يتعرض الدكتور وليد فارس، مستشار الشئون الخارجية والشرق الأوسط للرئيس الأمريكى المُنْتَخَب دونالد ترامب، والمرشح لتولى حقيبة الشرق الأوسط بالإدارة الجديدة، لهجوم من قناة "الجزيرة" وعدد من المواقع الإخوانية وأخرى ذات توجهات إيرانية، حيث عرضت قناة "AJ" الرقمية التابعة لشبكة الجزيرة الإخبارية والمعروفة بتمويلها من قطر وميولها الإخوانية مؤخرًا؛ فيديو إنفوجراف تدعى فيه تواصل فارس مع "القوات اللبنانية" التى على حد زعمهم كان لها دورًا فى جرائم الحرب الأهلية بلبنان فى الثمانينيات.
وزعمت القناة أن "فارس" ساهم فى تدريب فكرى للقوات اللبنانية على علم بأن بعض عناصرها متهمة بضلوعها فى مذابح صبرا وشاتيلا عام 1982، كما نشرت القناة أنه عمل مع الرموز اليمينية بلبنان والمتهمة بالتعاون مع إسرائيل، وأنه هرب من لبنان بعد هزيمة ميشيل عون.
وادعت القناة الإخوانية عداوته للمسلمين، مما ينذر بتأثير ذلك على توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، باعتباره المعنى بحقيبة الشرق الأوسط منذ بداية حملة ترامب الانتخابية، ومعروف بتواصله المستمر مع وسائل الإعلام العربية لأنه يتحدث العربية بطلاقة، كما أنه ملم بأوضاع المنطقة وله العديد من الدراسات والأبحاث الخاصة بالشرق الأوسط.
وعن هذه الاتهامات قال توم حرب، رئيس تحالف "الأمريكى الشرق أوسطى" الداعم لترامب، إن الدكتور وليد فارس كان داعما لترامب وسياساته منذ البداية، وأن الهجوم عليه من قِبَل قناة الجزيرة المتحالفة مع الإخوان والتى تُعَد ستارًا للترويج لأفكارهم؛ جاء بسبب آرائه الواضحة بشأن الجماعة وما كانت تضمره لمصر، ودراساته السابقة عن الجهاديين وآخرها "مستقبل جهاد"، وهو من أكثر المحذرين من خطورة الفكر المتطرف على المنطقة بل والعالم، كما أنه كان من أكثر المؤيدين الأمريكيين للمصريين فى ثورتهم وكان له دور بارز فى تنوير أعضاء الكونجرس الذين زاروا مصر عقب الثورة واعترافهم بالشرعية الجديدة، كما كان له دور بارز فى التقريب بين مصر وحملة ترامب وعقد لقاء مع البرلمانيين أثناء تواجدهم مع الرءيس السيسى فى نيويورك وعمل على توضيح السياسات الأمريكية المؤيدة لمصر، وهم يخافون من الدور الذى قد يقوم به فى رسم سياسات الشرق الأوسط والتأثير المحتمل له على الفكر السياسى الجديد الخاص بالمنطقة خاصة فى ظل توقعات بترشحه لتولى حقيبة الشرق الأوسط.
وأضاف حرب لـ"انفراد": "روايات الجزيرة والإخوان والنظام الإيرانى عن الدكتور وليد فارس فى الثمانينات هى خرافية وسيناريواتها شبيهة بالأفلام من صناعة أجهزة الاستخبارات والبروباجاندا".
وتابع: "يحاولون اختلاق رواية تاريخية عن هذا الكاتب والمفكر غير مطابقة للوقائع، فهو كان محاميا وكاتبا وصحافيا فى مكتبه فى الأشرفية، بيروت، ويلقى محاضرات فى الجامعات بينما روايات الإخوان وإيران عنه زعمت أنه كان شخصا آخر يقود جيوشا وهو ابن ٢٤ سنة، بينما الوقائع تشير أن هنالك شخصا آخر يحمل نفس الاسم كان هو فى الصفوف الحربية للقوات وتدرج فى حزب الكتائب حتى وصوله إلى مركز الأمين العام لحزب الكتائب فخلط الاستخباراتيون الحابل بالنابل".
وهذه ليست المرة الأولى التى يقف فيها الإخوان ضد وليد فارس، ففى 2011 قَدَّمَ مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" والمعروف بعلاقاته مع الإخوان المسلمين رسالة إلى لجنة الأمن القومى فى الكونجرس تدعوها إلى عدم الأخذ باستشارة د وليد فارس بشئون الشرق الأوسط وما يخص الجهاديين وقد تم رفض ذلك الطلب.
وأثناء حملة المرشح ميت رومنى للرئاسة عام 2012 قدمت "كير" أيضًا طلبًا لـ"رومنى" بعدم اعتماد وليد فارس ضمن فريق مستشاريه، حينها اتهمت كير فارس بأنه كان ينتمى لميليشيا مسلحة أثناء الحرب فى لبنان.
وأوضح أن هناك مواقع أخرى ومجلات تهاجم فارس بالأكاذيب فقد نشرت مجلة مذر جونز إحدى الأذرع الإعلامية لإيران تقريرا يهاجم د.وليد فارس كتبه ادام سيور مستعينا بمصدرين لبنانيين، الناشط المدنى طونى نسى وعضو حزب القوات اللبنانية السابقة ريجينا صنيفر، هذا المقال تم إعادة نشره فى مواقع عديدة تابعة لليسار والإسلاميين، وفى ٢٠١٦، وخلال سباق الانتخابات الأمريكية وعندما عين ترامب د.وليد فارس مستشارا فى حملته، قامت نفس المجلة وبعد خمسة أعوام باعادة نشر نفس المقال وتم الترويج له فى العديد من المواقع الإخوانية وتلك المقربة من إيران.
من جانبه عَلَّقَ الدكتور توفيق هندى، المحلل السياسى اللبنانى والمستشار السابق للدكتور سمير جعجع قائد القوات اللبنانية، على هذه الاتهامات قائلاً: "فارس وقتها كان كاتبا محاميا فى الثمانينيات يدافع عن حقوق الإنسان ولم يدرب أى جندى فى القوات اللبنانية".
وأضاف أن فارس أطلق وقتها حزبًا سياسيًا صغيرًا وهو "الحزب اليمقراطى الاشتراكى الاجتماعى" فى المنطقة الشرقية من بيروت، وكانت أهدافه المطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وكان فارس من يسار الوسط وليس من اليمين المتعصب، وأضاف هندى أن لا علاقة لفارس بأى دور فى الحرب الأهلية بلبنان كما يحاول أن يروج البعض ظنا منهم أن هذا قد يؤثر على فرص تقلده منصبا فى إدارة ترامب.
ونفى هندى الادعاءات بأن وليد فارس كان عضوا فى حزب الكتائب، وقال إن من يقول هذا هو جاهل بتاريخ لبنان و تركيبته الاجتماعية، ونفى ان يكون وليد فارس مستشارا لسمير جعجع لأنه هندى كان وقتها المستشار، وطلب مراجعة ارشيف الصحف اللبنانية الصادرة وقتذاك.
جون حجار المدير التنفيذى للتحالف "الأمريكى الشرق أوسطى" أوضح أن الدكتور وليد يتعرض لهجوم شرس من قبل جماعة الإخوان من خلال بعض المواقع الإخبارية المتعاونة معهم وقناة الجزيرة فى مقدمتهم، وقد بدأ الهجوم منذ عمله بالحملة واشتد بعد التصريحات التى أطلقها بشأن نية ترامب تمرير قانون تصنيف الإخوان جماعة إرهابية عقب إقراره من الكونجرس، وهو مشروع القانون الذى يعتبر ميت رومنى أول من تقدم به وأيده عضو الكونجرس مايك بومبيو المدير الجديد بوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA.
وأضاف حجار أن مجلس النواب كان قد اقر هذا القانون بعد زيارة أعضائه لمصر خلال الفترة بين 2012 و2013، وهناك أكثرية تنتوى التصويت له، وعن الهدف من هذا الهجوم ضد فارس قال حجار الجزيرة ومن وراءها يهدفون تشويه صورته من خلال إظهاره بمظهر المسيحى اليمينى المتطرف المعادى للإسلام والإيحاء للرأى العام أن أى خطوات محتملة ضد الإخوان لا تستهدفهم هم بل تستهدف المسلمين ككل، وهذا عار من الصحة تماما و أكد أن مواقف فارس من المسلمين واضحة ولم يظهر بها أى تعصب أو عنصرية وهذا ما لمسناه خلال لقاءاته السابقة مع فضيلة شيخ الأزهر فى مصر.
فيما أشار أشرف أنصارا، أحد قيادات التجمع العربى الإسلامى، إلى أن الهجوم على فارس بدأ مع بداية عمله بالحملة الانتخابية باعتباره مستشار ترامب فى شؤون السياسة الخارجية، وكان الأكثر تعاطى مع الإعلام العربى فى حملة ترامب ومعنى بملف الشرق الأوسط ومكافحة الاٍرهاب كما كان من أبرز مهندسى اللقاء الذى عقد بين الرئيس السيسى وترامب بنيويورك وسعى لتحسين العلاقات مع مصر، لكن الإخوان ضد هذا التطور فى العلاقات وكانوا مستفيدين من فتور العلاقة المصرية الأمريكية خلال إدارة أوباما، وحقق فارس قفزة هائلة فى العلاقة بين قسم كبير من المسلمين وحملة ترامب وقتذاك، ويتابع " منذ تعيينه بالحملة بدأ فارس بالتواصل مع الدول العربية والإسلامية لا سيما تلك التى تواجه الارهاب والتطرف والتى تعتبر شريكة للولايات المتحدة، وساهم فارس فى بلورة الآراء حول كيفية اعادة تعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية والولايات المتحدة".
وأضاف أن فارس نجح فى مد جسور التواصل مع القيادة المصرية وزار القاهرة بشكل شخصى والتقى مسؤولين سياسيين منهم وزير الأوقاف وبابا الأقباط وعددا من الأكاديميين، وخلال هذه اللقاءات حاول توضيح المقصود بتصريحات ترامب حيال المسلمين، و التقى مع العديد من الدبلوماسيين الخليجيين والعرب، حيث أكد أن سياسة ترامب تجاه المنطقة لن تكون كسياسة أوباما، ولن تتخلى أمريكا عن حلفائها العرب، وأكد أنصارا أن حملة الجزيرة وغيرها تستهدف إبقاء أوضاع المنطقة كما هى و عدم تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة وهنا أود أن أوضح أن ليس فارس من يخلق التغيير فالتغيير قادم لا محالة ونابع من وعى الشعوب، كما حدث فى مصر فى 2013 وفى لبنان فى 2005 وإيران فى 2009 وكما جرى فى تونس أيضا.
وعن ادعاءات الجزيرة قال وليد فارس فى تصريحاتٍ لـ"انفراد"، أنه يتعرض لحملة واسعة من الجزيرة والإخوان وقال: "أتعجب من شراسة هذه الحملة وفى المرحلة الراهنة لن أرد على هذه الحملات التحقيرية، والتى يقوم بها قوى التطرف وأنا سأظل منشغلا ببناء الجسور بين المعتدلين والولايات المتحدة وأفضل التركيز على العمل الإيجابى لأن شعوب المنطقة بحاجة ماسة لهذه الجسور خاصة مع التغييرات الحادثة بأمريكا والغرب وسيكون لى ردود قوية على كل هذه الأكاذيب مستقبلا".
وأشار إلى أن فوز ترامب كان مفاجئة للإخوان وصدمة كبرى لهم، وهجومهم يعكس خوفهم الشديد من سياساته التى ينتويها، مؤكدا أن الهجوم الإخوانى كان منذ بداية عمله كمستشار فى الحملة ولكنه ازداد بعد إعلان فوز ترمب بالرئاسة مباشرة لأنه كان صدمة كبيرة بالنسبة لتلك الجماعة، وأكد أنه سيظل يعمل مع العرب المعتدلين وستظل مواقفه الداعمة لمصر ولن يثنيه هجوم الجزيرةعن ذلك ويظل يسعى للتقريب بين مصر والإدارة الأمريكية الجديدة بكل وسعه وأن الهجوم لن يثنيه عن مواقفه الواضحة الثابتة، وأنه يكن للمسلمين كل تقدير و عبر وقد سبق وعبر عن إعجابه الشديد بثقافة شيخ الأزهر وفكره التنويرى وأكد دوره والمفكرين المعتدلين فى الإسلام فى مواجهة آفة التطرف وهو ما أكد عليه الرئيس المنتخب ترامب،كما تطرق الحديث مع وزير الأوقاف فى لقاء سابق جمعهما عن كيفية مواجهة التطرف وفتح حوار مع مصر والعالم الإسلامى بالتعاون مع إندونيسيا والمغرب ودول الخليج حول كيفية مجابهة التطرف.
يذكر أن الدكتور وليد فارس له عدة مؤلفات عن الجهاديين التكفيريين كما له ستة مؤلفات عن الشرق الأوسط آخرها الربيع المفقود ومعروف بمواقفه وأرائه الصريحة ضد الإخوان المسلمين ومد النفوذ الايرانى فى دول المنطقة.، وكان فى مواقفه السياسية وتعليقاته الاعلامية مؤيدا لثورة ٣٠ يونيو مطالبا الادارة الأمريكية بدعم المصريين، وقد تعرض من قبل لانتقادات وقت أن تم اختياره كمستشار لـ"ترامب" من قبل منظمات أمريكية اسلامية وعربية مدعية معاداته الإسلام.