"أمناء السر.. اسم على غير مسمى".. مقولة عادة ما يرددها المتقاضين من الأهالى والمواطنين داخل أروقة المحاكم نتيجة التضييق الذى يتعرضون له من تلك النماذج من خلال إجبارهم على دفع الرشاوى لإنهاء بعض الإجراءات فى جلسة المحاكمة أو لمتابعة القضايا.
لم يختلف الحال كثيرًا بالنسبة لعددٍ من العاملين بوظائف مساعدة للقضاة، أو عضو النيابة العامة عن باقى الموظفين فى الجهات الحكومية الأخرى، فالرشوة والمحسوبية والوساطة هى العوامل الأكثر تأثيرًا على المتعاملين مع ضعاف النفوس من هؤلاء الموظفين، باختلاف مسمياتهم ما بين "حاجب محكمة"، و"أمين سر"، و"محضر" وسكرتير"، والأمثلة كثيرة على ضياع حقوق مواطنين ووقوع جرائم أكبر بين المتقاضين، بسبب ضياع مستند مهم من ملف قضية، أو سرقته أو حتى بيعه.
هذا الأمر أدى إلى وقوف مهنة القضاء فى "وش المدفع"، لأنه فى نهاية المطاف يعرض رئيس المحكمة أو عضو النيابة باستدعاءه من قبل التفتيش القضائى للاستماع لأقواله فى مثل تلك القضايا سواء كانت قضايا رشوة أو تزوير مستند أو حتى إهمال أدى الى ضياع أوراق القضية.
حظر النشر فى اتهام سكرتير نيابة ومحام بتزوير حكم قضائى بحلوان
ورصد "انفراد" عددًا من الحالات الفردية التى تقع داخل أروقة المحاكم والنيابات من قِبَل أمناء السر، حيث قرر المستشار نبيل صادق، النائب العام، الأربعاء الماضى، حظر النشر فى القضية رقم 16958 لسنة 2016 إدارى حلوان والمتعلقة بواقعة ضبط سكرتير تحقيق ومحام بتزوير أحكام قضائية.
أمين سر بمحكمة كفر الزيات متهم بتزوير حكم قضائى
وبتاريخ 18 يناير 2015، قررت محكمة جنايات طنطا، إخلاء سبيل "م. ط" أمين سر بمحكمة كفر الزيات الجزئية بكفالة 20 ألف جنيه، فى القضية رقم 14857 إدارى كفر الزيات تزوير حكم قضائى، بعد أن غيّر منطوق الحكم فى القضية رقم 31380 لسنة 2013 جنح كفر الزيات من عقوبة الحبس إلى إيقاف العقوبة.
تورط أمين سر وسكرتيرة ومحام بالتزوير فى محضر جلسة
وبتاريخ 30 أغسطس 2014، باشرت نيابة الأموال العامة بغرب القاهرة، برئاسة المستشار إسماعيل عدنان، التحقيق فى البلاغ المُقَدَّم من رئيس محكمة شمال القاهرة، يتهم فيه محاميا وسكرتيرة وأمين سر بالتزوير فى محضر الجلسة.
واستدعت النيابة المتهمين الثلاثة لسماع أقوالهم فى الاتهامات الموجهة إليهم، حيث أفاد رئيس المحكمة فى بلاغه بأنه فوجئ باختفاء أوراق فى محضر الجلسة واستبدالها بأوراق أخرى، وعندما سأل سكرتيرة وأمين السر، والمحامى المسئول عن القضية أكدوا أن هذا هو المحضر الأصلى بالمخالفة للواقع، مما أثار الشكوك والاشتباه فى اتهامه بالتزوير.
القبض على وكيل نيابة وسكرتير بتهمة الرشوة
وفى عام 2011، تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على وكيل نيابة الصف، وسكرتيره، متلبسين بتقاضى رشوة، بعد ورود بلاغ من صاحب شركة مواد بناء وعضو مجلس شعب سابق عن دائرة مركز أطفيح، ضدهما، قال فيه إن وكيل النيابة طلب منه من خلال سكرتيره مبلغ 50 ألف جنيه رشوة مقابل إنهاء إجراءات التحقيق لصالحهم فى قضية متهم فيها والد صاحب الشركة بإحراز سلاح بدون ترخيص، وقضية إهمال طبى بجمعية خيرية ملكه.
من جانبه، قال أحمد السيد، أحد المتقاضين، فى تصريح لـ"انفراد" أنه لا يمكنه ان يوجه سؤال أو يطلب استفسار داخل النيابة لأى سكرتير أو أمين سر لأحد المحاكم دون بذل الإكرامية أو ما يطلق عليه "الشاى" لتسهيل ما يريد.
وأضاف "السيد" أن أمناء سر المحاكم تضخموا فى الوقت الحالى على ما كانوا عليه فى السابق، فتجد أمين السر حالياَ يقطن فى أرقى المناطق السكنية فى مصر، ويرتدى ازياء من ماركات عالمية، ما يجعلك تشك أنك تتعامل مع رئيس المحكمة شخصياَ من خلال حديثه وتنطعه مع المتقاضين.
وفى هذا الشأن، يقول الدكتور أحمد مهران، استاذ القانون العام ومدير مركز الدراسات السياسية والقانونية، إن "المحامين بتوصيفات وبأسباب متغيرة لتسهيل الحصول على قضية سماع أو للإطلاع ما انتهى الية، أو لقرار المحكمة قبل كتابته، مؤكداَ أن مهنة السكرتيرة تحتك بالحديث مع المتهم أثناء التحقيقات وبعض العاملين من الموظفين يتحايلون على القانون للحصول على مبالغ الإكرامية من المتهمين، وهو ما يمكن أن يتم ضمن جرائم الرشوة فى بعض الأحيان".
وأوضح "مهران" فى تصريح لـ"انفراد":"أن جريمة الرشوة ركن مفترض أن يكون موظف عام أن يحصل على هذ’ الأموال للقيام بعمل بإعمال وظيفته امتناع عن عمل مصر على اجراءة، أو الامتناع عن عمل من اعمال وظيفته انه يعملها، أو يخل بطلب من واجب من واجبات وظيفته، ومن اشد حالات الرشوة وأكثرها انتشارا بين العاملين، والعقوبة هى السجن المشدد والعزل من الوظيفة، وغرامة ضعف قيمة ما أخذ فى حالة ثبوت الإدانة".
وأشار إلى أن هناك بعض من السكرتارية أو لجان من الخبراء يقدمون رشوة جنسية مقابل الإخلال بركن ما يحكم بصالحهم.
من ناحية أخرى، قال مصدر قضائى فى تصريح لـ"انفراد" أن أزمة امناء السر أصبحت على أجندة مجلس القضاء الأعلى، حيث سيتم مناقشة تلك الأزمة خلال ساعات التى اصبحت تتكرر بشكل مستمر وملحوظ من خلال وضع السبل والمعايير والضوابط لاختيارهم.