أقسى ما تواجهه ثورة يناير غير محاولات التشوية والتنكيل والتجريف والتجريم لكل من يحمل أسمها و شعاراتها، هو أن معسكرها ذاته لم يعد موجودًا على ارض الوقع - بمعنى أدق - لم يعد موجودًا على المستوى السياسى والحزبى، فبالنظر إلى الأحزاب التى تأسست عقب الثورة لتحمل مبادئها وتأخذ على عاتقها مهمة الدفاع عنها نجد أن أكبر تلك الأحزاب أما إنها تعانى انقسامًا حادًا أو أنها تصارع على صغائر الأمور والمناصب داخل قوقعه مقرتها.
وتحل الذكرى الخامسة للثورة هذا العام فى ثوب الحداد.. حدادًا ليس على أروح شهدائها بل على احيائها أيضا الذين أصروا دفن الرؤؤس على المواجهة والدفاع عن أبسط شعارات الثورة "العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية" بل أقصى من ذلك لم يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم ووجودهم وبقاءهم.
ما يلفت النظر ويستدعى الترحم فى الذكرى الخامسة، حزب المصرى الديمقراطى أخر حصون يناير الحزبية، ضربته الاستقالات، وترك كل من الأمين العام أحمد فوزى وأمين لجنة الشئون الخارجية حسين جوهر منصبهما معلنين عن يأسهما.
أحمد فوزى قال إنه استقال من منصبه كأمين عام لحزب المصرى الديمقراطى للتفرغ إلى العمل الحقوقى، مشيرًا إلى أن المناخ العام السياسى لا يستوعب سوى الصوت الواحد، وإن التجربة الحزبية لم يعد فيها أى أمل للتغيير.
وأكد فوزى أنه ليس لديه أى خلافات مع قيادات حزب المصرى الديمقراطى وأعضائه، مشيرًا إلى إن تجربة الحزب قدمت نموذجًا جيدًا خلال الـ4 سنوات، موضحًا أنهم تحملوا ثمن مواقفهم بقوة وشجاعة وقت حكم جماعة الإخوان.
وعن حزب الدستور أكبر الأحزاب التى كان يؤول عليها ويراهن الجميع، نظرًا لانضمام عدد لا بأس به من الشباب وتحديدًا شباب الثورة نجد أن الحزب يعانى أزمة حقيقية بعد انتهاء ولاية الدكتور هالة شكر الله التى قبل الحزب استقالتها 22 أغسطس 2015 ومنذ تاريخيه لم يعين رئيس للحزب وانخرط بعدها فى صراعات داخلية ابعدته عن المشهد العام.
على الرغم من انضمام حزب التحالف الشعبى لائتلاف الأحزاب اليسارية لخوض الانتخابات البرلمانية إلا أنه لم يتمكن من حصد مقعد واحد سواء فى القاهرة أو المحافظات، وأيضا حزب الكرامة الذى ينضم إلى صفوف أحزاب التيار الديمقراطى لم يتمكن هو الآخر من الحصول على مقعد، مرجعين ذلك الأمر إلى ندرة الموارد والمقرات فى محافظات مصر المختلفة.
السؤال الذى يفرض نفسه الآن بعد النظر إلى الحالة المزرية لأحزاب يناير، ما الذى تبقى لها سوى الذكرى والتذكير والترحم على أروح شهدائها.