يبدو أن الكاتب الكبير نجيب محفوظ، حفيد مخلص للفراعنة، إلى حدّ توحّده معهم فى كثير من صفاتهم، وما تداوله العالم عنهم، ولعل أشهر هذه الأمور المتداولة "لعنة الفراعنة" التى تصيب كل من يجور على حماهم وممتلكاتهم وأسرارهم، وهو الأمر الذى تجلّى مع نجيب محفوظ فى أزمته الأخيرة، إلى حد يشى بأن لديه لعنة شبيهة تصيب مهاجميه، فمنذ أيام تطاول أحد أعضاء مجلس النواب على أديب نوبل الراحل، ووصف كتاباته بأنها "خادشة للحياء"، فانهال عليه سيل من التأنيب والاتهام بالسطحية، وهذا ليس الموقف الأول فى هذا السياق، لذا نستعرض عددًا من المحطات الشبيهة، والشخصيات التى هاجمت "محفوظ" ولم تسلم.
عبد الحكيم عامر يمنع "ثرثرة فوق النيل" بسبب الحشيش
قبل شهور قليلة من هزيمة يونيو 1967، كُتبت عدة تقارير من قبل عدد من المثقفين والسياسيين ضد رواية "ثرثرة فوق النيل"، وقدمت هذه التقارير إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، تتهم الرواية بالخلاعة، ما أغضب المشير عبد الحكيم عامر، بعدما وجد أبطالها فى غيبوبة دائمة بسبب تدخين "الحشيش"، وظن أنها تمسه شخصيا، فهدّد "عبد الحكيم" بالقبض على نجيب محفوظ، لكن جمال عبد الناصر أوقفه قائلا: "إحنا عندنا كام محفوظ يا حكيم؟!"، وبعد شهور قليلة حدثت نكسة يونيو لينتحر المشير عبد الحكيم عامر.
محمد الغزالى يعترض على نشر رواية "أولاد حارتنا" نجيب محفوظ
منذ نشر نجيب محفوظ لروايته "أولاد حارتنا" فى حلقات على صفحات جريدة الأهرام، خلال فترة الستينيات، ومع الحلقات الأولى، هاجم الشيخ محمد الغزالى الروائى العالمى نجيب محفوظ بضراوة، وطالب بعد كتابة عدة تقارير، بمصادرة الرواية ووقف نشرها، معللّا طلبه بأن الرواية لا تتفق مع قواعد الأدب، ولا يمكن أن يكون الإبداع الأدبى مستبيحًا للجنس، كما أن الرواية تعتبر أن وجود الله خرافة، وذلك حسب وصف الغزالى خلال لقاء تليفزيونى على إحدى القنوات العربية.
وبعد الهجوم على الرواية، طلب حسن صبرى الخولى، المبعوث الشخصى للرئيس جمال عبد الناصر، عقد لقاء بين محفوظ وعدد من شيوخ الأزهر المعترضين على نشر الرواية، وكان من بينهم ثلاثة كتبوا تقارير أوصت بمصادرة الرواية ووقف نشرها، وهم: الشيخ محمد الغزالى، والشيخ محمد أبو زهرة والشيخ أحمد الشرباصى، والعجيب أن نجيب محفوظ ذهب فى الموعد المحدد ولكن الشيوخ لم يذهبوا.
بعد سنوات قليلة من الواقعة، نشر الدكتور محمد الغزالى كتابه "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث"، وبنفس المنهجية التى هاجم بها نجيب محفوظ، حدثت ثورة على "الغزالى" بسبب نشره هذا الكتاب.
صفوت الشريف يعترض على إعادة نشر "أولاد حارتنا" عام 1988
هناك أقاويب عديدة تؤكد أن صفوت الشريف، وزير الإعلام خلال حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وراء عدم إعادة طباعة رواية "أولاد حارتنا"، وذلك خلال اجتماع لمجلس الوزراء عام 1988، إذ شهد الاجتماع مناقشة موضوع طبع الرواية، ورفض صفوت الشريف إعادة طبع الرواية، وبعد عدة سنوات تمّت الإطاحة بصفوت الشريف بعد قيام ثورة 25 يناير 2011، وبعدها تم القبض عليه وقضى بضع سنوات فى السجن.
عمر عبد الرحمن: "لو أن الحكم بالقتل نُفّذ فى نجيب محفوظ حين كتب لكان ذلك درسا لسلمان رشدى"
فى العام 1988 أيضًا، صدرت رواية "آيات شيطانية" للكاتب الإنجليزى من أصل هندى سلمان رشدى، والتى تعرضت لهجوم شديد، ما أدى لإصدار فتاوى عديدة بإهدار دم الكاتب، وعلق الشيخ عمر عبد الرحمن، مفتى الجماعة الإسلامية، على الرواية قائلا: "لوأن الحكم بالقتل نُفِّذ فى نجيب محفوظ، حينما كتب، لكان ذلك بمثابة درس بليغ لسلمان رشدى".
بعد هذه الفتوى، تم القبض على الشيخ عمر عبد الرحمن، وسجنه فى الولايات المتحدة بحكم بالسجن مدى الحياة، بعد اتهامه فى الضلوع فى تفجيرات نيويورك 1993.
يوسف البدرى يهاجم نجييب محفوظ فى مجلس الشعب
آخر الحاضرين فى قائمة المعتدين على حمى نجيب محفوظ، والممسوسين بلعنته، الشيخ يوسف البدرى، الذى شن هجوما حادًا على الروائى العالمى، متحجّجا بأنه أساء للدين و"من يسىء لدينى سأسحقه"، على حد تعبيره، وبعد هجومه على أديب نوبل، نُشر مقطع فيديو للشيخ على مواقع التواصل الاجتماعى، وهو يقوم بأعمال سحر وشعوذة، نتج عنه خروجه من المجلس بفضيحة، ويوضح الفيديو قيامه بعملية رقية شرعية مقابل 400 جنيه، ويظهر فى الفيديو وهو يعد النقود بلهفة.