مصر تملك قرارها، عليك أنت تفخر بذلك، عليك أن تفخر كثيرا بأن المنطقة من حولنا تعوم على بحر من المشاكل والنار، تنهار فيها دول وتغرق فيها مؤسسات وتحيا فيها دول سندا على ظهر دول أخرى واتباعا لقرارات وتصورات قوى أخرى، بينما مصر، كما عادتها، تقف صلبة قوية مستقلة القرار فى مواجهة كل هذه المخططات، وكل هذه الفيضانات السياسية والعسكرية والفوضوية، مصر سيدة قرارها وأرضها وذلك هو المهم.
ما يجرى فى المنطقة من حولنا فى سوريا وليبيا والعراق وحالة الاستقطاب والصراع يكشف عن استقطاب المصالح، ويدرك المراقبون حجم تحركات القوى الدولية لفرض إرادتها، ويدركون أيضا كيف قادت التدخلات الكارثية لدول كبرى إلى تفتيت وتهتك فى سياقات الأمن الإقليمى. ولعل اعترافات قادة أوربيين وأمريكيين بحجم الأخطاء فى إدارة الملفات بسوريا وليبيا يعطى انطباعا حول أهمية المواقف الواضحة التى تراعى الأبعاد الإقليمية والاستراتيجية المختلفة فى المنطقة.
مواقف مصر تنطلق من رؤيتها ومصالحها وأمنها القومى وأمن المنطقة، وهو موقف لا يقبل التلاعب، وتثبت النتائج الحالية صحة الموقف المصرى وبعد النظر فى التعامل مع القضايا فى سوريا وليبيا، الموقف هو الحفاظ على وحدة سوريا وحقن دماء الشعب السورى، ورفض وجود التنظيمات الإرهابية التى أسهمت فى إشعال الفتن والنيران فى المنطقة، وتريد أن تكون طرفا فى عملية سياسية لفرض أمر واقع للإرهاب، وهو أمر يضر بالأمن القومى المصرى والعربى ويفتح الباب لمزيد من التوتر والارتباك والفتن، وهى ضغوط لم توجد فى السابق، حيث لا يمكن لمصر أن تقايض قرارها بمساعدات أو معونات أو قروض مشروطة وتحرص على إنجاز التنمية المستقلة بالاستغناء والترشيد، ولا يمكن أن تغير مواقفها تحت أى ضغط، وفى نفس الوقت تحرص مصر على علاقاتها بالدول العربية جميعا، ولا تحاول فرض وجهات نظرها، كما أنها تنبه دوما إلى خطورة التحالف أو تقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية التى قامت كمخالب للدول والمصالح الكبرى وليس من أجل صالح الشعب العربى.
وعليه فقد كان موقف مصر واضحا تجاه تلك القضايا، وكان واضحا أكثر من القرارين الفرنسى والسورى بخصوص القضية السورية، كان الموقف المصرى واضحا تجاه دعم الشعب السورى ووقف العدائيات ومنع الإرهابيين من التوسع ودعم جهود الحل السياسى، بعد خمس سنوات أثبتت فيها التجارب أن الحل العسكرى لا يمكن أن يكون مناسبا، وأنه يقود لمزيد من التفتيت. وقد كشفت السنوات الماضية أن المستفيد من الفوضى هم الإرهابيون، وأن الشعب السورى يدفع ثمن مغامرات الدول الكبرى ومناوراتها، خاصة مع استمرار تنظيم داعش الإرهابى وإخوته مثل النصرة والفتح، بينما يتم استبعاد الشعب السورى بما فيه المعارضة الوطنية التى ترفض الفوضى والتنظيمات الإرهابية.، مواقف مصر الآن وغدا وبالأمس كانت وستظل لصالح استقلالها ولصالح الأمن القومى المصرى والعربى.