أصدر مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أول دراسة له حول تقييم أداء النواب تحت القبة منذ بدء الجلسات وحتى الآن، والتى أعدها الدكتور يسرى العزباوى، رئيس منتدى الدراسات بمركز الأهرام للدراسات.
وقالت الدراسة إن تقييم أى برلمان، أو مقارنته بغيره، يجب أن يخضع لمعايير وأسس علمية منضبطة، منها تناول أداء البرلمان خلال فصل تشريعى كامل، أو تناول أداء الأعضاء والأحزاب خلال دور انعقاد سنوى، إلى جانب تناول أداء فئة اجتماعية معينة أو شريحة عمرية خلال دور انعقاد سنوى أو فصل تشريعى كامل.
تقييم الأداء السياسى للنواب
وأوضحت الدراسة أن نواب البرلمان توافرت فيهم مزايا إيجابية وكذلك سلبية، ومن أبرز سمات النواب قلة الخبرة أو الممارسة البرلمانية، فهناك ما لا يقل عن 65% من الأعضاء يدخلون البرلمان لأول مرة، وبالتالى هناك عدم معرفة بالممارسات البرلمانية المتبعة فى الأعراف والتقاليد البرلمانية المصرية على الأقل.
وتابعت الدراسة أن من بين سمات النواب تكالبهم على الإعلام والعكس، حيث تم رصد عدد من النواب مهتم بالتواصل مع الإعلام أكثر من اهتمامه بتطوير أدائه داخل المجلس أو خارجه ، ولوحظ إصدار عدد من النواب بيانات صحفية أو الإدلاء بالآراء الخاصة بهم حول بعض القضايا الخاصة بالبرلمان أو تلك المتعلقة بالأمور السياسية اليومية وتوزيعها على المواقع والجرائد، وهذا ليس فقط يفقد النائب القدرة على العطاء داخل المجلس، ولكنه ربما يوقعه فى المشكلات التى قد تترتب على هذه التصريحات، واستشهدت التصريحات بـ"نائب الحشمة" الذى طالب العضوات بارتداء ملابس أكثر حشمة.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك محاولات تصدير المشكلات للحكومة، حيث اتسمت البيئة التى انعقد فيها المجلس بحالة من حالات الترصد والمراقبة لأداء البرلمان، فضلاً عن حالة الهجوم غير معلومة المصادر على المجلس، وأنه برلمان جاء ليمرر ما تريده الحكومة أو السلطة من قوانين، وأنه جاء بشعبية ضعيفة لن تؤهله لممارسة اختصاصاته، وقد وضع هذا الأمر الأعضاء تحت ضغط معنوى ونفسى كبير، وهو ما تجلت مظاهره فى حالة الرفض المطلق لقانون الخدمة المدنية قبل أن يعرض حتى على لجنة القوى العاملة، والتى قامت هى الأخرى برفضه قبل مناقشته، وهو ما قوبل أيضًا من بعض الأعضاء بمحاولات مستمرة لتحسين صورة المجلس.
وأوضحت أنه من بين سمات النواب أيضا مرونة التحالفات داخل المجلس، فعلى الرغم من مميزات عدم وجود حزب أو ائتلاف، له الغلبة أو الأغلبية داخل البرلمان، والتى يأتى فى مقدمتها عدم سيطرته على المناصب داخل الهيكل التشريعي، وإتاحة الفرصة للأحزاب أو أية مجموعة منظمة داخل المجلس فى أن تلعب دورًا كبيرًا ومؤثرًا داخل أروقة المجلس، فإن هذا الأمر قد يشكل عبئًا على الحكومة، وذلك لأنها لن تستطيع أن تمرر بسهولة ما تشاء من قوانين إصلاحية، قد تتعارض مع مصالح فئوية داخل المجتمع.
وتابعت :"فى هذا الإطار فقد سادت فى البداية حالة من حالات الهجوم غير المبررة على تكوين تحالف "فى دعم مصر" الذى أراد تشكيل الأغلبية فى البرلمان، وقد أكد البعض – من النواب ومن الخبراء- بأننا أمام حزب وطنى جديد يريد السيطرة على الهياكل البرلمانية والأجندة التشريعية، وأنه أمر غير قانونى على الرغم من النص فى المادة 146 من الدستور على تكوين وتشكيل الائتلافات برلمانية، وقد تناسى هؤلاء بأن كل برلمانات العالم توجد بها أغلبية حزبية أو ائتلافية، وهو أمر طبيعى ومتعارف عليه فى كل النظم السياسية (الرئاسية أو البرلمانية).
وأشارت إلى أنه هناك غياب واضح لدور زعيم الأغلبية وهو يعتبر رمانة الميزان، فهو القائد أو المايسترو داخل البرلمان، حيث يلعب دورًا مهمًا وفى كثير من الأحيان يكون موازيًا ومساويًا، فى نفس القدر والصلاحيات، لدور رئيس المجلس فى هندسة وإدارة العملية التشريعية داخل البرلمان، متابعا "نعتقد أن زعيم الأغلبية فى برلمان 2016 لم يظهر بعد على الرغم من الدور الذى يقوم بها النائب سامح سيف اليزل فى محاولاته المستمرة فى لملمة شمل تحالف " فى دعم مصر"، فضلاً عن حالة عدم الوجود داخل القاعة الرئيسية للمجلس فى بعض الأحيان من قبله ومن قبل الكثير من نواب دعم مصر".
وأوضحت أن أداء رئيس المجلس، جيد، قائلة: "لا شك فى أن الدكتور على عبد العال لديه كفاءة وخبرة قانونية كبيرة ولكن المشكلة الرئيسة تكمن فى العدد الضخم المشُكل منه المجلس، 596 عضوًا، والعدد الكبير من القرارات بقوانين (341)، والتى وجب على المجلس مناقشتها فى 15 يومًا فقط، فضلاً عن وضع اللائحة القديمة، والتى توجد بها 32 مادة مخالفة للدستور الجديد، فضلاً عن حماسة النواب فى طلب المناقشة، وهو ما وضع رئيس المجلس فى حالة من الحيرة لبعض الوقت أو ظهر أدائه بأن به عجلة من الأمر، وعلى الرغم من هذا فإن أداء رئيس المجلس يبدو للوهلة الأولى منضبطًا وملتزمًا بالقواعد البرلمانية المتعارف عليه".
وأكدت أن من بين سمات هذا المجلس التحالفات الفئوية والجغرافية، حيث أثار بعض النواب أكثر من مرة مسألة "الطائفية الجغرافية" أو "الفئوية الاجتماعية" لأول مرة فى تاريخ البرلمانات المصرية، وذلك عن طريق تكوين تحالفات برلمانية على أساس جغرافى حيث تحدث بعض نواب محافظات الصعيد على سبيل المثال بأن هناك ضرورة بأن يكون منصب أحد الوكلاء لنواب الصعيد، وكان هناك حشد وتعبئة لنواب الصعيد فى هذا الإطار، وقد تمت إثارة هذه الحديث فى وسائل الإعلام، كما تحدث بعض الشباب على ضرورة تكوين تحالف يضم النواب الشباب فقط داخل البرلمان، وهو ما ينصرف بالضرورة على محاولات بعض النائبات من تكوين تحالف "نسائى" داخل المجلس".