منذ نهاية الحرب الباردة، عملت مجموعة متنوعة من البرقيات الدبلوماسية المسربة واعتقال نشطاء ومخبرين، مثل قرصنة اللجنة الوطنية الديمقراطية هذا العام، بمثابة تذكرة على أن روسيا والولايات المتحدة يتجسسان على بعضهما بشكل روتينى، وذلك بحسب تقرير أعدته صحيفة "نيويورك تايمز" ترصد فيه حالات طرد عشرات الدبلوماسيين الأمريكيين والروس منذ عام 1986.
ويأتى التقرير بعدما أعلنت الإدارة الأمريكية، يوم الخميس، طرد 35 مسئولا روسيا، بينهم دبلوماسيون، كخطوة انتقامية لما أقرته وكالات الاستخبارات الأمريكية من تدخل روسى فى نظام الانتخابات الأمريكية.
حملة "أوباما" لطرد دبلوماسيين "الأكبر" من 2001
وتشير الصحيفة الأمريكية فى تقريرها إلى أن هذه الحملة تعتبر الأكبر من حيث عدد الدبلوماسيين الذين يغادرون الولايات المتحدة منذ عام 2001، عندما تم ترحيل 50 مسئولا إلى روسيا بعد القبض على "روبرت فيليب هانسن"، الوكيل السابق بمكتب الفيدرالى الأمريكى للتحقيقات الذى اعتقل متلبسًا بتهمة التجسس لحساب المخابرات الروسية ضد الولايات المتحدة.
فى عام 2013، طردت الولايات المتحدة الأمريكية دبلوماسيين اثنين من الروس بعد مشاجرة غربية نشبت بعد اعتداء ضابط روسى بالضرب على دبلوماسى أمريكى خارج السفارة الأمريكية بموسكو.
وقد أذاع التلفزيون الروسى مقطع صغير من المشاجرة يزعم فيها أن الأمريكى كان أحد عناصر لوكالة الاستخبارات المركزية السرية ورفض إظهار هويته قبل دخول السفارة، فيما قالت وزارة الخارجية الأمريكية أن الأمريكى كان "دبلوماسى معتمد" وتعرض للاعتداء كجزء من المضايقات التى يتعرض لها العاملين بالسفارة الأمريكية من قبل السلطات الروسية.
روسيا تطرد مسئول أمريكى بسبب "باروكة"
وفى مايو 2013، أمرت الحكومة الروسية مسئول بالسفارة الأمريكية بمغادرة البلاد، وذلك عقب ما وصفته الصحيفة بواقعة "اعتقال هزلى"، إذ تم القبض عليه يحمل شعر مستعار (باروكة)، واحدة شقراء والأخرى بنية اللون، وخريطة لشوارع موسكو، ومبلغ 130 ألف دولار نقديًا، ورسالة تحتوى على عرض تعاون على المدى الطويل بأجر يصل إلى مليون دولار فى العام".
ومن جانبها، قامت الولايات المتحدة بترحيل 10 روس لاتهامهم بالانتماء لخلايا نائمة بعد اعترافهم بتهمة التآمر أمام محكمة اتحادية فى مانهاتن فى 2010. وتم استبدال الجواسيس بأربعة سجناء روس متهمين بالخيانة لتجسسهم لصالح واشنطن، وذلك بموجب صفقة أبرمتها كل من الدولتين.
وتضمنت القضية التى تم مقارنتها فى كثير من الأحيان إلى مؤامرة برواية بوليسية، أدلة على حروف مكتوبة بالحبر السرى، وأموال مدفونة.
وفى مارس 2001، طردت الولايات المتحدة 50 دبلوماسى روسى فى أعقاب اعتقال "هانسن" الخبير بمكافحة التجسس بوكالة التحقيقات الفيدرالية والذى تجسس لصالح موسكو لأكثر من 15 عامًا.
وتلقى "هانسن" مئات الآلاف من الدولارات بعد أن تطوع لتسليم أسرار الولايات المتحدة إلى روسيا، وتم القاء اللوم على الكرملين حينها، وردًا على ذلك، قامت روسيا بطرد عدة دبلوماسيين أمريكيين.
خيانة "ألدريتش أميس" لـCIAأضرت المخابرات الأمريكية
فى فبراير عام 1994، وبعد وقت قصير من إلقاء القبض على "ألدريتش أميس"، ضابط بوكالة الاستخبارات المركزية والذى اتضح أنه "عميل مزدوج"، قام مسئولون أمريكيون فى المقابل بطرد الدبلوماسى الروسى "ألكسندر ليسكينكو" – والذى تم وصفه بأنه كبير ضباط وكالة الاستخبارات الخارجية الروسية. وأوضحت الخارجية الأمريكية آنذاك أن "ليسكينكو" كان مسئول عن أنشطة "أميس" للتجسس ضد الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن خيانة ضابط الـCIA"أميس" وتسريبه معلومات إلى موسكو هو أكثر اختراق روسى تسبب فى ضرر للمخابرات الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وقد أدى إلى اعدام عدد من المسئولين السوفييت الذين كانوا يتجسسون لحساب واشنطن. وبعد سنوات من سقوط الاتحاد السوفييتى،، حرصت إدارة كلينتون على تشجيع العلاقات الودية والإصلاح ودعمت الحكومة الجديدة للرئيس بوريس يلتسين.
وفى نوفمبر 1986، تم طرد 55 دبلوماسيًا سوفييتيًا فى نوفمبر 1986 فى محاولة للحد من أنشطة التجسس. وردًا على ذلك، أمرت سلطات موسكو 260 موظفًا روسيًا بالتوقف عن العمل بسفارة أمريكا بروسيا. وكان هذا أكبر عدد من المسئولين الدبلوماسيين الذين يتم طردهم من قبل الولايات المتحدة فى آنٍ واحد.
وتقول الصحيفة إن الصراع نشأ بعد اعتقال موظف روسى بالأمم المتحدة بتهمة التجسس، والذى قابله رد الروس الذين ألقوا القبض على "نيكولاس دانيلوف" مراسل صحفى لوكالة أمريكية بموسكو، بعد اتهامه أيضًا بالتجسس، ولكن أطلق سراحه بعد أسبوعين.