتعديل قانون إجراءات الطعن لمدة شهر، استجابة لرأى المجلس الأعلى للقضاء.
اللجنة التشريعية ترفض تعديل المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية
كانت اللجنة التشريعية قد رفضت فى بداية اجتماعها، تعديل المادة 277 من قانون الإجرءات الجنائية، المقدم من النائب محمد الفيومى، ويقضى بإعطاء المحكمة سلطة تقديرسماع الشهود، وأكد أعضاء اللجنة أن النص الحالى أكثر انضباطا، ويحقق محاكمة عادلة للمتهم، وأن التعديل يخل بضمانات المحاكمة. وفى هذا الإطار، قال النائب محمد الفيومى، مقدم التعديل، إن الخصوم يقدمون أحيانًا قوائم للمحكمة بسماع شهود يصل عددهم إلى 200 و300، وهو أمر يجعل من الصعب على المحكمة تنفيذه.
ولفت "الفيومى" إلى أن هذا الأمر يمثل ثغرة أمام النقض، فى أن تقبل بالطعن على الحكم، مطالبًا بأن تُترك للمحكمة سلطة تقدير سماع الشهود.
فيما قال سامر العوضى، مستشار وزير العدل، إن الحكومة متفقة مع المبدأ، وهى تعد مشروع قانون بالتعديل بصياغة منضبطة، فيما طالبت الحكومة بتأجيل مناقشة التعديل لحين تقديم مشروع القانون المعدّ من جانبها، وأضاف "العوضى" أن هناك مشكلة فى أن القضايا تستمر بالمحاكم لمدد طويلة، ونريد تحسين صورة مصر فى الخارج بأن تكون المحاكمات أسرع، مشيرًا إلى أن المحكمة لا يمكن أن تتغافل عن سماع شاهد مؤثر فى الدعوى.
وطالب مستشار وزير العدل، بالتأجيل لحين عرض مشروع الحكومة، وإخضاع الامر لمزيد من الدراسة، مضيفًا أن الحكومة تتفق مع مبدأ التعديل المقدم من النائب، وأنها أعدت مشروع قانون أكثر انضباطًا فى الصياغة، وأن تعديل المادة 277 ليس فيه إخلال بحق الدفاع، لأن محكمة النقض إذا رأت أن هناك إخلالاً فى سماع الشهود، تسمح بالنقض، متابعًا: "فكرة التعديل سببها أنه أحيانًا يُطلب سماع مائة شاهد، ما يؤدى لتعطيل العدالة".
بهاء أبو شقة يرفض التعديل.. وجمال الشريف: تعطيل العدالة بسبب الإرهاب
وقال المستشار بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية، إنه لا يوافق على التعديل، لأنه يهدر مبدأ عالميًّا، هو شفوية المرافعة، ويؤدى لخلل تشريعى، لافتًا إلى أنه يهدر مبدأ أساسيًّا من ضمانات المتهم فى الحصول على محاكمة عادلة، ويصطدم بنصوص كثيرة، منها المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية، وهى أن من حق المتهم ودفاعه الاستماع لشهود الإثبات، ولذلك فإن النص فى قانون الإجراءات الحالى هو النص المنضبط الذى يتماشى مع باقى النصوص، لتحقيق عدالة ناجزة، مؤكّدًا رفضه لمقترح النائب عطية الفيومى.
وقال النائب جمال الشريف، إن النص 277 بقانون الإجراءات الجنائية، هو أحد أعمدة تحقيق العدالة، لافتا إلى أن تعطيل العدالة أمر طارئ، بسبب قضايا الإرهاب، لأن النيابة العامة تقدم كثيرًا من الشهود ممن لا فائدة لهم، ويجب على الحكومة توجيه النيابة لأن تقتصر على الشهود الذين لهم تأثير مباشر على الدعوى.
من جانبه، قال المستشار محمود فوزى، مستشار لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، إن الحكومة تقدمت فى 2015 بتعديل هذه المادة، وتم عرض مشروع التعديل على مجلس الدولة، وانتهى لمخالفته لأحكام الدستور، بسب بمخالفة حق الدفاع، لأن المحاكمات الجنائية لها ضمانات، أبرزها أن تستدعى ما تراه من الشهود، متابعًا: "هناك حكم للدستورية العليا ينص على أنه يتعين على المحكمة استدعاء الشهود الذين يطلبهم الخصم، والعهد الدولى فى الماد 14 ينص على ضمانات المحكمات العادلة، ووزراة العدل طورت المشروع بما يتلافى هذا الاعتراض الدستورى، لأن مسألة تغاضى المحكمة عن استدعاء شاهد أمر يرتبط بضمانات المحاكمة العادلة".
وقال النائب علاء عبد المنعم، عضو اللجنة، إنه يجب مراعاة اعتبارين، عدالة المحاكمة، وسرعة الإنجاز، لافتًا إلى أن توفير الضمانات الكافية للمتهم أهم كثيرًا من الإنجاز، مضيفًا: "قد يقتنع قاضٍ بشاهد واحد ويهدر باقى الشهود، ومحكمة النقض حين تنظر الموضوع ليست لديها قدرة على تبين أن هناك شاهدا مهمًّا وآخر غير مهم، لأنها لم تسمعه أصلا، وأؤيد بقاء النص دون تعديل، لأنه يحقق العدالة فى محاكمة متهم قد يكون بريئا".
وقال النائب إيهاب الخولى، إن قانون الإجرءات الجنائية أهم قانون بعد الدستور، ولا بدّ من أن يكون منصفًا للمتهم، لأن الأصل فى المتهم أنه برىء حتى تثبت إدانته، لافتًا إلى أن الضمانات ملك المتهم، وضمانات المحاكمة العادلة خط أحمر.
اللجنة ترفض إلغاء رأى المفتى فى قضايا الإعدام.. والحكومة: نتمسك به
وفى السياق ذاته، رفضت اللجنة تعديل المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية،المقدم من النائب محمد الفيومى، والخاصة بإلغاء استطلاع رأى المفتى فى قضايا الإعدام، وأبقت اللجنة على الأخذ برأى المفتى.
وقال المستشار بهاء أبو شقة، إنه يؤيد التعديل، لأن رأى المفتى تحصيل حاصل، ولا جدوى منه إطلاقًا، فى الوقت الذى رفض ممثل الحكومة هذا التعديل، مشدّدًا على أن الحكومة متمسكة باستطلاع رأى المفتى، حتى يكون الحكم صادرًا عن قناعة شرعية، لافتًا إلى أن رأى المفتى ينير الطريق للمحكمة، ويجب أن يكون إعدام المواطن معتمدًا وفق سند شرعى، مستطردًا: "الحكومة تتمسك بوجود رأى المفتى فى حكم الإعدام".
وعاود "أبو شقة" الحديث مرة أخرى، مطالبًا الحكومة بتقديم بيان تفصيلى لكل آراء المفتى التى تم تغييرها من قبل المحكمة، فى أى من القضايا، مؤكّدًا أن الاتجاه العالمى فى الأساس هو إلغاء عقوبة الإعدام، وأنه يتمسك بعرض الأمر على المفتى، وعلى الكنيسة بالنسبة للإخوة الأقباط.
وقالت النائبة سوزى ناشد، أنها لا ترى غضاضة فى الإبقاء على رأى المفتى إذا كان استشاريًّا، لأنه ضرورة مجتمعية وليس ضرورة دستورية، متابعة: "من غير الملائم فى هذا الوقت إلغاء رأى المفتى، لأنه سيؤدى لإحداث بلبلة فى المجتمع، وقد يكون من الملائم إلغاؤه عندما يتم تعديل القانون فى وقت آخر".
من جانبه، قال النائب محمد مدينة، إن وجود رأى المفتى ضرورة مجتمعية، وإلغاءه سيثير أزمة كبيرة.
تأجيل نظر تعديل قانون إجراءات الطعن لمدة شهر
وخلال الاجتماع، قررت اللجنة التشريعية، تأجيل نظر مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل قانون إجرءات الطعن لمدة شهر، لحين تقديم الحكومة قانون استئناف الجنايات، الذى نص عليه الدستور فى المادة 96، وذلك بناء على طلب مجلس القضاء الأعلى، الذى أرسل خطابا للبرلمان يطلب فيه إرجاء نظر التعديل المقدم من الحكومة لحين تنفيذ النص الدستورى باستئناف الجنايات.
كانت الحكومة قد تقدمت بتعديل لقانون إجرءات الطعن، يقضى بأن تحكم محكمة النقض فى الموضوع دون إعادة القضية للجنيات، حال قبولها الطعن، بينما طال أعضاء اللجنة التشريعية بتوفير الضمانة التى نص عليها الدستور، بعمل درجات استئناف فى محاكم الجنايات، قبل الموافقة على هذا التعديل.
ويتضمن مشروع القانون الذى تم تأجيله، والمقدم من الحكومة، استبدال نصوص المواد 39 و44 و46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، بالنص التالى: "مادة 39.. إذا قدم الطعن أو أسبابه بعد الميعاد، تقضى المحكمة بعد قبوله شكلا، وإذا كان الطعن مقبولا وكان مبنيًّا على مخالفة القانون، أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، تصحح المحكمة الخطأ، وتحكم بمقتصى القانون.
وإذا كان الطعن مبنيًّا على بطلان فى الحكم، أو بطلان فى الإجراءات، تنقض المحكمة الحكم وتنظر موضوعه، ويتبع فى ذلك الأصول المقررة قانونًا عن الجريمة، ويكون الحكم الصادر فى جميع الأحوال حضوريًّا".
مادة 44.. "إذا كان الحكم المطعون فيه صادرًا بقبول دفع قانونى مانع من السير فى الدعوى، أو صادر قبل الفصل فى الموضوع، وانبنى عليه منع السير فى الدعوى، ونقضته محكمة النقض، وأعادت القضية إلى المحكمة التى أصدرته لتحكم فيها من جديد، مشكلة من قضاة آخرين. ولا يجوز لمحكمة الإعادة أن تحكم بعكس ما قضت به محكمة النقض، كما لا يجوز لها فى جميع الأحوال، أن تحكم بعكس ما قررته الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض".
مادة 46.. "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة، إذا كان الحكم صادرًا حضوريًّا بعقوبة الإعدام، يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم، وذلك فى الميعاد المبين بالمادة 34، وتحكم المحكمة طبقًا لما هو مقرر فى الفقرة الثانية من المادتين 35 و39.
الموافقة على تعديل قانون الإجراءات الجنائية
كان القانون الوحيد الذى وافقت عليه لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، فى اجتماعها اليوم الأحد، مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، المُقدم من الحكومة للبرلمان، ومن النائب محمد مرعى وآخرين، ويتضمن تعديل الحكومة استبدال نصى المادتين 384 و395 (الفقرتين الأولى والثانية) من قانون الإجراءات الجنائية، بالنصين التاليين:
المادة 384: "إذا صدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات ولم يحضر هو أو وكيله الخاص يوم الجلسة، بعد إعلانه قانونًا بأمر الإحالة، وورقة التكليف بالحضور، يكون للمحكمة أن تحكم فى غيبته، ويجوز لها أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور.
ومع عدم الإخلال بسلطة المحكمة المنصوص عليها بالمادة 380 من هذا القانون، يكون الحكم حضوريًّا، إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة".
المادة 395: "إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته، أو قُبض عليه، أو حضر وكيله الخاص قبل سقوط العقوبة بمضى المدة، سقط الحكم الغيابى، سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات، ويحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويعرض المقبوض عليه محبوسًا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًّا حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يجوز للمحكمة فى هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابى.
فإذا تخلف المحكوم عليه فى غيبته أو وكيله الخاص عن حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر دعواه، اعتبر الحكم ضده قائمًا، فإذا حضر المحكوم عليه فى غيبته مرة أخرى قبل سقوط العقوبة بمضى المدة، تأمر النيابة بالقبض عليه، ويُحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى".